جوست لاجنديجك
قتل 10 صحفيين وشرطيان بدم بارد في الهجوم المسلح ضد صحيفة” شارلي إبدو” الساخرة ما ولَّد حزنا وغضبا كبيرين في العالم أجمع. وفي الوقت نفسه شاهدنا ما لم نكن نتوقعه من الدعم والمساندة لمبدأ الصحيفة القائم على الحرية المطلقة في التهجم والاستهزاء بأي إنسان أو فكرة أو دين.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]في الحقيقة إن المسلمين هم أكثر ضحايا الإرهاب المقنع بقناع الإسلام ليس في باريس فقط بل في بيشاور واليمن وكثير من الأماكن الأخرى في العالم. وثمة مسوغات كثيرة جدا تحتم علينا ألا نتهم جميع المسلمين بالإرهاب جرَّاء هذا العنف البغيض. فذلك يعني نجاح الإرهابيين في مهامهم.[/box][/one_third]فحين تقرأون جميع التعليقات الواردة في الصحافتين الأمريكية والأوروبية لوجدتم توافقا بينهما في نقطتين حول كيفية الرد على المجزرة. فالفكرة المشتركة المعارضة لمبالغة شارلي إبدو في أسلوبها المستفز قد لخصتها صحيفة نيويورك تايمز بهذه العبارات الصحيحة: “إنه من السخف أن يُدَّعى بأن تفادي الهجمات الإرهابية يكمن في السماح لهم بالتعبير عما سيفعلونه ضمن المعايير الديمقراطية. ومن جانب آخر يجب عدم السماح لعرّابي معاداة الأجانب لأنهم يتحينون الفرص لتشويه صورة جميع المسلمين واتهامهم بالإرهاب”.
في الحقيقة إن المسلمين هم أكثر ضحايا الإرهاب المقنع بقناع الإسلام ليس في باريس فقط بل في بيشاور واليمن وكثير من الأماكن الأخرى في العالم. وثمة مسوغات كثيرة جدا تحتم علينا ألا نتهم جميع المسلمين بالإرهاب جرَّاء هذا العنف البغيض. فذلك يعني نجاح الإرهابيين في مهامهم. ومع ذلك فإن هناك مشاكل تسبب الإزعاج. ويرى كثير من المحللين أنه يجب ألا تتحول ردة فعلنا على مجزرة باريس دون الانتباه للرسالة الحادة التي تركتها الهجمة الإرهابية وذلك نظرا لما يقتضيه التحلي بالاعتدال والتفهم. فثمة احتمال لحدوث حرب ضد كل ما يدافع عنه المجتمع الديمقراطي. وقد نشر فرانسوا جودمنت على موقع اللجنة الأوروبية للعلاقات الخارجية في الإنترنت: “إن رسالة هؤلاء المتطرفين واضحة فهم يعلنون صراحة أنهم يريدون الحرب. وليس هناك حل وسط. وإن محاولات الإصلاح في العالم الإسلامي ستكون من أصعب الحروب لأن الحقيقة هي أن الإرهاب يستخدم العالم الإسلامي كأرضية له”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]هناك من يرون أن موضوع الإرهاب الإسلامي متعلق بالفساد والتمييز وليس لاهوتيا. فكثير من المسلمين في الحقيقة متفقون على أنها لا تحل إلا بحركة إصلاح إسلامية.[/box][/one_third]ويتطرق تحليل جودمنت إلى مشكلتين تستوجبان المزيد من الحذر والعقل السليم. الأولى كيف يمكن تجاوز هذه المعضلة الثنائية: فمن جهة يجب توجيه ضربات شديدة للمجموعات الصغيرة ذات الأعداد القليلة ويدعي انتماؤها إلى الإسلام وذات العنف والعناد الشديدين. ومن جهة ثانية تكثيف الحوارات التي كثيرا ما أبدى غالبية المسلمين رغبتهم فيها في الوقت الحالي لأنهم لايعترفون بالأعمال الإرهابية. وهل ستتمكن أمريكا وأوروبا من إيجاد طريقة لمحاربة الإرهابيين دون هوادة ودون أن تزيد شعبيىة المتطرفين بين المسلمين في الوقت نفسه؟ وكم سيكون مقنعا نداءُ رجال الدين المسلمين والمنظمات الإسلامية في الغرب للدفاع عن كيان المجتمع الحر في الوقت الذي تعاني فيه الأقليات المسلمة من الأحكام المسبقة؟
والثانية هي أن هناك من يرون أن موضوع الإرهاب الإسلامي متعلق بالفساد والتمييز وليس لاهوتيا. فكثير من المسلمين في الحقيقة متفقون على أنها لا تحل إلا بحركة إصلاح إسلامية. وقبل أحداث باريس بعدة أيام دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المؤسسات الدينية في القاهرة إلى ثورة دينية تزيل الآراء الدينية المتطرفة المستندة إلى العنف وعدم التسامح في الأمر الذي نجده في تنظيمات كالقاعدة وداعش. وأثار كلامه انتقادات بين أغلب المسلمين ولم يكن ذا تأثير.
لكن هذا السؤال لن يغيب عن الأذهان لأنه ما من أحد في هذا الوقت يعرف كيف سيخطو خطوة لتبدأ مرحلة كهذه.
ولا يمكننا الحيلولة دون استفزاز الإرهابيين الذين يدّعون انتسابهم إلى الإسلام والمسلمين ومنع تحول جميع الأطراف المتحاورة إلى الراديكالية والتطرف إلا إذا تباحثنا في هذه المشاكل المزعجة باهتمام أكثر.