مصطفى أونال
خيمت أحداث الإرهاب على مطلع سنة 2015 التي استقبلناها بآمال كبيرة. فقد فزعنا كثيرا في أول يوم من عامنا هذا في قصر دولما بهشه بمدينة إسطنبول. والحمد لله على أنه لم تحصل حوادث وفاة. ولم تحقق الهجمة على الشرطة غايتها. ولم نعرف ما إذا كان فشل الهجمة ناجماً عن نقص في الخبرة أو أنها كانت مجرد “رسالة”. وقد ذكرت تقارير مخابراتية أن المدن باتت تحت تهديد الإرهاب.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ليست فرنسا وحدها هي المذهولة والمذعورة بل العالم أجمع. ومع الأسف فقد اقترن الإرهاب باسم الإسلام من جديد بسبب هوية المهاجمين. ولن يخفّف أي شيء حجم حزننا على هذه الحادثة. فنحن معتنقون لدين اسمه الإسلام الذي يعني السلام لذلك لايسعنا في هذا الصدد إلا أن نلعن من يشوه صورته الناصعة بالعنف وإراقة الدماء. ولا شك في أن الهجمة ألحقت الضرر بالإسلام أكثر من الكاريكاتير وغيره من المنشورات المسيئة له.[/box][/one_third]كما شعرنا بخوف شديد لما جرى في منطقة السلطان أحمد. حيث فجرت امرأة نفسها ما أدى إلى استشهاد شرطي ولم يتم الكشف عن أسرار التفجير وملابساته حتى اللحظة. وكانت التوقعات تشير إلى أحد التنظيمات ولكن تبين أنها توقعات خاطئة. ولم تُؤكد صحة هوية الإرهابية بعد أن ذُكر اسمها في اليوم الأول من الحادثة. وللتأكد من هوية السيدة الانتحارية تم استدعاء والدتها فأكدت أن الجثة ليست لابنتها. وفي يوم 8 يناير/كانون الثاني الجاري تبيّن أن السيدة الانتحارية تحمل هوية أجنبية.
ولانعلم النتائج المحتملة التي سنتوصل إليها من خلال البطاقة الشخصية التي كانت بحوزة المهاجمة الإرهابية. وكل هجمة إرهابية تحمل في طياتها أكثر من رسالة. ومن المؤكد أن حادثة السلطان أحمد ليست بالأمر السهل. ولم تُعلم بعد أهداف هذا الهجوم الانتحاري. ولم تُعرف الجهة المخططة. صحيح أن هناك بعض الإشارات ولكن حتى يكون التقييم صحيحاً علينا الانتظار قليلاً.
وقد بحثت عيون الناس عن شيئ في جنازة الشرطي الشهيد لكنهم لم يروه إذ لم يشارك أحد من المسؤولين في أنقرة في جنازة الشهيد. ولم يظهر أي مسؤول من الحكومة لا في إسطنبول ولا في مدينة الشرطي طرابزون. فعلى الأقل كان من المفترض أن يشارك وزير الداخلية أفكان علاء في تشييع الجنازة. ولا يمكن الاعتذار عن عدم حضور الجنازات. فالحكومة تركت الشرطي الشهيد لوحده. إذ لا يكفي إرسال الرسائل من بعيد.
وتبادر إلى الأذهان هذا السؤال: هل ثمة علاقة بين حادثتي السلطان أحمد وباريس؟ حيث تساءل الجميع عن ذلك. ولو كان قد تم فكّ شفرة الهجوم وأسراره لكانت التوقعات والتعقيبات سهلة. لكن حادثة السلطان أحمد تظلّ غامضة حتى الآن. ونكتفي بالقول إن هناك علامة استفهام في العلاقة بين الهجومين.
وبعد يوم واحد من حادثة السلطان أحمد وقعت الحادثة المفجعة في باريس. إن فرنسا دولة يعيش فيها عدد لايستهان به من المسلمين كالجزائيين والمغاربة. وكان الإعلام هو الهدف بالنسبة للإرهاب هذه المرة. فقد هاجم بعض الإرهابيين مجلة شارلي إيبدو بعد أن امتلأوا غيظاً بسبب رسوم الكاريكاتير التي نشرتها وذلك في أثناء عقد اجتماع في مبنى المجلة. وتسببوا بقتل 12 شخصاً بينهم شرطيان أحدهما مسلم واسمه أحمد.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ما من عذر يبيح الإرهاب وما من سبب يخفف من فظاعته. فقد يكون الوجه الداخلي له مختلفاً كما يقول البعض. فمن الممكن أن تكون هناك مؤامرة أو تحريض أو انتهاكات أو فتن.. وما إلى ذلك. لكن علينا ألا ننسى أن القائمين بكل ذلك هم مسلمون. وهنا تكمن المشكلة. صحيح أن العالم الإسلامي يبدي ردات فعل على الإرهاب لكنها غير كافية.[/box][/one_third]وليست فرنسا وحدها هي المذهولة والمذعورة بل العالم أجمع. ومع الأسف فقد اقترن الإرهاب باسم الإسلام من جديد بسبب هوية المهاجمين. ولن يخفّف أي شيء حجم حزننا على هذه الحادثة. فنحن معتنقون لدين اسمه الإسلام الذي يعني السلام لذلك لايسعنا في هذا الصدد إلا أن نلعن من يشوه صورته الناصعة بالعنف وإراقة الدماء. ولا شك في أن الهجمة ألحقت الضرر بالإسلام أكثر من الكاريكاتير وغيره من المنشورات المسيئة له.
ما من عذر يبيح الإرهاب وما من سبب يخفف من فظاعته. فقد يكون الوجه الداخلي له مختلفاً كما يقول البعض. فمن الممكن أن تكون هناك مؤامرة أو تحريض أو انتهاكات أو فتن.. وما إلى ذلك. لكن علينا ألا ننسى أن القائمين بكل ذلك هم مسلمون. وهنا تكمن المشكلة. صحيح أن العالم الإسلامي يبدي ردات فعل على الإرهاب لكنها غير كافية. فقد كان على العالم الإسلامي تجهيز حملات قوية لإقناع الرأي العام الدولي بتغيير الصورة المشوهة للإسلام قبل أن تجري أحداث باريس. حيث كانت الانتقادات وردات الفعل ضعيفة. وكان بإمكان تركيا أن تلعب دورا أكثر حيوية.
كان من المفترض على الدولة والجامعات بما فيها كليات الشريعة ورئاسة الشؤون الدينية أن تجهر أكثر بصوتها في التنديد بالجرائم الإرهابية. حيث إن رئيس الشؤون الدينية لم يتحدث إلا بعد يوم كامل مما جرى مع أنه يجب أن يكون أول المتحدثين. ولعل سبب تأخره في الحديث عن هجوم باريس أنه يبذل كل قواه في سبيل السياسة الداخلية. ولايمكن أن نقول إن صورة تركيا إيجابية بسبب ما حدث في سوريا. ولذلك فالكلام وحده لايكفي.
إن التشخيص القائل بأن “هذه الهجمة بمثابة هجمات 11 سبتمبر/ أيلول بالنسبة لأوروبا” صحيح. بل قد تكون نتائجها أسوأ بكثير. فالرياح التي تهب ضد الإسلام ستكون أشد وطأة بعد الآن. فمن الواضح أن أمريكا وأوروبا ستزيدان من الأحكام المسبقة بحق المسلمين. ويحتمل أن يدور الحديث حتى حول الماضي الذي يذكر بالحروب الصليبية. يجب أن نتجهز لما قد ينجم عن مجزرة باريس الدموية من نتائج وخيمة. فالأخبار القادمة من باريس كالهجمات على المساجد سيئة للغاية.
ومع أنه يمكن إرجاع ذلك إلى التأثر بالحادثة التي كانت لاتزال ساخنة وموجات الغضب الأولية لها. ولكن من الواضح أن المسألة لن تهدأ بسهولة. وأخشى ما أخشاه أن تتعمق هذه الصدمة. وثمة مهمات كبرى تقع على عاتق العالم الإسلامي لتغيير جهة الرياح هذه.