نامق تشينار – صحيفة طرف
عبرتُ دائما عما يجول في فكري دون تردد. لست من المنتسبين إلى أي من الجماعات الدينية حتى أنضم إلى قافلة الانتهازيين الذين يسعون وراء مصالحهم.
لأنه عند ذكر حركة الخدمة يتحفظ الكثيرون ويجدون صعوبة في الكلام. فمنهم من يحجم ومنهم من يتهرب. فكأنهم مجموعات تتناثر هنا وهناك وهم يتهربون من الحديث في حركة الخدمة.
ومنذ استهدف أردوغان حركة الخدمة بات جميع المستفيدين من عطاءات حكومة العدالة والتنمية يسعون إلى الحفاظ على مواقعهم بدءا من الفقير الذي ينتظر الإعانة الشهرية وانتهاء بالغني الذي يطمع بالفوز بمناقصة ما. وهم يتحدثون عن حركة الخدمة وكأنها منبع فساد جاء من كوكب المريخ.
فإن كان المتدينون الذين تسربوا في مناصب الدولة من حركة الخدمة شياطين! فهل إسلاميو العدالة والتنمية الذين لا يعرفون الشبع ملائكة؟!
وما معنى التسرب في مناصب الدولة؟
أحدهم قاض منذ 30 سنة. فهل هذا يعني التسرب؟
وما الذي ستقولونه للكماليين حول هذا التسرب؟
لكنكم لاتستطيعون قول أي شيء يسيئ إليهم كما كنتم في السابق لأنكم على ائتلاف ضمني معهم حاليا، أليس كذلك؟
في الحقيقة أرى المساوئ عند حزب العدالة والتنمية وليس عندهم (محبو حركة الخدمة).
فأنا أرى لدى أولئك 1300 مدرسة مفتوحة في 160 دولة مختلفة من دول العالم.
وأراهم كشفوا عن فساد وعفن السياسة كلها وكشفوا عن مرتكبيه.
كيف لي أن أتخذ منهم موقفا عدائيا وأسامح حزب العدالة والتنمية الذي يعمل على تأسيس سلطنة تعسفية وتخريب الديمقراطية في هذا البلد وينزعنا عن الغرب ليجعلنا شرق أوسطيين. وليجعل مستقبلنا مظلما في جميع المجالات؟
ثم إنني ما رأيت لصا واحدا من محبي حركة الخدمة.
وما رأيت من حركة الخدمة ما يحث على إساءة استغلال قانون المناقصات لإحداث طبقة من الأغنياء غير الشرعيين من محبيه.
فإن كان هناك ما يدل على ما قلت فاكشفوا عنه اللثام.
ولكن افعلوا ذلك بشهامة وبطرق عفيفة نزيهة بعيدة عن الشوائب.
فإن عثرتم على لص بينهم ولم أكتب عنه في هذه الصحيفة فأنا عديم المروءة.
إلا أن الوضع في الواقع على عكس ذلك تماما…
فأنا الآن أقول في نفسي إنه من حسن حظنا أن كانت هناك جماعة حركة الخدمة التي كشفت النقاب عن كل ذلك الفساد والمساوئ. وذلك إن كان الأمر كما قلتم يعني إن كان محبوا الجماعة هم من قاموا بعملية كشف الفساد في 17-25 ديسمبر 2013.
وهل في رأيكم كان من الأفضل لو لم يكونوا قاموا بتلك العملية أبدا؟
أو كان من الأفضل لو كانوا يتعاونون معكم لتستغلونا معا؟
فأي من هاتين الحالتين فيها مصلحة الشعب؟
أليس لمصالح الشعب أية أهمية في نظركم؟
أضف إلى ما أسلفت من كلام فأنا بصفتي معارض للإسلام السياسي أصلا فالنظام الديني الذي قد يحكم تركيا لا يجذبني ولا يمثلني أبدا.
لكن الحقيقة والواقع أننا نعيش في مرحلة يتحكم فيها المتدينون في السياسة.لذلك فإن المشكلة تعنيني أيضًا.
ولذلك فمن المؤكد أنني لن أنحاز إلى حزب العدالة والتنمية الذي غدا كمزرعة خاصة لأردوغان في الصراع الدائر بين الطرفين.
وهل الطرف الآخر (حركة الخدمة) مزرعة خاصة لكولن؟ لا أدري فربما يكون كذلك.
لكن هل كنت مجنونا حتى أقف في صف أردوغان وأؤيده ما دام هو الذي في السلطة وهو الذي أرغب في رحيله وهو الذي يؤثر فيَّ مباشرة.
فهل أتباع حركة الخدمة يقومون بأعمال تخالف القانون؟! فمنذ عام وإلى الآن لم يتركوا وسيلة لإقناعنا بذلك إلا واتبعوها، ولا أعتقد أنهم تمكنوا حتى من إقناع أكثر الأطفال بساطةً وسذاجة. ولا أظن أن أحدا بإمكانه أن يستغل السلطة لمصالحه الشخصية في هذا البلد أكثر من أردوغان.ففي البداية كنتُ أتوقع من أردوغان بعض الإنجازات النافعة للبلد والشعب. لكننا أخطأنا في توقعاتنا. إذ اختار هو أيضا مصالحه الشخصية.
والحجج التي تتحجج بها الحكومة عبارة عن الادعاء بأن ثمة مؤامرة ضد المسؤولين في الجيش (يقصد المعتقلون في قضية شبكة أرجنيكون الإرهابية).. وهناك مؤامرة على اتحاد المجتمعات الكردستانية KCK(أعضاؤه الذين قبض عليهم باتهامهم بالقيام بأعمال إرهابية).. وثمة محاولة انقلاب ضدها(الحكومة) !
فهل علي أن أتعلم معنى الانقلاب ممن أمضى خدمته العسكرية كمسؤول عن المقصف(البوفيه)، وأنا الذي عشت مراحل الانقلابات فعليا حيث كنت ضابطا في الجيش نشأت فيه منذ مقتبل عمري وعانيت من مشقة الانقلابات كثيرا؟!
كل هذه التهم لفقها أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين أرادوا إنقاذ أنفسهم.
فالانقلابيون (متهمو أرجينيكون) وأعضاء اتحاد المجتمعات الكردستانية (الذين اعتقلوا سابقا) حصلوا على رد الاعتبار وأعادوا المياه إلى مجاريها مستفيدين من هذا الاتهام الملفق. وحزب العدالة والتنمية الذي يعاني من ادعاءات الفساد أصبح في خندق واحد إلى جانب كل من الانقلابيين والأكراد الانفصاليين الذين عاشوا حربا لمدة 30 عاما بسبب المصالح المشتركة وليس بسبب مصالحة بينهم.
لكنني لا أنخدع بذلك.
ولايمكن لي أن أكون من ضمن الذين يقذفون الحجارة على حركة الخدمة التي حكم عليها أردوغان وحزب العدالة والتنمية بعقوبة” الرجم” ويسعى قصارى جهده لانفاذ هذا الحكم.