بقلم: مصطفى أونال
استعاد عبد الله حباني مساعد رضا ضراب يوم أمس 23 ديسمبر/كانون الأول 2014 الأموال التي صادرتها قوات الشرطة في 17 ديسمبر/ كانون الأول.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]ما الذي سيفعله حزب العدالة والتنمية في 5 يناير/كانون الثاني؟ هل سيُخرج أرنبا جديدا من القبعة؟ لاتقولوا ثمة دستور وقوانين. فلا يمكن القول إنه يأبه بها كثيرا. ولكن الخروج من الورطة ليس سهلا. فكل قرار ستكون له نتيجة سياسية تؤدي إلى خسارة ما. [/box][/one_third]والأموال ليست بالقليلة فقد تم استلامها ونقلها في حقيبة سفر كبيرة وحقيبة أخرى تُحمل على الظهر. وقد تبرع بفوائدها للهلال الأحمر التركي. فكم هو محب لفعل الخير! وقد تقرر إعادة أموال نجل معمر جولار وزير الداخلية المستقيل والتي ادعى بعضهم أن رجال الشرطة هم الذين وضعوها في بيته ليفتروا عليه.
ومن سخرية القدر أن تسليم الأموال حدث في الذكرى السنوية الأولى لعملية الكشف عن الفساد (17- 25 ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي). فلاشك في أن صورة الحقيبة الممتلئة بالأموال ستسجل ضمن الصور التي لايمكن نسيانها.
والمكان الذي كانت تتوجه إليه الأنظار في هذا الموضوع هو البرلمان. ولكن صورة الحقيبة الممتلئة بالأموال فاجأت الجميع. إذ كان من المزمع أن تتخذ لجنة تقصي الحقائق قرارها حول 4 وزراء في آخر يوم عمل في 2014 قبل العطلة. وكان الجميع ينتظرون بفارغ الصبر صدور ذلك القرار. وحتى لايؤثر ذلك القرار في النقاشات حول الميزانية أجلوا موعد الاجتماع إلى الساعات المتأخرة من يومه. ثم اجتمعوا لكنهم أجلوا هذه المرة التصويت لإصدار القرار ( في إحالة الوزراء إلى المحكمة العليا أو عدم إرسالهم). وهكذا تأجل القرار إلى 5 يناير/كانون الثاني من العام المقبل. أي إن اتخاذ القرار حول ما وقع في 2013 تم تأجيله إلى 2015.
وقد اقترب الموعد. فآخر موعد لتقديم التقرير إلى البرلمان هو 9 يناير/كانون الثاني. ولامجال للتمديد أكثر. وقال رئيس البرلمان جميل تشيشك: “إنهم مضطرون لتسليم التقرير إلينا في ذلك اليوم”.
وقبل الحديث عن القرار أود التطرق إلى اللجنة. لا يمكن أن نقول إن اللجنة تعمل بشكل صحيح. فبدلا من التحقيق المتعمق في الادعاءات المطروحة أخذت تماطل. كما أخفيت ملفات المذكرة عن أعضاء البرلمان. وقد مضى الوقت كعملية تصوير بطيء. ولم يحدد حزب العدالة والتنمية اسم أي مرشح في اللجنة لمدة شهرين.
طبعا لم نكن نتوقع العمل بشكل يومي. ولكنهم لم يعقدوا سوى 10 اجتماعات طوال 4 أشهر. فلا أذكر أن لجنة ما كان عملها قليلاً إلى هذه الدرجة. وقليل من الأشخاص تم الاستماع إليهم. ولم يستجب رضا ضراب لدعوة البرلمان (ليحضر أمام اللجنة) بحجة أنه مريض. وإن مركز تجلي الإرداة الوطنية (البرلمان) تقبل هذا الاستخفاف منه. فقد خيم ظل شاب إيراني على البرلمان التركي للأسف. ولم يُستدع رجال الأمن الذين نفذوا عملية كشف الفساد يوم 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013 مع أنهم قالوا: “استمعوا إلينا أيضا”.
وللمرة الأولى في تاريخ السياسة طلبت لجنة من المحكمة أن تصدر قرارا بمنع النشر والحديث والكتابة عن أعمالها… وكان قرار المنع هذا وخيما مثل رفض رضا ضراب تلبية دعوة البرلمان، وقد سجله التاريخ. وما تمخض عن هذه اللجنة بعد 4 أشهر يعني الكثير.. حزب العدالة والتنمية جرَّب كل الطرق للتعتيم. فهل نجح في ذلك؟ لا.. فمحتوى دفاع الوزراء عن أنفسهم أمام اللجنة كاف لإثبات فشل الحزب الحاكم في محاولته.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]يوم 5 يناير/كانون الثاني يوم صعب بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. ليس فقط بسبب الوزراء الأربعة بل إن ذلك اليوم سيلعب دورا مصيريا بالنسبة للعدالة والتنمية. وما علينا إلا انتظار ذلك اليوم بلهفة.[/box][/one_third]فلايمكن حجب الشمس بالغربال. وهل كان الوزراء يتوسلون لنواب البرلمان من أجل عدم إحالتهم إلى المحكمة العليا لو لم يكونوا على علم بالحقيقة؟ والجميع يعلم أن هذه الادعاءات الخطيرة المنتشرة لدى الرأي العام والاتهامات تستوجب طلب المحاكمة. فذلك هو الطريق الوحيد لإثبات البراءة.
ما الذي سيفعله حزب العدالة والتنمية في 5 يناير/كانون الثاني؟ هل سيُخرج أرنبا جديدا من القبعة؟ لاتقولوا ثمة دستور وقوانين. فلا يمكن القول إنه يأبه بها كثيرا. ولكن الخروج من الورطة ليس سهلا. فكل قرار ستكون له نتيجة سياسية تؤدي إلى خسارة ما.
ومن المؤكد أن العدالة والتنمية في مواجهة امتحان صعب جدا. وسيُتخذ القرار بناء على سياسة الحزب لا على ضمير أعضاء البرلمان. فما تقوله إدارة الحزب هو الذي سيُنفذ. ففي حزب حازم كالعدالة والتنمية لا يمكن أن يُترك النائب البرلماني حرا. ما هي سياسة الحزب؟ لم يحدد الحزب سياسته إلى الآن. ولكن ثمة آراء وتوقعات. وهناك أصوات مختلفة في هذا المجال. وقد كرر رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو جملته مرارا: “نحن عازمون على قطع يد كل من يأكل الحرام حتى ولو كان أخا لنا”.
فهل هذه تعَد إشارة؟ لا. لسببين .. لايتوافق الكلام دائما مع الفعل في السياسة. وحتى لو كان رئيس الوزراء داود أوغلو في منصبه فهو غير قادر على اتخاذ قرار بمفرده. فالقرار النهائي للعقل المدبر صاحب المنصب الأعلى. وهذا معلوم في تركيا كلها وليس في أنقرة فحسب. ويمكن أن نتوقع قرار العقل المدبر بشكل أو بآخر. ففي ذلك اليوم سيجمع الرئيس أردوغان مجلس الوزراء (بدلا من رئيس الوزراء على الوجه المعتاد). ليخطو أول خطوة نحو النظام الرئاسي.
يوم 5 يناير/كانون الثاني يوم صعب بالنسبة لحزب العدالة والتنمية. ليس فقط بسبب الوزراء الأربعة بل إن ذلك اليوم سيلعب دورا مصيريا بالنسبة للعدالة والتنمية. وما علينا إلا انتظار ذلك اليوم بلهفة.