سيدني (زمان عربي) – أعرب الأكاديمي الأسترالي البروفيسور جريج بارتون مدير مركز العالم المعاصر والإسلام بجامعة موناش إحدى أكبر المؤسسات التعليمية في أستراليا عن قلقه البالغ جراء التطورات المعادية للديمقراطية التي تشهدها تركيا في الوقت الراهن.
وقال بارتون إنه يزور تركيا كل عام منذ 10 أعوام بصفته أحد المتعاطفين مع سكان الأناضول. وأشار إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان يعيش تناقضًا مع تصريحاته التي أدلى بها قبل عامين.
ولفت الأكاديمي الأسترالي إلى أن البقاء في السلطة لفترة طويلة يتسبب في حدوث “تسسم سلطوي” لدى الشخص. وأضاف: “القوة تفقد الرجل عقله. أما السلطة المطلقة فتتسبب في حدوث خسائر أكبر بكثير. لقد نجح أردوغان في إنجاز الكثير في آخر 10 سنوات. لكنه نسي الدروس التي تعلمها في شبابه تحت تأثير بقائه في السلطة طويلا”.
وألمح بارتون إلى أن أردوغان سقط مهزومًا أمام ضعفه وجشعه. وأكد أنه فقد -بإرادته – الاحترام الذي حظي به على الساحة الدولية خلال العقد الأخير. وتابع قائلًا: “لقد احترمت رئيس الوزراء أردوغان حتى قبل عامين بسبب مواقفه الديمقراطية. ذلك أنه لو كان قد اعتزل العمل السياسي أو واصله اليوم من خلال الصورة التي كان عليها قبل عامين لكان الجميع سيتذكره بصفته رجلًا حوّل مصير تركيا إلى الأفضل. لكنه الآن سقط مهزومًا أمام ضعفه وجشعه بعدما تقلَّد منصب رئاسة الجمهورية، وتنازل – طواعية – عن الاحترام الذي حظي به لدى الجميع”.
حركة الخدمة تبرهن على توافق الإسلام مع الديمقراطية
أفاد بارتون- صاحب القول الفصل في بلده حول القضايا المتعلقة بالإسلام والعالم الإسلامي- بأنه قام بدراسة حول مسألة ما إذا كان الإسلام يمكن أن يتلاءم مع الديمقراطية أم لا. وأشار إلى أن الباحثين الذين ينظرون إلى تركيا من الخارج عانوا كثيرًا، ولفترة طويلة في سبيل فهم السياسة التي انتهجتها الحكومة بشأن القضايا الدينية. وأضاف قائلا: “أجري دراسات حول الإسلام والديمقراطية في البلدان الإسلامية منذ 15 عامًا. وأتناول – في الوقت نفسه – الإرهاب والجماعات المتطرفة بالدراسة. وأحاول، في هذا الإطار، أن أفهم تركيا بطريقة موضوعية. وما رأيته هو أن حركة الخدمة تحت قيادة الأستاذ فتح الله كولن تعتبر حركة مجتمع مدني مخلصة للغاية فيما يتعلق بخدمة المجتمع؛ إذ إنها تبتعد كل البعد عن الطرق الخطيرة وتنأى بنفسها عن الإسلام السياسي وتؤمن بإمكانية أن يكون المسلمون ديمقراطيين وأبطال الديمقراطية زعماء وقادة ذوي مكانة رفيعة. وأشعر بصدمة كبيرة جدًا كلما قرأت تصريحات مسؤولي حزب العدالة والتنمية ومواقفهم من حركة الخدمة.
داود أوغلو يخشى أردوغان
أوضح بارتون أن شنّ الشرطة التركية حملة دهم ضد صحيفة “زمان” ومؤسسة “سامان يولو” الإعلامية يوم 14 ديسمبر / كانون الأول الجاري بالتزامن مع حلول الذكرى الأولى للكشف عن فضيحة الفساد والرشوة يحمل معانيَ كثيرة. ولفت إلى أنه متيقن مثل كثير من الناس من أن التحقيق في قضية الفساد والرشوة يستند إلى أدلة قوية.
وأردف البروفيسور الأسترالي قائلا: “إن رئيس الوزراء أحمد دواد أوغلو والنواب البرلمانيين عن حزب العدالة والتنمية يخشون الرئيس أردوغان. وأضاف : “أتطلع لمعرفة الطريقة التي يفكر بها رئيس الوزراء داود أوغلو والنواب البرلمانيون المنتسبون إلى الحزب الحاكم. لكن الظاهر أنهم تسيطر عليهم حالة من القلق الصامت؛ إذ إنهم لا يستطيعون التعبير عن ردود أفعالهم، لأنهم يخافون، ويفكرون في أنه يمكن أن يتعرضوا للعقاب بشكل عنيف. وأرى أن انتقال أردوعان من منصب رئيس الوزراء إلى منصب رئيس الجمهورية بسلطات أوسع هو طريق محفوف بالمخاطر إذ سار فيه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لايعتبر – بدوره – نموذجًا جيدًا يمكن الاقتداء به”.
شن حملة على جريدة “زمان” يبرهن على قلة حيلة أردوغان
لفت بارتون الانتباه إلى أن كل مَن ينتقد أردوغان يتعرض للتصفية أو الاستهداف. وأوضح أن هذا العقاب يكون أحيانًا عن طريق الإغراء بالمناصب أو الرشاوى لضمّه إلى صفه أو ممارسة الضغط عليه من خلال التهديد والاستفزاز كما يفعل مع حركة الخدمة.
وألمح بارتون إلى أن شن حملة ضد جريدة “زمان” ومؤسسة “سامان يولو” الإعلامية، أظهرت قلة حيلة الرئيس أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية. وختم كلامه بما يلي: “أردوغان حاليًا لا يهتم بما تفكر به أو تقوله أوروبا والولايات المتحدة. لكن لايمكن لأية دولة في عالمنا اليوم أن تتغاضى عن رد الفعل الدولي. وبصفتي أحد الذين يعرفون حركة الخدمة جيدًا لا أؤمن بأن رئيس تحرير جريدة” زمان” أكرم دومانلي ومدير مؤسسة” سامان يولو” الإعلامية هدايت كاراجا قد اعتقلا لقيامهما بشيء سيئ أو مخالف للقوانين. إن تركيا تمر بفترة عصيبة لكنني متأكد من أنها ستعبر هذه المرحلة بنجاح.