سادات لاتشينار
يجب ألا ننسى أن مجموعة” سامان يولو” الإعلامية وصحيفتي “بوجون” و”زمان” وسائر المؤسسات الإعلامية الأخرى تمارس عملًا صحفيًا إعلاميًا، بغض النظر عن وجهات النظر والآراء التي تتبنّاها. ولا شك في أن شنّ حملة أمنية على هذه المؤسسات بواسطة فرق مكافحة الإرهاب والتسبب في تشكيل نظرة ترى أن هذه المؤسسات لايسمَح لها بالدفاع عن وجهات نظرها هي إجراءات تضرّ بالديمقراطية في تركيا.
لقد أصبحت جماعة” الخدمة” اليوم واحدة من أكبر أقطاب المعارضة السياسية في تركيا. ويمكننا أن نقول إن الجماعة أضحت أقوى معارضي حكومة حزب العدالة والتنمية وإن لم تكن حزبًا سياسيًا، وحتى وإن توقفت فعالياتها الدينية، ولهذا السبب ليس هناك أدنى فرق بين أن تشنّ الشرطة حملة دهم على مؤسسات تابعة للجماعة وتعتقل أشخاصًا مقرّبين لها، وبين أن تشنّ حملة أمنية – مثلًا – على مقرات حزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية المعارضين بواسطة فرق مكافحة الإرهاب. والسبب في ذلك أن المجتمع التركي والرأي العام العالمي أصبحا ينظران إلى جماعة الخدمة على أنها أحد أكبر أقطاب المعارضة في البلاد. الأمر الذي يفتح الباب أمام اعتبار الضغوط الممارَسة عليها محاولة لقمع المعارضة وتكميم أفواهها. ما يضع حكومة حزب العدالة والتنمية في موقف محرج.
مزاعم الفساد
ادعاءات الفساد والرشوة التي كُشف عنها يومي 17 و 25 ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي لم تسجل أي تقدم منذ تاريخ الكشف عنها. كما أن السلطات المعنية لم تستطع أن تجد أجوبة شافية على الأسئلة التي يطرحها الرأي العام بشأن رجل الأعمال التركي – إيراني الأصل- رضا ضرّاب والوزراء الأربعة المستقيلين الذين اقترنت أسماؤهم بملف الفساد. بيد أنه طالما لم تجب السلطات عن الأسئلة التي يطرحها الضمير الجمعي حول هؤلاء الأشخاص. فإن هناك أشخاصًا كثيرين أبرياء وفضلاء يتعرضون للظن السيئ بسبب التأخر في البتّ في ملفات الفساد. وبمعنى آخر، فإن الضرر الذي تلحقه الحكومة بجماعة الخدمة لايوقف الادعاءات الدائرة حول هذا الموضوع بل على العكس تمامًا فإن هذه العملية تفضي إلى تعزيز الشبهات…
ربما يكون أنصار جماعة الخدمة قد أطلقوا ادعاءات الفساد يومي 17 و 25 ديسمبر من العام الماضي للإضرار بالحكومة أو إسقاطها، لكن هناك مزاعم ملموسة وعمليات شنّتها الشرطة. كما أن هناك أدلة قاطعة. فإذا لم تجرِ تبرئة المتهمين لدى المجتمع ولم يتناول القضية جهاز قضاء مستقل ومحايد فإن الثمن الذي سيدفعه الجميع مقابل ذلك سيكون فادحا .
مشهد محزن
إذا أردنا تلخيص المشهد، سنقول إنه ليس هناك أي خطر أكبر من أن تتضرر دولة تستطيع أن تبقى محايدة تجاه مواطنيها. وإن عدم مراعاة القانون، والإضرار بحرية التعبير واستقلال القضاء، فيما تواجه الدولة الجماعة أو أي تهديد آخر، يعتبر خطرًا أكبر بكثير من “خطر الجماعة” نفسه.
ولهذا السبب كانت العملية التي شنّتها الشرطة يوم الأحد الماضي ضد الصحفيين والإعلاميين والمنتجين والممثلين وكاتبي السيناريو وبعض الشرطيين خطيرة جدًا على الديمقراطية في تركيا. هذا فضلًا عن أن الصورة التي ظهرت بها تركيا على المستوى الدولي ستضرّ بالكثير من مصالحها القومية بدءًا من السياحة والاقتصاد. وانتهاءً بالعلاقات الثنائية مع الخارج.
يجب على جميع الناشطين في تركيا أن يتحركوا في إطار القانون مهما كانت التحديات التي يواجهونها كبيرة وخطيرة. كما يجب احترام حرية التعبير عن الرأي والحقوق الأساسية لجميع الأطراف. هذا إلى جانب ضرورة أن يجري العمل السياسي وفق القواعد السياسية، والعمل الاقتصادي وفق القواعد الاقتصادية، والعمل القانوني وفق القواعد القانونية. ولا يجب الخلط بين هذه المجالات…
وباختصار، لا ينبغي لحكومة حزب العدالة والتنمية أن تلحق أضرارًا بتركيا وبعملية التحوّل الديمقراطي التي تشهدها جرّاء رغبتها في الصراع مع حركة الخدمة.
موقع” إنترنت خبر”