العواصم العربية والعالمية (وكالات) – طغت أنباء موجة الاعتقالات التي نفذتها الحكومة التركية في ساعة مبكرة من صباح أمس الأحد وطالت العديد من الصحفيين والكتاب ومنتجي الأعمال الدرامية وكتاب السيناريو وفي مقدمتهم رئيس تحرير صحيفة” زمان” التركية أكرم دومانلي على اهتمامات وسائل الإعلام والصحف العربية والعالمية، والتي تمحورت تعليقاتها على أن هذه الحملة تشكل ضربة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للديمقراطية وحرية التعبير في تركيا وانتقاما ممن كشفوا تورط المقربين منه في أعمال الفساد والرشوة منذ عام.
وركزت الصحف المصرية ومنها الأهرام، الأخبار، الجمهورية، المصري اليوم، الوطن ، الفجر، الشروق، والصحف والقنوات الفضائية في العالم العربي ومنها صحف السعودية والإمارات والكويت والعراق وباقي الدول العربية، وفي مقدمتها قنوات سكاي نيوز والعربية والجزيرة على الاعتقالات التي جرت أمس وطالت أيضا بعض رجال الأمن.
ونقلت صحيفة” الشروق” المصرية أنباء حملة الاعتقالات قائلة إن الشرطة التركية داهمت محطة تلفزيون سامانيولو وصحيفة” زمان” المرتبطتين برجل الدين فتح الله كولن المقيم في الولايات المتحدة.
وادت المداهمات التي جرت فجر الاحد في اسطنبول و12 مدينة تركية اخرى الى القاء القبض على 14 شخصا على الاقل منهم مدراء ومخرجون ومسؤولو انتاج.
ولكن الشرطة اجبرت على الخروج من مبنى صحيفة “زمان” الواقع في احدى ضواحي اسطنبول بعد ان تجمع حشد كبير خارجه للاحتجاج على المداهمة، ولم تتمكن من اعتقال اي من العاملين في الصحيفة.
الا ان الشرطة عادت وداهمت مكاتب “زمان” ظهر الاحد، والقت القبض على رئيس تحرير الصحيفة اكرم دومانلي. كما كانت الشرطة قد القت القبض على المدير العام لتلفزيون سامانيولو هدايت كاراجا.
ويقول المراقبون إن مداهمات الاحد عبارة عن محاولة جديدة من اردوغان لاسكات مؤيدي كولن.
وتشير المداهمات الى تصعيد في الصراع بين اردوغان وحليفه السابق كولن وحركة (الخدمة) التي لها الملايين من الاتباع في تركيا.
وقالت صحيفة ” الفجر” المصرية تحت عنوان: ” اعتقال رئيس تحرير صحيفة “زمان” أكبر مجموعة إعلامية في تركيا” :اقتحمت القوات الأمنية التركية الأحد مرة ثانية مقر صحيفة” زمان” الأكثر متابعة في البلاد لتعتقل رئيس تحريرها أكرم دومانلي، استناداً إلى اتهامات لا سند لها من الصحة، الأمر الذي اعتبره الشارع التركي أنه قضى على ما تبقى من الديمقراطية في البلاد.
وكانت السلطات الأمنية نفّذت صباح الأحد عملية أسفرت عن اعتقال مجموعة من الصحفيين المعروفين في تركيا، شملت مدير مجموعة سامانيولو الإعلامية هدايت كاراجا وكلاً من صالح آسان وأنجين كوتش، وهما منتجا مسلسلي “سونجورلار” و”تيك تركيا” اللذين تبثهما قناة سامانيولو الفضائية.
وتزامنت هذه العملية غير القانونية مع الذكرى السنوية الأولى لبدء تحقيقات فضائح الفساد والرشوة الكبرى التي تفجرت في الـ17 – 25 ديسمبر من العام الماضي، وطالت أربعة وزراء سابقين، بل حتى رئيس الوزراء السابق رئيس الجمهورية الحالي الحالي رجب طيب أردوغان.
وأضافت:” كان الكاتب والمدون الأشهر على موقع التواصل الاجتماعي تويتر فؤاد عوني أعلن يوم الخميس الماضي عن أن الرئيس رجب طيب أردوغان يخطّط لشنّ حملة شعواء ضد 400 شخصية معروفة، بينهم 150 صحفياً، وذلك في يوم الجمعة الماضي، ولكنها أجلت إلى الأحد بسبب الاحتجاجات الموسعة.
أما صحيفة” المصري اليوم” فركزت على رد الفعل الأمريكي على الحملة الأمنية ضد الصحفيين تحت عنوان: “الخارجية الأمريكية: نتابع باهتمام «المداهمات» في تركيا” .وقالت :
أفاد بيان صادر عن المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي أن بلادها تتابع عن كثب أنباء المداهمات والتوقيفات في تركيا، وذلك تعليقا على عملية توقيف 27 شخصاً، بينهم إعلاميون، وعناصر أمن، في 13 ولاية تركية.
وأضاف البيان: «اتضح أن المستهدفين في العمليات المذكورة هي وسائل إعلام تنتقد الحكومة علناً» مشيراً إلى حرية الصحافة واستقلال القضاء من أهم أسس الديمقراطية السليمة وهي مكفولة في الدستور التركي.
وأوضح البيان أن الولايات المتحدة بوصفها صديقة وحليفة لتركيا تدعو المسؤولين فيها إلى الحيلولة دون الإخلال بالقيم المذكورة ومنع وقوع الضرر في المؤسسات الديمقراطية التركية.
وكانت الشرطة التركية أوقفت في مداهمات قامت بها، الأحد في 13 ولاية، 27 شخصًا بينهم شرطيون وإعلاميون، من أصل 31 شخصاً، صدر بحقهم قرار توقيف، على خلفية التحقيقات في قضية «الكيان الموازي.
وكان النائب العام في إسطنبول، «هادي صالح أوغلو»، كشف عن صدور قرار توقيف بحق 31 مشتبهًا بهم في قضية تحقيقات «الكيان الموازي»، حيث أعلن في بيان الأحد، أنه «صدر قرار بإلقاء القبض على 31 مشتبهًا، وبدأنا تحقيقًا بحق بعضهم. منهم إعلاميون، وموظفون بجهاز الأمن، بعد التثبت من تلفيقهم أدلة بحق منظمة وصفوها بأنها إجرامية.
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية تصف جماعة « فتح الله كولن»، المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية بـ«الكيان الموازي»، وتتهم جماعته بالتغلغل داخل سلكي القضاء والشرطة وقيام عناصر تابعة للجماعة باستغلال منصبها وقيامها بالتنصت غير المشروع على المواطنين، والوقوف وراء حملة الاعتقالات التي شهدتها تركيا في 17 ديسمبر 2013، بدعوى مكافحة الفساد، والتي طالت أبناء عدد من الوزراء، ورجال الأعمال، ومدير أحد البنوك الحكومية، كما تتهمها بالوقوف وراء عمليات تنصت غير قانونية، وفبركة تسجيلات صوتية.
وركزت وكالة الأنباء الفرنسية(أ ف ب) ودويتش فيله الألمانية وروسيا اليوم على رد فعل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي
قائلين:
أعربت الولايات المتحدة عن قلقها الأحد بشأن اعتقال الشرطة التركية أكثر من عشرين من الشخصيات الإعلامية البارزة في البلاد في مداهمات خاطفة، واعتبر مسؤولون في الاتحاد الأوروبي من جهتهم أن حملة اعتقال الصحافيين “منافية لقيم الاتحاد الأوروبي”.
واعتقلت الشرطة التركية الأحد أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة “زمان” القريبة من الداعية فتح الله كولن الخصم الرئيسي للرئيس التركي، إضافة إلى 26 شخصا آخرين في مداهمات خاطفة ضد أنصار رجل الدين المقيم في الولايات المتحدة.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية جين بساكي إن واشنطن “تتابع عن كثب” التقارير حول المداهمات والاعتقالات.
واضافت أن “حرية الإعلام والاستقلال القضائي هما عاملان رئيسيان في كل ديمقراطية صحيحة ومبدأن راسخان في الدستور التركي (…) بوصفنا صديق وحليف لتركيا فإننا ندعو السلطات التركية إلى ضمان عدم انتهاك تصرفاتها لهذه القيم الجوهرية وأسس تركيا الديمقراطية”.
وجاء في بيان أصدرته وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديركا موجيريني ومفوض سياسة الجوار الأوروبي ومفاوضات التوسعة يوهانس هاهن، أن المداهمات “تتعارض مع حرية الإعلام التي هي المبدأ الجوهري للديمقراطية”.
وجاء في البيان الذي نشرته المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي “أن هذه العملية تناقض القيم والمعايير الأوروبية التي تتطلع تركيا إلى أن تكون جزءا منها، والتي هي جوهر العلاقات المعززة” بين الجانبين.
وأضاف “نذكر بأن أية خطوة إضافية باتجاه ضم أي بلد مرشح تعتمد على الاحترام الكامل لحكم القانون والحريات الأساسية”
وقالت شبكة”بي بي سي” إن توقيت الحملة الاخيرة لم يأت بالصدفة فهي تأتي بعد مضي عام واحد تقريبا على ذيوع ادعاءات تتهم اردوغان والمقربين منه بالفساد والتي قال الرئيس التركي وقتها إنها محاولة للاطاحة به مدبرة من قبل مؤيدي كولن . وقد اجبر جراء تلك الفضيحة، التي تعتبر من اكبر الفضائح في تاريخ تركيا المعاصر، اربعة وزراء على الاستقالة. وساد اعتقاد بأن حكومة اردوغان لن تنجو.
لكن اردوغان أعلن الحرب على ما اطلق عليها “الدولة الموازية” في اشارة الى اتباع حركة الخدمة الذي قال إنهم كانوا يعدون لانقلاب. واستخدم اردوغان كل الادوات المتاحة له، وطرد الآلاف من رجال الشرطة والمحققين كما شن حملة اعلامية مركزة وابعد المعارضين في حزبه. وما نراه اليوم هي المرحلة الثانية من تلك الحملة وعنوانها اعتقال المنتقدين.
يذكر ان تركيا تأتي في المرتبة 154 من 180 فيما يخص حرية الصحافة حسب منظمة صحفيون بلا حدود. وتعبر الكثير من المنظمات المدافعة عن حقوق الانسان عن مخاوفها مما تصفه الهجوم الذي تشنه الحكومة التركية على حرية التعبير.
ولكن الحكومة تقول إنها تتعرض لمؤامرة لرفضها الامتثال لاملاءات الغرب، وترفض المخاوف التي يعبر عنها ناشطو الحقوق قائلة إنها تخوض حربا ضد “عدو الداخل” الذي يجب ان يدحر. ولكن مداهمات الأمس لابد ان تثير قلقا دوليا من انحسار الديمقراطية في تركيا.
وكان اردوغان قد هدد يوم الجمعة الماضي “بمطاردة انصار كولن في جحورهم” على حد تعبيره. وكان الرئيس التركي قد وصف هؤلاء في السابق بأنهم “ارهابيون وخونة” حسب وكالة رويترز للانباء.