بقلم: طورخان بوزقورت
هناك تعليقات مختلفة حول استقالة كمال أوزتورك المدير العام لوكالة أنباء الأناضول. لكنني سأحلل ذلك من الناحية الاقتصادية.
إذا كان يالتشين آقدوغان نائب رئيس الوزراء يقوم بتصفية كوادر سلفه بولنت آرينتش أم لا فذلك أمر يعنيهما. لكن سيكون مفيدا البحث عن أسباب الازدياد السنوي لمصاريف وكالة أنباء الأناضول من ضرائب المواطنين بوصفها شركة مساهمة.
وإن الخسائر المتضاعفة لوكالة أناضول هي إحدى الأمثلة الكثيرة على أن حكومة حزب العدالة والتنمية كانت تصرف ضرائب المواطنين بشكل صحيح أم أن الأمر لم يكن كذلك. قد تقول إدارة الوكالة إنه ليست هناك خسائر. حيث يتم تسديد جميع مصاريف أنشطة الوكالة تقريبا من خلال الحوالات المالية التي تقوم بها المديرية العامة للصحافة والنشر والمعلومات.
وقد بلغ الفرق بين المصاريف المتزايدة والدخل المحدود في سنة 2013 (28.5 مليون ليرة تركية). وقد يكون تسديد الفرق قد تم في الظاهر فقط بحكم المرسوم الذي ينص عليه القانون. وهذ الأمر لا يخفي حقيقة تبذير الأموال الواردة من ميزانية مديرية الصحافة والمعلومات. وإن وكالة أنباء الأناضول صرفت قرابة 400 مليون ليرة تركية خلال 3 سنوات. وهذا يعني أن الأموال قد تم تبذيرها ما دامت وكالة الأناضول لم ترسل قمرا اصطناعيا إلى الفضاء.
في حين أن كل الإداريين بمن فيهم المدير العام المستقيل كمال أوزتورك عندما قالوا: “لقد زدنا من حجم الواردات” لم يتحدثوا عن المصاريف المتزايدة. وما عاد أحد يذكر مجرد اسم “مديرية الصحافة والنشر والمعلومات” التي تسدد المصاريف.بينما كانت مصاريف الأنشطة 1.7 مليون ليرة تركية في عام 2012، بلغت إلى 23.1 مليون ليرة تركية في 2013 حيث بلغت الزيادة نسبة 1259%. فهل هناك أحد يمكنه إيضاح ذلك؟ كما يحتاج تشكيل المصاريف المتعلقة بالموظفين في الوكالة نسبة 79% من المصاريف الإجمالية إلى إيضاح أيضا.
وإن رواتب المراسلين الثابتين في الوكالة الذين يشكلون العمود الفقري لكوادر الوكالة ليست بأرقام خيالية. فالمراسلون المعتمدون رسميا مضطرون للعمل برواتب متدنية لا تكاد تسد رمقهم، إذن رواتب من هي تجعل حجم المصاريف منتفخة بهذا الشكل؟ فما هي رواتب وحوافز المدير العام ومساعديه والإداريين من الطبقة الوسطى على سبيل المثال؟ وحتى نفهم ذلك يجب علينا أن نقارن رواتبهم برواتب العاملين بنفس المجال في القطاع الخاص مثل وكالات جيهان ودوغان وأنكا وإخلاص.
ويجب على نائب رئيس الوزراء يالتشين آكدوغان أن يصدر التعليمات لوكالة أنباء الأناضول لتعتمد على ذاتها وتزيد من دخلها بالطرق الاعتيادية. ويطلب منها إبراز المسوغات التي تدعو إلى الزيادة في المصروفات، وأن يضع لها أهدافا من أجل التوفير في عمليات الصرف. وإذا لم تتحقق الأهداف يجب عليه ألا يوافق على تسديد العجز بواسطة مديرية الصحافة والنشر والمعلومات عبر تحويل الأموال. وإلا فالمصاريف الوهمية ستتضاعف سنويا وهذا مالا يتسبب إلا بتفاخر الوكالة التي تستند إلى أموال الدولة المضمونة. وبذلك يمكن أن تصبح وكالة أنباء الأناضول عبئا على الدولة مثل شركة إنتاج الشاي (تشايكور) وشركة الفحم ، والشركة العامة للخطوط الحديدية والمؤسسات الاقتصادية العامة أو أكثر منها.
إن توزيع الحصص في شركة الوكالة معقد جدا لدرجة يجعل عملية التفتيش المالي عليها صعبة جدا أو مستحيلة. فديوان المحاسبة لا يستطيع مساءلتها، لأن حصة الخزانة العامة في الوكالة لاتتجاوز 50%، والخزانة لا يمكنها التدخل في الشؤون الإدارية لأنها لا تملك غالبية الأسهم.
وبالتالي فمع أن مديرية الصحافة والنشر والمعلومات مخولة إليها صلاحية التفتيش على الوكالة فإن هذا التفويض يبقى حبرا على الورق لأنها لا تستعمل هذه الصلاحية. فمديرية الصحافة والنشر والمعلومات لم تستطع إجراء أي تفتيش إلى الآن في الوكالة لأنها تعتبر مؤسسة معادلة لها لأن كلتيهما تابعة لرئاسة الوزراء. كما يبدو أنها لن تستطيع ذلك في المستقبل أيضا. والأمر لا يتعدى دفع المال وعدم الاهتمام بشيئ آخر. وكان ديوان المحاسبة قد لفت الأنظار إلى هذه الغرابة في تقريره الصادر عام 2012 : “تم دعم وكالة أنباء الأناضول عبر ميزانية المديرية العامة للصحافة والنشر والمعلومات في سنة 2012 وقد تم صرف ما يقرب من نصف ذلك الدعم في شكل تحويل الأموال دون عقود تناول الأخبار. أي إن الوكالة تُدعم بميزانية الدولة عن طريق المديرية العامة”.
ولا داعي للمزيد من الكلام، فإن تلك المصاريف تسدد من ضرائب المواطنين. والأسوأ من ذلك هو عدم مساءلة أحد على ما يحدث. فالمؤسسات العامة ليست مزرعة أحد ليفعل فيها ما يحلو له.. يمكن القول بأن كمال أوزتورك قد تأخر في تقديم استقالته.