كونيا(تركيا) (زمان عربي) – لم يكن من السهل تخيل أن الأيام قد تأخذ الأمريكي شمس فريدلاندر، الذي بدأ حياته بمدينة نيويورك الأمريكية، في رحلة مع العشق الإلهي، إلى مدينة كونيا، وسط تركيا، ورحاب مولانا جلال الدين الرومي.
ويلخص فريدلاندر حياته، وما مر به من تجارب في كتابه بعنوان” الحصاد الشتوي” بقوله “من بوب ديلن، إلى رحاب مولانا جلال الدين”. ويقول في كتابه: “مِنَ الممكن أن الله يهب لنا فرصة استنشاق نحو 645 مليون مرة من الأنفاس، حتى نسعى لمعرفة الله حق المعرفة ولو في واحدة منها”.
تستمر طقوس الذكر لساعات عديدة بأساليب مختلفة في حلقة تتكون من الرجال، وأنا أحس أثناء ذكر الله بأن قلبي يغتسل ويتطهر بالنور، ويقول لي الشيخ بعد اكتماله ملتفتا إلي: “أنت أيضًا تذكر مثلنا” ويقبلني من عيني ويضيف “أريدك أن تأتي إلى إسطنبول لرؤيتي”… فأنا في مدينة كونيا لإسبوع آخر..”.
عام 1972… يبدأ شمس فريدلاندير بشرح مقابلته بالأستاذ مظفَّر أفندي هكذا، تتوافق الأحداث لتأخذه في رحلة طويلة، لمئات الآلاف من الكيلومترات بعيدًا عن موطنه ومسقط رأسه، نيويورك، إلى مدنية كونيا.
بدأ فريدلاندير في الاهتمام بالتوجهات المعنوية والفكر الفسلفي عامة، والفكر الصوفي خاصة، منذ عام 1960. ثم يشارك للمرة الأولى خلال عام 1970 في عرض للرقص الصوفي، الذي نظمه المولويون بأكاديمية بروكلين الموسيقيه، وقد تأثر كثيرًا بذلك الرقص الصوفي، وعلى أثر ذلك دعا عددا من الموسيقيين إلى منزله، ويحصل منهم على رد إيجابي؛ وتستمر هذه الاجتماعات ويتكرر اللقاء يوميًا على مدار أسبوع، ويحين بذلك موعد انطلاق رحلة جديدة لفريدلاندير، بعد أن يتعارف على كل من نزيه أوزال وقدسي أرجونار إذ يقول:
“لقد دعوني إلى مدينة كونيا، للمشاركة في عرض الرقص الصوفي الذي سيعقد في رحاب مولانا جلال الدين الرومي، خلال شهر ديسمبر/ كانون الأول، وقد كانت هذه الدعوة خير وسيلة للتعرف بالشيخ مُظَفَّر أوزاك الجراحي، وقد أصبحت أنا ونزيه أوزال وقدسي أرجونار، رفاق الدرب مدى الحياة، وبعد أن غادرت مدينة كونيا توجهت إلى إسطنبول وإلى مكتبة الشيخ مظفر أفندي، وفور رؤيتي له وهو يصلي في أحد أركان دكانه، أدركتُ أن هذا هو دربي”.
وبعد مرور سنوات على هذه اللحظة الفارقة في حياة شمس، الذي دخل ضمن قائمة أكثر 500 مسلم مؤثر في مجال الثقافة والفنون خلال عام 2012، التي أعدها معهد البحوث الإسلامية الملكي، وبدأ في إعطاء دروس في القاهرة، مع الحرص على الذهاب إلى إسطنبول وقضاء أوقات معينة من العام، بجانب شيخه.
ويفسر فريدلاندير سبب توجهه واختياره ذلك قائلًا: “يروق لي أن أتواجد في مكان حيث أستطيع أن أستمع إلى أصوات المؤذنين على مدار اليوم، وأحب أن يذكرني بشيئ مقدس.. يذكرني بشيئ لا يتعلق بالنفس والحياة اليومية”، مشيرًا إلى أنه يجمع الاستفادة المعنوية من كلتا المدينتين ( القاهرة وإسطنبول).