بقلم: ممتاز أرتوركونه
اتخِذت قرارات تصف حركة الخدمة بـ”التهديد”وتهدف في المقام الأول للقضاء عليها خلال اجتماع مجلس الأمن القومي التركي، قبل 10 أعوام في أبريل/ نيسان عام 2004 .
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لقد حققت حركة الخدمة إنجازات كبيرة على مدار السنوات العشر الماضية منذ صدور هذا القرار، وعمّ سخاؤها التعليمي جميع أصقاع العالم، وانفتحت تركيا على العالم بفضل المدارس التركية المنتشرة في كل مكان. كما أظهر أولمبياد اللغة التركية، الذي يقام كل عام، النتائج الملموسة للمستوى الذي وصل إليه هذا الانفتاح.[/box][/one_third]ولقد نوقشت هذه القرارات فيما بعد في عديد المرات تحت عنوان: “مخطط القضاء على الجماعة”، وكان هذا الاجتماع الذي عقده مجلس الأمن القومي عام 2004 هو آخر الهزات الارتدادية لزلزال انقلاب 1997، وكانت مجموعة “العمل الغربي” (مجموعة تتشكل من المسؤولين في الجيش التركي وكانت مهمتهم القضاء على “الرجعية الدينية”) تواصل فعالياتها، وفهمنا في وقت لاحق من العام نفسه أن هناك استعدادات لتنفيذ انقلاب على الحكومة، وهو ما تناولته المحاكمات الطويلة بعد ذلك، وكانت السلطة تنفلت من يد الوصاية العسكرية، ولم تكن الحكومة هي الجهة المستهدَفة، بل الحركات المدنية.
لقد حققت حركة الخدمة إنجازات كبيرة على مدار السنوات العشر الماضية منذ صدور هذا القرار، وعمّ سخاؤها التعليمي جميع أصقاع العالم، وانفتحت تركيا على العالم بفضل المدارس التركية المنتشرة في كل مكان. كما أظهر أولمبياد اللغة التركية، الذي يقام كل عام، النتائج الملموسة للمستوى الذي وصل إليه هذا الانفتاح.
وعندما يتولى الأشخاص الذين ليس لديهم أدنى وظيفة أو مسؤولية سياسية، المهامَ التي تقوم بها الدول والحكومات والمؤسسات السياسية، بامكاناتهم المستقلة، نطلق عليهم اسم المجتمع المدني، ولقد شهد العالم حركة استثنائية للمجتمع المدني علا شأنها في تركيا؛ إذ حظيت هذه المدارس بقبول واسع النطاق في كل بقاع العالم، وقُدّرت مجهوداتها أيما تقدير، ولقد مدّت العملية التعليمية عالية الجودة المقدمة في إطار عشق الخدمة وحماستها، جسور سلام متينة بين تركيا وتلك البلدان، الأمر الذي قدم فرصًا ذهبية للمستثمرين الأتراك لعبور هذه الجسور وضخ استثمارات في الخارج، وقد عاد بالنفع على الاقتصاد الوطني. واليوم لاتملك تركيا أية علامة تجارية عالمية أو شركة تنافس على المستوى الدولي، أما الشيئ الوحيد الذي قدمته تركيا للبشرية جمعاء، وصار مصدر فخر لكل مواطن تركي، فهو الخدمات التعليمية التي تقدمها المدارس التركية المنتشرة في كل أنحاء العالم، وربما تكون هذه المدارس هي ميزة تركيا الوحيدة التي تعطينا بريق أمل في تصورنا للمستقبل، تخيلوا معي الوقت الذي نبدأ فيه جني ثمار هذه المدرس، تخيلوا عام 2023، أو عام 2071، أو الذكرى الألف لتأسيس الدولة العثمانية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]تشكّل المدارس التركية اليوم أكبر “عنصر للقوة القومية” لتركيا على المستوى الدولي. وتتحول تركيا إلى علامة تجارية عالمية، وتمارَس دبلوماسية معتبرَة ودائمة من المجتمع إلى المجتمعات والدول الأخرى، لتتشكل صورة إيجابية عن تركيا على المستوى العالمي، ولا شك في أن المجتمع نجح، بإمكاناته ودينامياته الذاتية، في تحقيق ما كان من الصعب تحقيقه، ولو تم تسخير جميع مؤسسات وإمكانات الدولة لهذا الشأن.[/box][/one_third]لم يصدر بحق المدارس التركية أي شكاوى من البلدان التي تقدم خدماتها التعليمية بها منذ افتتاحها، وحتى لم تشهد أي واقعة غريبة بها، ولم يقدِم أعداء حركة الخدمة على طرح أي ادعاء أو اتهام مفاده أن “هذه المدارس تتعارض مع المصالح القومية لتركيا”، كما لم يصدر من ممثليات أنقرة في الخارج أي تقرير سلبي بخصوص هذه المدارس، ولم يعرب من زار هذه المدارس ورآها على أرض الواقع، سوى عن إعجابه واندهاشه بها لانتسابها إلى تركيا.
وقناعتي الشخصية هي أن مشروع الاستيطان الجغرافي واسع النطاق والذي كان يضم الأناضول والبلقان الذي اقترحه الشاعر التركي الشهير خوجة أحمد يسوي قبل ألف عام، يتكرر هذه المرة بصفته مشروعًا حضاريًا عالميًا سيستمر لألف عام مقبلة، وبالضبط من خلال الحركات الدينامية المدنية كما كان في المرة الأولى.
وتشكّل هذه المدارس اليوم أكبر “عنصر للقوة القومية” لتركيا على المستوى الدولي. وتتحول تركيا إلى علامة تجارية عالمية، وتمارَس دبلوماسية معتبرَة ودائمة من المجتمع إلى المجتمعات والدول الأخرى، لتتشكل صورة إيجابية عن تركيا على المستوى العالمي، ولا شك في أن المجتمع نجح، بإمكاناته ودينامياته الذاتية، في تحقيق ما كان من الصعب تحقيقه، ولو تم تسخير جميع مؤسسات وإمكانات الدولة لهذا الشأن.
والحمد لله أن شهدنا التخلص من نظام الوصاية العسكرية الذي سعى لتدمير شرايين تركيا من أجل مواصلة سيطرته على الدولة خلال السنوات العشر الماضية. ولقد حققت حركة الخدمة تقدمًا واضحًا من خلال الديناميات المدنية نفسها انطلاقًا من مبدأ: “لا أريد دعمًا من الدولة، يكفيني ألا تعرقل الخدمات”، حسنًا، ماذا تغير خلال هذه الفترة؟
اليوم، يعقَد في أنقرة اجتماع مجلس الأمن القومي ليناقش الأجندة نفسها التي اجتمع بها قبل عشرة أعوام، وذلك إذا كان ادعاء رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان صحيحًا، والأبعد من ذلك أنه من المفترض أن تقترَح فكرة إدراج حركة الخدمة ضمن وثيقة سياسة الأمن القومي، التي تعرف بـ”الكتاب الأحمر”، كتهديد يحدق بالأمن القومي التركي، ولاريب في أن لرئيس الجمهورية عداء وخصومة شخصية تجاه حركة الخدمة، ويجب أن تكون هذه الدولة وأمنها في درجة من الأهمية حتى لا يضحَّى بهما في سبيل طموحات أي شخص أو حساباته الشخصية.
وعلى أية حال، سيخرج أحدهم ليطرح سؤالًا: “بأي دليل وبأية حجة؟”، وسيتحدث عن المساهمات التي قدمتها جماعة الخدمة للقوة القومية لتركيا، ما رأيكم؟ أم أن هذه الدولة لم يبق لها أصحاب مهمومون بها حقيقة؟