شاهين ألباي
نمر بمنعطف دولي تهب فيها العواصف في دول الجوار من الجهتين الجنوبية والشمالية، فنحن في مرحلة نشعر فيها بحاجة كبيرة إلى تعزيز الديموقراطية ودولة القانون وحقوق الإنسان واحترام الأقليات، مع الحماية والحفاظ على السلام الداخلي، والاستقرار. لكن بينما البلاد على هذه الحال، نجد عصابة قليلة العدد في حزب العدالة والتنمية الحاكم، تجر البلاد إلى نظام مزاجي استبدادي، يحكم عليه رجل واحد.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لا يمكن لنا أن نسمح بعودة بلادنا إلى الوارء، إلى أيامها القديمة المؤلمة التي مرت بها في فترة التسعينيات من القرن الماضي في ظل هراء “تركيا الجديدة” ، ونحن مضطرون لتوجيه انتقاداتنا في مواجهة هذا التوجه المثير للقلق، دون أن نحني رؤوسنا أمام الضغوط والتهديدات، وهناك حتى مسئولون في قمة الدولة يشيرون إلى وجوب ذلك واحدا تلو الآخر.[/box][/one_third]وبلدنا يشهد توترا بين الفئات في المجتمع وتكرارا، مستميتا، للأخطاء التي تحرض على هذه التوترات والانقسامات بين هذه الفئات مثل أتراك- أكراد، وأهل السنة- الشيعة، وغيرها، تجري الوقيعة أيضًا بين الأكراد والسنة داخل البلاد، ومحاولة منع الانتقادات وتكميم أفواه المعارضة التي تعد من الدعائم الأساسية لأي نظام ديمقراطي، وإسكاتهم من طرف الحزب الحاكم ، ويطالَبون بالصمت قائلين: “اصمتوا أنتم، لا حاجة لنا بعقولكم..”، وتوجَّه لهم حزمة من التهم والإفتراءات مثل: “خونة، حقيرون، ناكرو الجميل،…”. وما نعيشه اليوم من أحداث يرسم أمامنا لوحة لا تعكس الحقيقة، وتوقظ الإحساس بأن ما نعيشه لا يلائم مستوى تركيا في التقدم.
لا يمكن لنا أن نسمح بعودة بلادنا إلى الوارء، إلى أيامها القديمة المؤلمة التي مرت بها في فترة التسعينيات من القرن الماضي في ظل هراء “تركيا الجديدة” ، ونحن مضطرون لتوجيه انتقاداتنا في مواجهة هذا التوجه المثير للقلق، دون أن نحني رؤوسنا أمام الضغوط والتهديدات، وهناك حتى مسئولون في قمة الدولة يشيرون إلى وجوب ذلك واحدا تلو الآخر.
فلم يكتف رئيس المحكمة العليا، في 1 سبتمبر/ أيلول الماضي، أثناء الإحتفال بافتتاح السنة القضائية الجديدة، بدعوة القضاة والمدعين العموم إلى الصمود أمام الضغوط والتهديدات التي تمارس ضدهم، بل دعا المواطنين أيضا إلى استخدام حرية الانتقاد، قائلًا: “إن حرية التعبير والانتقاد، هي أهم الطرق والوسائل لمراقبة السلطة الحاكمة في أي نظام ديمقراطي، ومن هذه الجهة أن التعبير عن الأفكار والآراء المخالفة من طرف المواطنين وعلى رأسهم الصحافة الحرة التي لا بد من وجودها تعَد بمثابة ضمان لسير الأمور سليما في مجراها الطبيعي، وبالتالي، فإن أوسع مجالات التعبير عن الرأي، هو الانتقادات التي توَجه إلى الدولة، ومؤسساتها، وسياساتها”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]رئيس المحكمة العليا: إن حرية التعبير والانتقاد، هي أهم الطرق والوسائل لمراقبة السلطة الحاكمة في أي نظام ديمقراطي، ومن هذه الجهة أن التعبير عن الأفكار والآراء المخالفة من طرف المواطنين وعلى رأسهم الصحافة الحرة التي لا بد من وجودها تعَد بمثابة ضمان لسير الأمور سليما في مجراها الطبيعي، وبالتالي، فإن أوسع مجالات التعبير عن الرأي، هو الانتقادات التي توَجه إلى الدولة، ومؤسساتها، وسياساتها.[/box][/one_third]وفي المناسبة نفسها، افتتاح السنة القضائية الجديدة، خاطب رئيس المحكمة الدستورية، هاشم كيليتش، خلال لقائه مع ممثلي المعهد الدولي للصحافة(IPI) ، ولجنة حماية الصحفيين(CPJ)، قائلا: “إن حرية وحق التعبير عن الرأي، تعد أهم الحريات، بل وتأتي في المرتبة الأولى بين باقي الحريات، حتى أنني أرى، ولو كان رأيا متشددا، فإنها أكثر قيمة وأهمية من الحق في الحياة نفسه.. وإن أكثر ما يقلقني، هو تعاظم وتزايد خطاب الكراهية والحقد داخل البلاد. وهناك مسؤولية في تكوين هذا المناخ لمؤسسات السياسة.. ومناخ الخوف هذا يؤثر أيضًا على الصحفيين. فيجب علينا المقاومة في سبيل الحقوق والحريات العامة. كما يجب على الصحفيين أن يقاوموا، ولا يقنطوا..”
وأخيرًا، الدكتور جوكهان تشتين صايا، رئيس مجلس التعليم العالي، أي رئيس أعلى مؤسسة إدارية تشرف على الجامعات التركية، قال: “إن هناك جماعة أكاديمية تم إخراسها..”. وأشار إلى تعرض الجامعات التركية لعمليات تصفية أكاديمية خلال الفترة الانقلابية بين 12 سبتمبر/ أيلول 1980، و28 فبراير/ شباط 1997، وجهود الترهيب المستمرة ضدها، ودعا الأساتذة الجامعيين إلى عدم التراجع عن التعبير عن آرائهم بحرية، قائلًا: “إن الأكاديميين والأساتذة الجامعيين في تركيا القرن الحادي والعشرين، يجب عليهم أن يتشاركوا مع الرأي العام كل ما يعرفونه، وقد أكدتُ مرارًا على ماذا تعني الحرية الأكاديمية وما لا تعنيه، خلال فترتي مفاوضات السلام ومظاهرات منتزه جيزي..”. وأوضح تشتين صايا أن اللوائح النظامية تستخدم كأداة للضغط على أعضاء هيئة التدريس في الجامعات التركية على الذين تعرضوا للتحقيقات، جراء توجيههم انتقادات للسلطة أو تعبيرهم عن آرائهم. وربما كان تصريحه عندما قال: “يجب التخلص من مؤسسة التعليم العالي بوضعها الحالي..”، من أخطر وأكثر التصريحات لفتا للإنتباه إلى عدم تجاوز المشكلات التي خلفها انقلاب 12 سبتمبر/ أيلول داخل المؤسسة، على الرغم من العديد من التغييرات والتعديلات القانونية التي أجريت عليها. (قناة الجزيرة التركية، 11 أكتوبر)