كريم بالجي
قرأت اليوم بحزن وشغف الحوار الذي أجراه الكاتب فاتح فورال مع وزير الصناعة والتجارة التركي الأسبق علي جوشكون في صحيفة” بوجون”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] لو نظرنا حاليًا إلى جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك واتحاد الغرف والبورصات ورئاسة الشؤون الدينية والجامعات والجماعات الدينية لوجدناهم لا يجرؤون على قول الحق أمام الرأي العام، فالكل غاضب لكن ما من أحد قادر على الكلام، الكل مستاء من الأحداث الجارية، لكنهم يتجاهلون بقولهم: “لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم”.[/box][/one_third]إن خبرة فاتح فورال الصحفية جعلتني متشوقا لقراءة ما كتب، وما كنت لأشعر بهذا لو كنتُ أنا من أجرى الحوار، ومن جانب آخر أحزنني تذمر وزير الصناعة والتجارة الأسبق علي جوشكون، المتقدم في السن، إزاء كل سؤال حرج، حيث كان يجيب بقوله: “أنا حزين جدًا بسبب بعض الأحداث، ولا جدوى من الكلام وكأنني طرف في الموضوع”.
وكم أحزن حين أتذكر قوله تعالى “أتخشون الناس فالله أحق أن تخشوه”.
صحيح يا سيادة الوزير أن حديثكم كطرف في الموضوع لا يفيد بنك آسيا وحركة الخدمة والأستاذ فتح الله كولن، ولكنه كان سيفيدكم كثيرًا.
وقد نطق الوزير بالحق على الأقل، فهناك من يخشى قول الحق، وسابقًا كان هناك سياسيون أكراد يلومون حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) ويصفونه بالطامة الكبرى للأكراد سرًا، لكنهم أمام وسائل الإعلام كانوا يغيرون أقوالهم بسبب الخوف.
ولو نظرنا حاليًا إلى جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك واتحاد الغرف والبورصات ورئاسة الشؤون الدينية والجامعات والجماعات الدينية لوجدناهم لا يجرؤون على قول الحق أمام الرأي العام، فالكل غاضب لكن ما من أحد قادر على الكلام، الكل مستاء من الأحداث الجارية، لكنهم يتجاهلون بقولهم: “لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم”.
وإننا سنقوم بواجبنا حتى لو كنا وحدنا، وحتى لو كانت النتيجة هي هزيمتنا، فنحن مسلمون ونقوم بما يقتضيه الإسلام، ديمقراطيون ونقوم بما تقتضيه الديمقراطية، بشر ونقوم بما تقتضيه الإنسانية، وهذا لا يعني أننا نتهم من لا يقومون بهذه المقتضيات بأنهم ليسوا كذلك، وأنهم كذا وكذا، وإن منَّ الله على بلدنا بالخلاص من هذه الرؤية فإننا لن نقول لأحد أين كنتم عندما كنا نُسجن ونتَّهم بالإرهاب والخيانة والعمالة وتعاطي المخدرات؟ ولن نقول: “بأي وجه تريدون لقاءنا” ،لأننا لن ننسب النجاح في الخلاص من هذه المحنة الصعبة لأنفسنا.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إننا سنقوم بواجبنا حتى لو كنا وحدنا، وحتى لو كانت النتيجة هي هزيمتنا، فنحن مسلمون ونقوم بما يقتضيه الإسلام، ديمقراطيون ونقوم بما تقتضيه الديمقراطية، بشر ونقوم بما تقتضيه الإنسانية، وهذا لا يعني أننا نتهم من لا يقومون بهذه المقتضيات بأنهم ليسوا كذلك.[/box][/one_third]ولكن واجبنا وحقنا أن نقول: يا أعضاء جمعية الصناعيين ورجال الأعمال لو أن بعضكم استطاع الخروج من القاعة عندما أهانكم أردوغان لذُكر اسمكم بين الشجعان في التاريخ، ويا مديري اتحاد الغرف والبورصات لو أنكم أعلنتم عن انتقاداتكم التي تذكرونها فيما بينكم في وجوه المستكبرين لرآكم الشعب منقذين له والتفَّ حولكم، ويا مشايخ الشؤون الدينية الذين تجاوز عددكم الألفين، لو أنكم تركتم الاجتماع قائلين إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بترك المجالس التي يُغتاب فيها الناس، وإن ما يقوله أردوغان أمامكم محض افتراء عندما خطب فيكم مسيئًا للأستاذ فتح الله كولن، لو كنتم خرجتم من القاعة لصفقت لشجاعتكم الملائكة، ويا نواب حزب العدالة والتنمية إنكم لا تجهرون بما تذكرونه فيما بينكم من أخطاء حزبكم في السياسة السورية، والتصرفات المنافية للديمقراطية في السياسة الداخلية لحزبكم، والضغوط التي يمارسها حزبكم على بنك آسيا والتي ترون أنها انتحار اقتصادي، لم تستطيعوا أن تتصرفوا بشجاعة، كما فعل إدريس نعيم شاهين وزير الداخلية الأسبق، ولكن لو أنكم التزمتم الصمت على الأقل كما فعل حياتي يازيجي وزير الجمارك والتجارة السابق لكنتم المنتصرين أمام التاريخ.
ويا رجال الأعمال الذين بقيتم صامتين خوفًا من الضرائب، لا يمكنكم شراء الراحة النفسية بأموالكم، فأرض الله واسعة، ولو أنهم نفوكم من هذا البلد لجاءكم رزقكم حتى لو كنتم في الخارج، فقد يكون مخرجكم (عن أزمة اقتصادية) في الخارج. وإذا كانت الأفعى لا تقترب منكم الآن فإنها ستكبر يومًا بعد يوم وستجوع أكثر كلما كبرت، وتكون لدغتها أشد فهي لا تشبع عن طريق بنك أو شركة، ولا بد أن تلدغكم. فاعملوا ما يليق بكم، وتغلبوا على مخاوفكم، وابصقوا في وجه الظالم الذي يستحق، واتركوا لأولادكم اسمًا يفتخرون به بدلاً من ثروة تجلب لهم العار.
فإنكم إن فعلتم ذلك قد لا تنفعون بنك آسيا وحركة الخدمة والأستاذ فتح الله كولن، لكن ستنفعون أنفسكم، وإن كنتم لا تستطيعون فعل ذلك فإننا لن نذكركم حتى بهذه الأسطر حين نتجاوز هذه المحنة، فكونوا على ثقة بأننا لن نطعن ولن نشنِّع…
ويا أيها الصحفيون الذين ينشرون الأخبار الكاذبة كل يوم، وتمتنعون عن ذكر الحقائق بسبب الخوف لن نخاطبكم الآن ولا في المستقبل.