بقلم: لاله كمال
تولي الولايات المتحدة اهتمامًا كبيرًا لمشاركة الدول العربية كقوة إضافية في التحالف الذي شكلته ضد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش)، والذي يضم 10 بلدان من بينهم تركيا، البلد المسلم الوحيد ضمن أعضاء حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لشنّ هجمات جوية مشتركة على التنظيم سواء في الأراضي العراقية أو السورية.
من المعروف أن داعش يتمتع بدعم بين قاعدة في الشعوب العربية، وإن كنا قد شاهدنا صورًا ومقاطع مصورة بثها عناصر داعش يعدمون صحفيين وعاملين بالإغاثة الإنسانية بطريقة وحشية، وتهتم واشنطن كثيرًا بالحصول على الدعم المباشر من الدول العربية في الحرب على داعش لمواجهة أية أقاويل تنتشر في الرأي العام الإسلامي في المستقبل من قبيل: “لقد قتل النصارى الغربيون هؤلاء المسلمين، حتى وإن كانوا إرهابيين”.
وينبغي للدول العربية أن تحدد نوعية الدعم الذي ستقدمه لقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في حربه على داعش بحلول منتصف أكتوبر/ تشرين الأول المقبل كحد أقصى، والأمر نفسه ينطبق على تركيا، التي كانت مقيدة بالأغلال بسبب الرهائن الذين احتجزهم داعش في الموصل منذ شهر يونيو/ حزيران الماضي، ويا ليت كان التاريخ يرجع إلى الوراء ولم ترتكتب أنقرة خطأ استخباراتيًا كبيرًا أفضى إلى سقوط 49 مواطنًا تركيًا في أيدي داعش، غير أن ذلك أمر قد مضى وعفا عليه الزمن.
في الوقت الذي وجَّهت فيه تهم إلى أنقرة بتسهيل عبور عناصر داعش من أراضيها بُغية “إسقاط نظام بشار الأسد الاستبدادي في سوريا”، لا تزال نوعية الدعم الذي ستقدمه أنقرة، التي أصبحت ضمن أهداف هذا التنظيم، لأعضاء التحالف الغربي في حربه ضد داعش، مبهمة حتى الآن.
تقول أنقرة إنها ربما تتعاون مع التحالف الغربي في مجال المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجات اللاجئين السوريين والإيزيديين وكذلك الأكراد الذين فروا مؤخرًا من المدن ذات الأغلبية الكردية شمال سوريا أمام تقدم عناصر تنظيم داعش، وإذا طلبت واشنطن من تركيا استخدام قاعدة إنجيرليك الجوية في محافظة أضنة، فهناك نقاشات دائرة حاليًا تفيد بأن تركيا ربما تقدم الدعم اللوجسيتي، وليس العسكري، لقوات التحالف كما فعلت إبان احتلال العراق عام 2003.
حسنًا، هل ستقنع الولايات المتحدة، بصفتها قائدة التحالف ضد داعش، بهذا الدعم الذي ستقدمه أنقرة؟ ..لا، لن تقنع به؛ ذلك أنها ربما تطلب من تركيا إظهار مرونة في استخدام قاعدة إنجيرليك الجوية، المجهزة بأحدث الوسائل التكنولوجية، لأغراض عسكرية على المدى الطويل في صراعها الفعال ضد تنظيم داعش، أي أن واشنطن ربما تطلب من أنقرة السماح لطائرات التحالف المحملة بالقنابل بالإقلاع من هذه القاعدة لضرب معاقل داعش في سوريا والعراق.
ويتوقع الخبراء أن الإدارة الأمريكية ترجح تقديم طلب استخدام قاعدة إنجيرليك إلى حليفتها تركيا بشكل مرن وصبور عوضًا عن تلقي رد محتمل بالرفض من جانب أنقرة.
ومن ناحية أخرى، كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أدلى بتصريح خلال زيارته إلى قطر الأسبوع الماضي تعهد فيه بتقديم الدعم لعملية مكافحة كل التنظيمات والجماعات الإرهابية في المنطقة، لتكون أنقرة قد لبّت بشكل كبير الدعم السياسي الذي تنتظره واشنطن من حلفائها في حربها ضد داعش، وقد شعرت الإدارة الأمريكية بالرضا من عدم ذكر أردوغان اسم داعش صراحة بسبب احتجازه للرهائن الأتراك، في ذلك الوقت، وإن كان هذا قد أزعج بعض الأوساط في واشنطن.
كانت أنقرة قد وافقت على قدوم وفود هيئة أمريكية إلى تركيا الأسبوع المقبل بهدف بحث المكافحة المشتركة لواشنطن وأنقرة لمواجهة عمليات تهريب داعش للنفط عبر الأراضي التركية، ومن المنتظر أن تطرح الولايات المتحدة سلسلة من المقترحات كتعقب أنشطة التهريب من خلال استخدام بعض الإمكانيات التقنية، بما في ذلك الطائرات من دون طيار من طراز (Predator) المرابضة في قاعدة إنجيرليك الجوية.
إلا أن أزمة الرهائن كانت تحول دون المشاركة الفعالة من جانب تركيا في مكافحة تنظيم داعش الذي رأت في النهاية أنه كذلك يهدد مصالحها الأمنية، كما أن هذه الأزمة كانت تمنع تركيا من وقف عبور عناصر هذا التنظيم الإرهابي عبر أراضيها، ذلك أن داعش كان يضع شرط عبور عناصره عبر أراضي تركيا بأريحية تامة في مقابل مواصلة مفاوضات إطلاق سراح الرهائن الأتراك، الذين عادوا إلى تركيا فجر السبت.
صحيفة” زمان” التركية
20/9/2014