بقلم: سلجوق جولطاشلي
سيطرت حالة من الفرحة الملحوظة على الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (ناتو) عندما رجح أغلبية الشعب الاسكتلندي البقاء ضمن المملكة المتحدة خلال الاستفتاء الذي جرى الخميس الماضي، ورفض 55% من المشاركين فيه الانفصال عن المملكة المتحدة، وهي نسبة فاقت التوقعات.
لقد صدرت تصريحات متتالية من مؤسسات الاتحاد الأوروبي وزعماء الدول الأعضاء، الذين خيّم عليهم الصمت قبيل الاستفتاء خشية التأثير في التوازنات، حول كيف أن الشعب الاسكتلندي أفصح عن “حصافته” عندما اختار البقاء ضمن المملكة المتحدة. وفي الوقت الذي أعرب فيه رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو عن سعادته لترجيح الاسكتلنديين البقاء ضمن الملكة المتحدة، رأينا أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) أندرس فو راسموسن هنأ رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، غير أن هناك من شدد على ضرورة التعامل بحرص وحذر مع صيحات الفرح القادمة من أوروبا، وهناك من لفت إلى أن “شبح الانفصال” قد خرج من “عنق الزجاجة”، وأن الاسكتلنديين ربما يجرون استفتاءً مرة ثانية على الاستقلال خلال السنوات المقبلة، مؤكدًا ضرورة متابعة الطريق الذي سيسلكه كاميرون لمنح اسكتلندا المزيد من الصلاحيات. كما أن ثمة زيادة في أعداد من يرون أن حل هذه المسألة يكمن في الكيان الفيدرالي (الاتحادي) .
وبعدما رفض الاسكتلنديون الانفصال عن المملكة المتحدة، بدأ المسؤولون في ألمانيا التي تمتلك كيانًا فيدراليًا يصدرون التصريحات حول فضائل “النظام الألماني” في الحكم، أما أكثر التصريحات إثارةً للدهشة فقد جاءت من العضو البلجيكي بالمفوضية الأوروبية كارل دي جوت، الذي تقوى في بلده النزعة الانفصالية؛ إذ قال: “إذا كان الاسكتلنديون قد رجحوا الاستقلال لكنا وقعنا في وضع شبيه بما وقع في الاتحاد السوفيتي في الماضي من انقسام وتفكك” .
وفي الوقت الذي أوضح فيه دي جوت أن استقلال اسكتلندا كان سيشعل فتيل الحركات الانفصالية ويشجعها على السعي للاستقلال هي الأخرى، أفاد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند بأن الاتحاد الأوروبي يواجه شبح التقسيم مما سيفضي إلى ظهور خطر انهيار مشروع الوحدة بين الدول الأعضاء، وهي دول تعتبر حساسة من قبل دي جوت وكذلك الحركات الانفصالية في فرنسا.
وبينما حاز حزب (NV-A) القومي المطالب باستقلال المنطقة الفلمنكية عن بلجيكا على المركز الأول في الإنتخابات الأخيرة ، فإن فرنسا لا تزال تمتلك واحدًا من أكثر الكيانات الحكومية مركزيةً في أوروبا. وهناك حركات انفصالية في فرنسا في مناطق كورسيكا وبريتاني والباسك، وإن لم تكن بقدر الحركات الموجودة في إسبانيا وبلجيكا وإيطاليا.
“لم يصب الجميع بالجنون”
أما رئيس الوزراء التشيكي بوهوسلاف سوبوتكا، الذي دعم خيار الاسكتلنديين، فقد أكد أن نتيجة الاستفتاء أثبتت أن “الجميع لم يصب بالجنون”، وأضاف السياسي الديمقراطي الاشتراكي قائلا: “لو كان الاسكتلنديون قد رجحوا الاستقلال لكنا سنشهد ظهور مشاكل في العديد من الدول الأوروبية”.
إذا كان الاسكتلنديون لم يرجحوا الاستقلال عن أراضي المملكة المتحدة في الوقت الحالي، فلقد سجل هذا الاستفتاء حق مختلف المناطق والأقاليم في ترجيح الانفصال عن بلدانها، وعلينا أن نسجل أن الاستفتاء الاسكتلندي سيشكل نموذجًا في أوروبا خلال المرحلة المقبلة، وأنه في حالة إجراء استفتاء مماثل في منطقة ما ببلد مثل إسبانيا أو بلجيكا فإن التصويت بـ”لا” فيه سيكون أكثر صعوبة مما كان عليه في اسكتلندا.
صحيفة” زمان” التركية
20/9/2014