بقلم: طورخان بوزكورت
إن أحكام القانون المصرفي التركي واضحة وجلية للغاية، وتنص المادة 74 على أن الإضرار باعتبار مصرف من المصارف والتشهير به وترويج الادعاءات والمزاعم الكاذبة في هذا الإطار يعد جريمة يعاقب عليها القانون.
ويحاكَم من ينتهكون هذه المادة بالحبس لمدة قد تصل إلى خمس سنوات بسبب الأضرار التي ألحقوها بالمصرف المستهدَف، ولا يخفى على أحد قطّ أن بنك آسيا، أحد أكبر المصارف غير الربوية في تركيا، يتعرض لحملات تشويه ممنهجة منذ 9 أشهر بقصد إغراقه، وكلما بادرت المؤسسات المعنية بالتحرك في إطار القانون، ينتهك الرئيس رجب طيب أردوغان القانون ويعمد إلى الهجوم على هيئة تنظيم ومراقبة المصارف وكذلك بنك آسيا على حد سواء، ولاريب في أن العقلاء بدأوا يشعرون بالحيرة والدهشة الشديدتين لإقدام شخصية تتولى منصباً حساساً كرئاسة الجمهورية على مثل هذه الإجراءات بوصفها قضية قومية تهمه، على الرغم من معرفته بأن هذا سيضر بالاقتصاد الوطني.
وكان أردوغان أدلى بتصريحات كارثية تعتبر بمثابة “فضيحة” خلال رحلة عودته من زيارته إلى قطر؛ إذ قال عبارات تنمّ عن تحيزه في مسألة تندرج في إطار مسؤوليات هيئة تنظيم ومراقبة المصارف، وكما حدث في مسألة الشراكة في بنك آسيا، فقد تدخل أردوغان في مسألة إدراج أسهم المصرف في البورصة، ويبدو أن الرئيس أردوغان ألحق اللجان العليا وضمها إلى سلطاته ونحن لا نعلم! وقد بادر إلى توجيه النصح والإرشادات لهيئة تنظيم ومراقبة المصارف بطريقة لم يرها أحد في أي مكان آخر في العالم، وهذا يعد ابتزازًا وتهديدًا وانتهاكًا للقوانين والدستور عيانًا بيانًا، والمادة 82 من القانون المصرفي لا تسمح له بذلك، فماذا تقول هذه المادة؟: “إن الهيئة تنفذ المهام وتستخدم الصلاحيات المنوطة بها في إطار شؤون التنظيم والمراقبة الممنوحة لها بهذا القانون وهذه اللوائح، تحت مسؤوليتها وبشكل مستقل، ولا يمكن إخضاع قرارات الهيئة للمراقبة من أجل التأكد من توافقها مع القانون، ولا يمكن لأي جهاز أو هيئة أو شخص إصدار الأوامر والتعليمات للتأثير في قراراتها”، وكما نرى فإن أردوغان انتهك هذا الحكم مرة أخرى.
إن أردوغان يعرب عن انزعاجه من الدعم الذي يقدمه أبناء هذه الأمة المخلصين لبنك آسيا بايداع أموالهم فيه، إذ قال: “لا يمكنللساقية أن تدور بقوة دفع مياه منقولة”، لوصف محاولات الشعب التركي الرامية إلى الحيلولة دون إغراق المصرف من قبله وفريقه، ولا يتورّع عن تشويه صورة هؤلاء الأشخاص الذين يجب علينا أن نصفّق لهم على هذا التصرف البطولي، ياله من أمر محزن!
إن هيئة تنظيم ومراقبة المصارف ملزمة بحماية بنك آسيا كغيره من المصارف الأخرى في تركيا، وإن لم تؤدِ الهيئة مهمتها هذه فإنها ستكون مسؤولة أمام الأمة عن الأضرار التي ستصيب المساهمين في بنك آسيا ومستثمريه وسائر مصارف تركيا والبلاد جميعًا.