عمدت إدارة حزب العدالة والتنمية الحاكم إلى تطبيق إجراءات تمييزية إزاء العديد من الصحف والقنوات التلفزيونية في مؤتمر الحزب الأخير، ولم تسمح لبعض الصحفيين بدخول قاعة المؤتمر، وكانت الحكومات العسكرية، لا سيما حكومة انقلاب 28 فبراير / شباط 1997، تتبع هذه الطريقة نفسها في التعامل مع وسائل الإعلام، فهل أصبح لجوء الحزب الحاكم اليوم لهذه الطريقة شيئًا مناسبًا وعاديًا؟ وماذا يسمي من يرددون عبارة “تركيا الجديدة”، ليل نهار، هذا الإجراء؟ فهذه هي “تركيا القديمة جدًا” بعينها!
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]هل تعلمون ما هو أكثر الجوانب غرابة وإيلاما في هذا الأمر بالنسبة لتركيا؟ هو سكوت بعض زملائنا من الإعلاميين على هذه الواقعة على الرغم من تعرضهم للتمييز قبل ذلك، انظروا إلى ما كتبه وقاله في الماضي أولئك الذين يُحدثون جلبة اليوم بسؤالهم “لماذا دُعي فلان للمشاركة في ذلك البرنامج في القصر الجمهوري؟”، وحينها ستفهمون كيف أن هذه الوضعية أليمة للغاية.[/box][/one_third]عندما كنا نشهد مثل هذه الإجراءات التعسفية في الماضي، كانت الأصوات المعارضة تتعالى من كل فئة من فئات المجتمع، لاسيما الطبقة المحافظة، وكان العسكر يردون على هذه الانتقادات بقولهم: “إن هذه الإجراءات تطبَّق في العديد من دول العالم”، نعم هذا صحيح، فإجراء التمييز بين الصحفيين يطبَّق في عدد من الدول الديمقراطية، لكن أحدًا لا يمكن أن يصادف تطبيقًا غير منطقي كالذي يطبَّق في تركيا اليوم.
إن الغرض من تطبيق عملية التمييز هو ضمان مشاركة المراسلين من أصحاب الخبرة في الاجتماعات التي تتطلب خبرة خاصة في مواضيع النقاش، فعلى سبيل المثال يسمح فقط بمشاركة الإعلاميين ذوي الخبرة في المجال العسكري في المؤتمرات والاجتماعات ذات الصلة بهذا المجال حتى يستطيعوا تغطية المؤتمر بشكل كامل والاهتمام بجميع التفاصيل الكبيرة والصغيرة، ولهذا السبب تجدون مراسلين متخصصين في المجال العسكري والدفاعي في الصحف والقنوات التليفزيونية، ولا يمكن تطبيق إجراء التمييز على المجموعات الإعلامية جملة واحدة بسبب معتقداتها أو أيديولوجياتها أو مواقفها السياسية، وإذا حدث شيء كهذا، فلا يمكن أن نطلق وصف الديمقراطية على إدارة هذا البلد…
هل تعلمون ما هو أكثر الجوانب غرابة وإيلاما في هذا الأمر بالنسبة لتركيا؟ هو سكوت بعض زملائنا من الإعلاميين على هذه الواقعة على الرغم من تعرضهم للتمييز قبل ذلك، انظروا إلى ما كتبه وقاله في الماضي أولئك الذين يُحدثون جلبة اليوم بسؤالهم “لماذا دُعي فلان للمشاركة في ذلك البرنامج في القصر الجمهوري؟”، وحينها ستفهمون كيف أن هذه الوضعية أليمة للغاية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لقد ثبت بالتجربة أن الظلم الذي يمارسه البعض تحت مسمى التمييز يضر بصاحب الحظر، وليس بالمؤسسة الإعلامية، وإذا كان ثمة عار، فلا يلحق بالمظلومين، بل بالظالمين المتكبرين، ويعرف جيدًا أصحاب المواقف المشرفة فيما يتعلق بالحقوق والحريات الأساسية في تركيا، أن ما يحدث هو تناقض فاضح وأن هناك جريمة تمييز ترتكَب.[/box][/one_third]كان بعض الإعلاميين من زملائنا يصولون ويجولون بأصواتهم العالية وأقلامهم القوية في الصحف والقنوات التليفزيونية في وقت من الأوقات، لكنهم اليوم يصمتون وكأنهم ابتلعوا ألسنتهم في مواجهة لجوء الحكومة الحالية إلى الإجراءات غير الديمقراطية ذاتها التي كانت تطبَّق في الماضي، وهو ما يوضح لنا عيانًا بيانًا المعنى الحقيقي لمصطلح “تركيا الجديدة” التي يتحدثون عنها، ألا يستطيع أحدكم أن يكتب جملة مفيدة واحدة فيما يتعلق بحرية الإعلام! بالله عليكم، هل أُسِرتم إلى هذا الحد!
ثمة جانب مضحك آخر لهذه القضية: إن البرنامج التليفزيوني الذي قلتَ أنك طبقت عليه التمييز، يُبث في الواقع مباشرة في العديد من القنوات، فما هو الذي تحظره إذن؟ فلا يمكن فرض حظر مضحك كهذا على برامج تبث مباشرة في أي دولة في العالم، فهذا هو خسوف العقل بالضبط، آمل ألا يكملوا السير في طريق المحظورات هذا.
لقد ثبت بالتجربة أن الظلم الذي يمارسه البعض تحت مسمى التمييز يضر بصاحب الحظر، وليس بالمؤسسة الإعلامية، وإذا كان ثمة عار، فلا يلحق بالمظلومين، بل بالظالمين المتكبرين، ويعرف جيدًا أصحاب المواقف المشرفة فيما يتعلق بالحقوق والحريات الأساسية في تركيا، وكذلك أولئك الذين ينظرون للوضع من خارج تركيا ويؤمنون بذلك، يعرفون أن ما يحدث هو تناقض فاضح وأن هناك جريمة تمييز ترتكَب، ويا له من شيء محزن أن يقع من عارضوا عمليات التمييز في الماضي واعتبروها إجراء معاديا للديمقراطية، في الخطأ نفسه وباستعمال الحجج ذاتها، فهل هناك من يدافع عن عكس هذه الوضعية؟