بقلم: شاهين ألباي
واصل رجب طيب أردوغان تولي منصبي رئيس الوزراء ورئيس حزب العدالة والتنمية بعد انتخابه رئيسًا للجمهورية، غير آبه بضرورة الاستقالة من هذين المنصبين وفق أحكام الدستور، وقد اختار وزير الخارجية أحمد داود أوغلو، كما توقع الجميع، لترشيحه لمنصب رئيس الحزب خلفًا له، وذلك في المؤتمر العام الذي من المقرر أن يقعد بعد غد “الأربعاء”.
ويشرح لنا التعليق الذي أطلقه النائب البرلماني المستقيل من حزب العدالة والتنمية خلوق أوزدالجا ما يحدث في حزبه القديم على النحو التالي: “إذا كانوا قد سمحوا لأن تسير الأمور في مجراها داخل الحزب، فالجميع يعلم أن عبد الله جول كان هو الذي سيرأس الحزب، فيما يتولّى بولنت آرينتش منصب رئيس الوزراء عن جدارة واستحقاق، وكان كل شيئ سيتشكل وفق ظروف ذلك اليوم عقب إجراء الانتخابات البرلمانية بعد 10 أشهر. لكن الرئيس جول أقصي من السباق السياسي داخل الحزب بواسطة بعض عمليات التلاعب، ومن ثم صارت الشخصية التي يرغب بها أردوغان هي المرشح الأوحد لرئاسة الحزب، وعليه قطعوا الطريق أمام آرينتش للوصول إلى رئاسة الوزراء. وكان أردوغان قد أعرب عن نيته في مراقبة أعمال الحزب وهو في القصر الجمهوري، وربما يتحكم أيضًا في شؤون الحزب بنفسه. وإذا لم يسير أي حزب سياسي في مجراه الطبيعي وجرى التحكم فيه بواسطة جهاز التحكم عن بعد، فإنه لا يستطيع مواصلة حيويته”. (موقع F5 Haber، 19 أغسطس / آب)
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]اتضح للعيان من سيكون رئيس وزراء تركيا القادم. والسؤال الذي يشغلنا الآن هو هل سيكون داود أوغلو رئيس وزراء “دمية” يحركها أردوغان كيفما يشاء؟ لا سيما وأن هذا الأخير مصرّ على مواصلة توليه رئاسة الجمهورية والوزراء والحزب (بالرغم من عدم سماح الدستور بهذا). أو بتعبير آخر، هل سيكون داود أوغلو رئيسا لمجلس وزراء، وليس رئيس وزراء، كما قال ذلك وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي؟ هناك قناعة عامة تشير إلى أن داود أوغلو يميل إلى لعب هذا الدور من أجل مشاطرة الفاتورة السياسية لفشله في السياسة الخارجية مع أردوغان.[/box][/one_third]لا يخفى على أحد أن العامل الأكبر الكامن وراء اختيار داود أوغلو لتولي رئاستي الوزراء والحزب هو ولاؤه أكثر من كفاءته، هذا فضلًا عن أن أردوغان كان قد أوضح ذلك بشكل لا يدع مجالا للشك، حيث قال: “لقد كان للمثابرة التي أظهرها داود أوغلو في مكافحة الكيان الموازي دورًا حاسمًا في اختياره لتولي هذين المنصبين…” ومن جانبه ردّ داود أوغلو بالجواب المطلوب؛ إذ قال: “إن كوادر حزب العدالة والتنمية على أهبة الاستعداد لمواجهة أي شخص يريد أن يعيق هذه المسيرة، سواء تحت عباءة الكيان الموازي أو أي كيان آخر…”
يمكننا تقييم أداء داود أوغلو من خلال تقسيمه إلى مرحلتين، المرحلة الأولى عندما كان كبيرًا لمستشاري رئيس الوزراء فيما بين عامي 2002 – 2009، أما المرحلة الثانية فمنذ أن تولى منصب وزير الخارجية منذ عام 2009 إلى اليوم: أسفرت سياسة “تصفير المشاكل مع دول الجوار”، التي أسسها داود أوغلو وقادها، عن نتائج ناجحة جدًا على المستويين الأمني والاقتصادي حتى اندلعت شرارة الربيع العربي مطلع عام 2011.
وسرعان ما تبنّت تركيا سياسة دعم الثورات الشعبية في البلدان العربية، على افتراض أن هذه الثورات ستنجح، الأمر الذي تمخّض عنه وضعية صعبة بالنسبة لتركيا في ظل الأحداث التي شهدتها سوريا ومصر، ويشهدها العراق حاليًا، وهذا معلوم للجميع.
ولقد كان السبب الرئيسي لولاء داود أوغلو لأردوغان هو دعم هذا الأخير له ووقوفه بجانبه في هذه الفترة العصيبة، أما داود أوغلو فقد أدّى دَيْنه تجاه أردوغان من خلال استهداف حركة الخدمة بأفظع العبارات. وإلا فلا يمكن لأحد أن يتصور أن داود أوغلو ليس مدركًا للإسهامات الكبيرة التي قدمتها حركة الخدمة للنهوض بتركيا من خلال مدارسها المنتشرة في 120 بلدًا حول العالم ورجال أعمالها. ويعلم الجميع أن أردوغان وداود أوغلو على حد سواء كانا يتصرفان في إطار الوعي بإسهامات الخدمة حتى بدأ يرددان الهراء الذي يقول إن حركة الخدمة حاولت تنظيم انقلاب ضد حكومتهما، وذلك في سبيل التستر على التحقيق في أكبر قضية فساد ورشوة عرفتها تركيا منذ قيام الجمهورية.
اتضح للعيان من سيكون رئيس وزراء تركيا القادم. والسؤال الذي يشغلنا الآن هو هل سيكون داود أوغلو رئيس وزراء “دمية” يحركها أردوغان كيفما يشاء؟ لا سيما وأن هذا الأخير مصرّ على مواصلة توليه رئاسة الجمهورية والوزراء والحزب (بالرغم من عدم سماح الدستور بهذا). أو بتعبير آخر، هل سيكون داود أوغلو رئيسا لمجلس وزراء، وليس رئيس وزراء، كما قال ذلك وزير الاقتصاد نهاد زيبكجي؟ هناك قناعة عامة تشير إلى أن داود أوغلو يميل إلى لعب هذا الدور من أجل مشاطرة الفاتورة السياسية لفشله في السياسة الخارجية مع أردوغان.
لكن لا أعتقد أن أردوغان نفسه يعرف إجابة هذا السؤال، وأظن أنه سينتظر ليرى ماذا ستسفر عنه الأمور في قادم الأيام. وإذا لم يظهر داود أوغلو الولاء الذي ينتظره منه، بعدما ذكّره بأنه هو “الذي كان له الفضل في دخوله المعترك السياسي”، كما قالها عن الرئيس جول، فلماذا لا يخوض أردوغان الانتخابات البرلمانية العام المقبل برئيس حزب ورئيس وزراء جديد غير داود أوغلو؟ وعلى سبيل المثال، لماذا لا ينضم صديقه المقرب مؤخرًا رئيس جهاز الاستخبارات خاقان فيدان إلى التشكيل الحكومي من الآن ليستعد للعب دور كهذا؟!
صحيفة” زمان” التركية