إسطنبول (زمان عربي) – كشف كاظم جولاتش يوز رئيس تحرير جريدة “آسيا الجديدة” التركية، عن تشكيل تحالفات وتكتلات جديدة لمحاولة تصفية الحركات والجماعات الدينبة الموجودة داخل تركيا.
وكتب جولاتش يوز: “إن واحدة من الحقائق المتعارف عليها، هي أن هناك محاولات مستميتة للعقلية الكمالية – التابعة لفكر مصطفى كمال أتاتورك مؤسس الجمهورية التركية والفكر العلماني في تركيا – لتصفية الحركات والجماعات الدينية داخل تركيا، لإفشالها لمبادراتها الرامية إلى إنشاء مجتمع وبنية ملائمة ومتناغمة مع أهدافها وطموحاتها.
وأضاف: “فالدهر وصفحات التاريخ شاهدة على ما تعرض له أتباع الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي وطلابه من الضغوطات والتضييق والأساليب التعسفية، خلال فترة الحزب الواحد والرجل الواحد التي عاشتها الجمهورية التركية فيما قبل خمسينيات القرن الماضي، وما شهدته بعد ذلك من فترة عصيبة تحت وطأة الإنقلابات العسكرية”.
وأعاد جولاتش يوز إلى الأذهان الفترات التي شهدت تعرض الجماعات الدينية لمداهمات من قبل قوات الأمن وقوات الدرك (الجاندرما)، وعمليات اعتقالات، والزجّ بأناس أبرياء إلى السجون والمحاكمات، بالإضافة إلى أساليب التعذيب المادية والمعنوية، والتعذيب النفسي، واستخدام سياسة الدعاية السوداء وحملات التشويه، وغيرها من الأساليب الاستفزازية التي لا يعقلها عاقل.
وتابع: “فكل هذه المحاولات وهذه الأساليب لم يكن الهدف منها إلا محاولة الفتنة والإيقاع بالجماعات الدينية؛ ولكن عند النظر بشكلٍ عام إلى نتائج هذه الحملات نجد أنها فشلت في إعاقة وعرقلة خدمات ونشاطات هذه الجماعات، بل وعلى العكس تمامًا نجد أنها أصبحت وسيلة لتطور وترعرع فكر هذه الحركات والجماعات. فغالبًا كان الأمر عبارة عن تقسيم للأدوار بشكلٍ فطري، ضمن الخطة القدرية لله سبحانه وتعالى، فكل إنسانٍ يسلك المسار الذي يتفق مع فكره وفطرته للوصول إلى طريق مشترك لخدمة الحق”.
وقارن الكاتب مع مايجري في تركيا حاليا بقوله: “الفترة العصيبة التي نعيشها هذه الأيام التي وصلت فيها الخلافات والنقاشات السياسية إلى مرحلة أصابت الوحدة والأخوة، تنبئ عن مخاطر وتهديدات خطيرة جدًا، وتبعاتها ووبال أمرها تقع على المتسبِّبين لها، بطبيعة الحال، مشدِّداً على أن عدم التخلي عن روح الاعتدال والسماح في مثل هذه الأوقات الدقيقة والعصيبة في مواجهة الفتن ومثيريها، أمرٌ مهم للغاية.
وعقب قائلا: “من الممكن أن نكون مختلفين في الرأي حول الحياة والقضايا السياسية، بيد أن هذا لا يستدعي أن يصل الأمر إلى حد المخاصمة والشقاق، فاختلاف الرأي لا يفسد، للود قضية”.
وتناول الكاتب إحدى المقاربات السياسية التي لا تتسم نظرتها للجماعات الإسلامية بالإيجابية، وأكَّد أن ما سموه “الإسلام السياسي” هو الذي يمثل هذه المقاربة، وفصّل قائلاً: “فبعد عام 1950 انتقلت الحياة السياسية في تركيا من مرحلة الحزب الواحد إلى مرحلة التعددية الحزبية، كان الاختيار السياسي لرواد وطلاب الحركة النورية والسليمانية وقع على الحزب الديمقراطي المدعوم من قبل الجماعات المتجذرة في المجتمع أيضاً، إلى جانب امتداداته السياسية فيما بعد، وبهذا ساهموا في تدعيم وتقوية الحرية السياسية القائمة على إرادة الشعب في مواجهة الوصاية البيروقراطية، وأصبح لديهم القدرة على تطوير خدماتهم في مجال الديمقراطية بكل حرية، وهذا ما كان قد أشار إليه الأستاذ بديع الزمان سعيد النورسي في تحليله للأحزاب الأربعة السائدة آنذاك. إلا أنهم لم يبدوا اهتماماً ولم ينشغلوا بالأحزاب التي زعمت أنها تخوض غمار السياسة “باسم الدين”. ولما أسَّس الراحل نجم الدين أربكان حزب النظام القومي لم ينظروا إليه بإيجابية ووقفوا في مسافة بعيدة عنه، بل اعترضوا عليه بسبب المخاطر والمشكلات التي سيتسبّب في ظهورها”.
واختتم رئيس تحرير جريدة “يني آسيا” بالتنويه إلى أن نظرة حزب العدالة والتنمية الحاكم للجماعات الموجودة في البلاد مبنية على هذه الخلفية التاريخية، نظراً لأن جذوره في أصلها تعود إلى حزب أربكان، حزب النظام القومي، وأكّد أنه لذلك يتهم الجماعات بمحاولة عرقلة أو تأخير “الحكم الإسلامي” الذي ينشده، ويبدو أنه “يُسعِد” الجماعات التي تمكَّن من استمالتها إلى جانبه، غير أنه يظل هناك حساب يرى أنه يجب تصفيته مع الجماعات الإسلامية التي لم تبايعه ولم تخضع له، وتصفية هذه الجماعات هي أحد الأمور التي يتفق فيها العدالة والتنمية مع الكماليين.