بقلم: لاله كمال
كان الرئيس التركي الحالي عبد الله جول ضِمن الفريق أو الكادر الأساسي الذي أسس حزب العدالة والتنمية، بل إنه هو الذي دعا رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان للانضمام إلى الحزب.
انتهت ولاية جول في منصبه الذي سيسلمه يوم 28 أغسطس / آب الجاري إلى أردوغان الذي فاز بدوره بأغلبية الأصوات في أول انتخابات رئاسية أجريت عن طريق الاقتراع المباشر من قبل الشعب يوم الأحد الماضي. وقد عمد جول إلى تنفيذ حملته الأولى في طريق العودة إلى مباشرة العمل السياسي.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لقد ظهر مخطط تصفية جول وإقصائه من المشهد السياسي عندما أعلنت إدارة حزب العدالة والتنمية أن المؤتمر الذي سيجري خلاله تسمية رئيس الوزراء ورئيس الحزب الجديد سيعقد يوم 27 أغسطس، أي قبل يوم واحد من انتهاء فترة ولاية جول الرئاسية، وبهذه الطريقة مُنع جول من الترشح لرئاسة الحزب.[/box][/one_third]أو بالأحرى فإن جول عجّل بحملته هذه عندما عجّلوا هم أيضًا بتنفيذ مخطط تصفيته من الحزب، وقال في تصريحات صحفية أدلى بها خلال مراسم حفل وداع منصبه “لا شك أنني سأعود إلى صفوف حزبي بعد انتهاء ولايتي الرئاسية، وهذا هو الطبيعي بالنسبة لي، فقد كنت من بين من غرسوا بذور حزب العدالة والتنمية”.
لقد ظهر مخطط تصفية جول وإقصائه من المشهد السياسي عندما أعلنت إدارة حزب العدالة والتنمية أن المؤتمر الذي سيجري خلاله تسمية رئيس الوزراء ورئيس الحزب الجديد سيعقد يوم 27 أغسطس، أي قبل يوم واحد من انتهاء فترة ولاية جول الرئاسية، وبهذه الطريقة مُنع جول من الترشح لرئاسة الحزب.
وكما تعلمون فإن عضوية جول بالبرلمان كانت قد سقطت بانتخابه رئيسًا للجمهورية عام 2007، ويجب عليه المشاركة في الانتخابات البرلمانية العام المقبل من أجل استعادة عضويته بالبرلمان واختياره لمنصب رئيس الوزراء إذا ما حصل بعد ذلك على الدعم والتأييد اللازمين، وكان أردوغان قد صرح قبل ذلك بقوله “شخص واحد سيتولى رئاسة حزب العدالة والتنمية ورئاسة الوزراء”، كعلامة لتصميمه على إدارة الحزب من القصر الجمهوري وإقصاء جول من المشهد السياسي، بينما كانت هذه الوضعية لا تحول دون اختيار جول لرئاسة الحزب ليكون خليفة لأردوغان.
يعتبر الرئيس جول من الأسماء التي ينظَر إليها على أنها يمكن أن تسهم – ولو بالقليل – في الخروج من دوّامة الاضطرابات التي تشهدها تركيا حاليًا، وذلك بالرغم من أنه لم يعارض جميع القوانين المناهضة للديمقراطية التي استغلت الحكومة الأغلبية البرلمانية التي يتمتع بها الحزب الحاكم لتمريرها في سبيل وقف عملية تحقيقات الفساد والرشوة الكبرى التي كُشف عنها يوم 17 ديسمبر / كانون الأول الماضي، والتي توقفت بالفعل، الأمر الذي أفضى إلى إصابة الداخل والخارج بخيبة أمل كبيرة.
وكان جول – على الأقل – قد أعلن في وقت سابق أن النموذج الروسي المتمثل في تبادل فلاديمير بوتين وديمتري مدفيديف منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء فيما بينهما، يعتبر نموذجًا مخالفًا للديمقراطية، وبالتالي أطلع الرأي العام في الأشهر الماضية على أنه لن يتولى رئاسة الوزراء خلفًا لأردوغان الذي سيتقلّد بدوره رئاسة الجمهورية.
لا نعرف بالضبط قدر الدعم الذي سيتلقّاه جول من حزبه من أجل تولي منصب رئيس الوزراء إذا انتخب نائبًا بالبرلمان في انتخابات العام المقبل، غير أن بعض المصادر بالقصر الجمهوري قالت، بحسب ما جاء في بعض الأخبار الصحفية، إن ثمة ضغطاً استثنائياً يمارَس عليه، في إشارةً إلى جول، من أجل العودة إلى صفوف الحزب.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن الرئيس عبد الله جول سيعود إلى الحياة السياسية من أجل تولي منصب رئاسة الوزراء، لكن هذه العودة ستكون وفق قواعده الخاصة، فرئيس الوزراء أردوغان لا يرغب في أن يكون تحته رئيس وزراء قوي عندما يتولى رئاسة الجمهورية، كما أن بنية شخصية جول ليست من النوعية التي تسمح بالتدخل في شؤون السلطة التنفيذية، حتى وإن كان هذا التدخل من أردوغان الذي سيرغب في التدخل.[/box][/one_third]وفي الواقع فإنه بالرغم من أن جول قد صرح أول أمس بأنه سيعود إلى حزبه، أي إلى مزاولة العمل السياسي، فإنه كان قد ألمح بشكل قوي إلى نيته تلك قبل فترة طويلة، وكنتُ قد كتبت في إحدى مقالاتي التي نشرتها الصحيفة التي كنت أعمل بها بتاريخ 21 يونيو/ حزيران 2012، في إشارة إلى مصدر مقرّب للغاية من جول، ما يلي:
“إن الرئيس عبد الله جول سيعود إلى الحياة السياسية من أجل تولي منصب رئاسة الوزراء، لكن هذه العودة ستكون وفق قواعده الخاصة، فرئيس الوزراء أردوغان لا يرغب في أن يكون تحته رئيس وزراء قوي عندما يتولى رئاسة الجمهورية، كما أن بنية شخصية جول ليست من النوعية التي تسمح بالتدخل في شؤون السلطة التنفيذية، حتى وإن كان هذا التدخل من أردوغان الذي سيرغب في التدخل..
سينتظر جول لمدة سنة فيما بين عامي 2014 و2015 وسيركز على الفعاليات الانتخابية، وسيخطط للعودة إلى السياسة في الانتخابات البرلمانية التي ستجري في صيف 2015، وعودته هذه ستحدث ضجّة كبيرة، كما ذكر بعض المصادر أن الرئيس جول سيعود إلى العمل السياسي في انتخابات 2015 بدعم شعبي لاحتياج الدولة إليه، وينتهج إستراتيجية تمكّنه من تقلّد منصب رئاسة الوزراء”.
إن التصريح الذي أدلى به جول قبل يومين وأكد خلاله أنه سيعود إلى صفوف حزبه يكشف – في الحقيقة – عن أنه لم يتراجع عن أفكاره التي كتبت عنها قبل أكثر من عامين، وسردت جزءًا منها أعلاه، حتى وإن تعرّض خلال الفترة الماضية لعدد من الحيل والمكائد.
بيد أن أهم تغير طرأ على السياسة التركية منذ ذلك اليوم وحتى الآن هو بدء التحقيقات في قضية الفساد والرشوة يومي 17 و25 ديسمبر / كانون الأول الماضي، ويبدو أن جول أو أي شخصية أخرى ليس لديهم الفرصة الجيدة لمزاولة العمل السياسي كرئيس للوزراء ولحزب العدالة والتنمية الذي ترغب إدارته في الحيلولة دون إتمام تحقيقات الفساد، وذلك حتى يفتح الحزب صفحة سياسية جديدة ونظيفة بواسطة حكومة جديدة يشكلها، هذا إن فتحها أصلًا.
صحيفة” زمان” التركية