بقلم: علي أونال
راح الآلاف من أبناء الشعب الأبرياء ضحايا حتى تتشكل أرضية الإنقلاب، ودُمرت الدولة من جميع جوانبها مرة كل عشر سنوات، وقامت قوات الدرك بمداهمة منزلنا في القرية في 12 مارس/ آذار 1971، والدي، رحمه الله، كان يرقد مريضًا في المنزل، وأهان شاويش كل الموجودين، وقامت القوات بالبحث والتفتيش في كل مكان بالمنزل، عما كانوا يبحثون؟.. عن مؤلفات”رسائل النور”، لكن حان الآن الوقت الذي بدأ فيه الشباب الغيور على وطنه يتصدى لهذه الحيل والمؤامرات ويوقف هذا التدفق العكسي.
صارع هؤلاء الوطنيون الطغمة الحاكمة الموجودة داخل الجيش وأساءت إليه، والتي كان يقال عنها إنه لا يجوز انتهاك حرمتها، وناضلوا من أجل كرامة الأمة والعدل والمساواة، وأدوا الواجبات التي تقع على عاتقهم كما ينبغي.
وعزز هؤلاء الوطنيون، بما قاموا به، حزب العدالة والتنمية المدني الحاكم. وكنا نحسب أن حزب العدالة والتنمية مظلومًا؛ لكن هؤلاء الذين كنا نحسبهم مظلومين بدأوا يلتقطوا أنفاسهم بعمليات المداهمة ضد رجال الأمن والمدعين العامين والقضاة المحبين لوطنهم.
وانكشف لنا احترافهم وألاعيبهم بعدما ظنوا أنفسهم مقتدرين وأصحاب قوة، لكن ظهر على الساحة أناس تعرف الحق والقانون، وكانوا يؤدون وظيفتهم ويتصدون لأخطاء الحزب الحاكم عندما كان في أقوى فتراته، وتولوا تحقيقات قضايا الفساد والرشوة وغسيل الأموال التي شارك فيها بعض الوزراء وأبناء الوزراء ونجل أردوغان، تلك القضايا نادرة الحدوث في التاريخ، التي استندت على أطنان من الوثائق.
ولم يستطع أحد قط نفي أو انكارادعاءات الفساد والرشوة وغسيل الأموال والاختلاسات، لكن فعل حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية ما لم يفعله حزب يولى الحقوق ولو قدرا قليلا من الاحترام، وقامت الحكومة بإيذاء وعقاب رجال الأمن والقضاء، الذين وصفتهم بالأبطال قبل السابع عشر من ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ودخلت حكومة أردوغان في تحالف مع أعضاء شبكة المطرقة الثقيلة (باليوز) وأرجينيكون الإرهابية وعبد الله أوجلان ومنظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية؛ وجَثَوا أمام أوجلان ومنظمته، وسعوا لتشكيل رجال أمن وقضاء يعملون تحت طوعهم، لاختلاق المؤامرات والأكاذيب والافتراءات، ولم يعثر رجال أمن وقضاء الحكومة على منذ ثمانية أشهر، على دليل على جريمة واحدة يمكنهم بها اتهام حركة الخدمة بعدما أعلنوها جماعة عدوانية بطريقة لم يسبق لها مثيل في التاريخ.
وفي الوقت الذي تشن فيه إسرائيل هجومًا على غزة في شهر رمضان، وبينما كان رجال الأمن والقضاء في بيوتهم – عكس الادعاءات بهروبهم – ينتظرون السحور، ارتأوا أن أنسب مكان لحريتهم في هذه اللحظة هو السجن في حكم أردوغان ، رغم أنه لم يبق على عيد الفطر إلا أياما معدودة، لقد شنت حكومة حزب العدالةوالتنمية حملة اعتقالات ضد رجال أمن مظلومين وأبرياء، لم يفعلوا أي شيء سوى أنهم أدوا وظيفتهم.
وبينما تتجاوز وصمات العار في جبين السياسة الخارجية لتركيا قامة الحزب الحاكم، وبينما لا يزال الدبلوماسيين الأتراك محتجزين في يد” داعش”، وبينما ليس في إمكانهم إرسال قطرة ماء لإطفاء الحريق الذي يلتهب غزة، يحاولون تغييب المواطن عن هذه الإهانات والمذلات، وحجب الرأي العام عن الحديث في هذه القضايا، وطرح موضوعات أخرى على الساحة والتستر على إدعاءات أعمال الفساد والرشوة وغسيل الأموال المستندة على أطنان من الوثائق، والأنكى من ذلك أنهم قاموا بالقبض على محبي الوطن من أجل تمهيد أرضية رئاسة الجمهورية لأردوغان بهذا الظلم.
أجل إن إسرائيل تشن غاراتها على غزة، وحكومة أردوغان ترغب في أن تحول تركيا إلى غزة بعد إلقاءها القبض على هؤلاء الذين نذروا أنفسهم لخدمة الوطن، وهذا حقا يليق بمن حصل على جائزة الشجاعة اليهودية من لجنة صهيونية أسست إسرائيل، ويسألونه عن الجائزة: أية شجاعة أظهرتَ لتحصل على مثل هذه الجائزة؟ فيقول؛ أخذتها من أجل هذا!