بقلم: سلجوق جولطاشلي
يواصل رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في الوقت الحالي تدوير “العجلة الموازية” لإيمانه بأنه يستطيع التستر على فضيحة الفساد بواسطة أكذوبة “الدولة الموازية” متعددة الاستخدامات، وهو يعرف أنه سيسقط إذا توقف عن تدوير “العجلة الموازية”، وأن ادعاءات الفساد ستنتشر في كل مكان بكل ما لها من تداعيات.
لقد طوّر أردوغان وفريقه المحدود، الذي ربط نفسه به، إستراتيجية صراع بعد مواجهة مزاعم الفساد الجادة اعتبارًا منذ 17 ديسمبر / كانون الأول الماضي، أهم ركائزها هو الوصول إلى الناخبين وإقناع الشعب بأن ما حدث لم يكن فسادًا.
و كانت أبرز الركائز الأخرى لهذه الإستراتيجية هي الزعم بأن التحقيق في قضية الفساد ما هو إلا محاولة للانقلاب على الحكومة، والترويج لشائعة أن حركة الخدمة – “شبكة الخيانة” – حاولت القيام بهذا الانقلاب بالتحالف مع القوى الأجنبية، وإعلان الحركة عدوا وحمل الناس على كرهها، ومواصلة عملية التضليل الكبيرة من أجل إقناع الشعب من خلال سيل الأخبار التي تبث من الصحف والقنوات التليفزيونية ومواقع الإنترنت ووحدات الاستخبارات الخاضعة لسيطرة لحكومة.
أما الركيزة المهمة الثالثة لهذه العملية فهي تسخير جميع الإمكانات من أجل إقناع العالم بأسره، وخصوصًا الغرب، بهذه القصة الوهمية.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] ولا شك في أن أردوغان بادر إلى تنفيذ عدد من الإجراءات من أجل إيجاد مضمار لهذه “العجلة الموازية”، ومنها الافتراء على السيد فتح الله كولن حتى في مسألة قطاع غزة، وإعلانه أن الجيش نصب له فخا ومؤامرة [/box][/one_third]
وبالرغم من ادعاءات التحايل، نلاحظ أن الشق الخاص بالخارج من الاستراتيجية المستخدمة في الانتخابات المحلية نجح بشكل جزئي، ويؤمن أردوغان بأنه عثر على “كنز”، وهو يواصل تدوير “العجلة الموازية” لاعتقاده بأنه سيوجه الضربات لحركة الخدمة ويفوز بالانتخابات واحدة تلو الأخرى، وبأنه يستطيع التستر مؤقتًا على فضيحة الفساد بواسطة أكذوبة “الدولة الموازية” متعددة الاستخدامات، ويعرف أنه سيسقط إذا توقف عن تدوير “العجلة الموازية”، وأن ادعاءات الفساد ستنتشر في كل مكان بجميع تداعياتها، وأنه سيظهر عيانًا بيانًا كيف أن عجلة العمل بالدولة صارت معطلة.
ولا شك في أن أردوغان بادر إلى تنفيذ عدد من الإجراءات من أجل إيجاد مضمار لهذه “العجلة الموازية”، ومنها الافتراء على السيد فتح الله كولن حتى في مسألة قطاع غزة، وإعلانه أن الجيش نصب له فخا ومؤامرة، في الوقت الذي يريد منّا فيه أن نصدق أنه بطل يكافح الوصاية العسكرية، ومساعيه الحثيثة لتنظيم عمل السلك القضائي حسب أهوائه ومصالحه عن طريق خداعنا بقوله: “لقد قضيت على كيان القلّة داخل القضاء وجعلته أكثر ديمقراطية”.
وبالرغم من أن حزب العدالة والتنمية الحاكم قد أحرز نجاحًا محدودًا في الشق الخاص بالداخل التركي في هذه الإستراتيجية، فإنه يعاني في تحقيق النجاح نفسه في الخارج، وخاصة في الغرب، فقد تحفظ الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على انتقادات أردوغان تجاه حركة الخدمة، ولم يلقوا بالًا لمسألة “الدولة الموازية” التي يروج لها، وبدأت العجلة الموازية التي يمتلكها أردوغان تفسد في الخارج، بالرغم من جميع زياراته وفعالياته لتقويتها.
ويرى أحد المسؤولين رفيعي المستوى بالبرلمان الأوروبي أن أردوغان هو المتضرر الأكبر من فكرة “الدولة الموازية” التي يروج لها، وفي الوقت الذي تؤمن فيه مؤسسات الاتحاد الأوروبي بأن حركة الخدمة لها تأثير في البيروقراطية التركية، فإنهم يستقبلون بابتسامة ساخرة المساعي الرامية لإلقاء الجرائم على “الكيان الموازي” ،بينما يطلَق سراح مرتكبي جرائم اغتيال الصحفي الأرميني هرانت دينك والراهب سانتورو ومذبحة دار” ذروة” للنشر حتى تدور “العجلة الموازية”.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] وفي الوقت الذي تؤمن فيه مؤسسات الاتحاد الأوروبي بأن حركة الخدمة لها تأثير في البيروقراطية التركية، فإنهم يستقبلون بابتسامة ساخرة المساعي الرامية لإلقاء الجرائم على “الكيان الموازي” ،بينما يطلَق سراح مرتكبي جرائم اغتيال الصحفي الأرميني هرانت دينك والراهب سانتورو ومذبحة دار” ذروة” للنشر حتى تدور “العجلة الموازية” [/box][/one_third]
ونتحدث مع مسؤول آخر من اللجنة الأوروبية يعرف تركيا جيدًا، فيقول إنهم لم يتلقوا أي دليل مقنع إلى الآن يبرهن صحة أكذوبة” الكيان الموازي” ،بالرغم من مرور سبعة أشهر على ظهورها.
ويضيف “وأما مسألة أنهم إذا قدموا دليلًا كيف سيكون معتبرًا، فهذه مسألة منفصلة”. والحكم الذي وصل إليه هو انه “إذا لم تستطع الحكومة إظهار دليل على وجود كيان مواز بهدف نفي 40 ألف شرطي وقاض ومدعي عام، فإما أنه ليس هناك ما يسمى بالكيان الموازي، أو أن أعضاء هذا الكيان لديهم المهارة الكافية التي مكنتهم من عدم ترك أي أثر خلفهم حتى اختفوا”.
ويقول المسؤول نفسه: “أصبحت عبارة الكيان الموازي طرفة يتندر بها، وأعتقد أن أنصار حزب العدالة والتنمية يرون ذلك، ولهذا أصبحوا يتحدثون بشأنه بشكل أقل عما كان في السابق”.
وكما قال الزعيم السابق لمجموعة الاشتراكيين بالبرلمان الأوروبي هانز سوبودا لأردوغان، وأوضحت المقررة السابقة لتركيا في البرلمان الأوروبي ريا أومن رويتن لوزير العدل بكير بوزداغ؛ فإن الاتحاد الأوروبي على قناعة تامة بأن الحكومة التركية تستخدم حركة الخدمة، وهو ما يؤكده نفي 40 ألف شرطي وقاض ومدعي عام بسرعة البرق.
ومن الأمور الملفتة للانتباه بخصوص اعتبار فكرة “الدولة الموازية” هي أن المفوض الأوروبي لشؤون التوسعة ستيفان فولي أصر على لقاء رئيس المحكمة الدستورية التركية هاشم كيليتش في آخر زيارة له إلى أنقرة، حيث عقد لقاءً مطولًا معه، فيما امتنع عن لقاء رئيس الوزراء أردوغان.
وكان شرطي قد استبعد من وظيفته بعدما تورط بواقعة اغتصاب أثناء عمله بالسفارة الأمريكية في أنقرة عام 2003، وقد اتهم” الكيان الموازي” بهذه التهمة، وعندما يكون لدينا رئيس وزراء يدير “العجلة الموازية” بهذه السرعة، فلا مفرّ من أن يظهر منافس له يقول ” أستطيع أن أدير العجلة أسرع!”. وكلما زاد عدد المنافسين يصبح حتميا أن يتضاءل عدد متلقّي أكذوبة الكيان الموازي. وعلينا أن ننسى أن الغرب يتابع هذه الأخبار عن كثب.