بقلم: علي أونال
قال أحد العلماء من خارج تركيا قال في وقت من الأوقات: يَرِد في الآية الأولى من سورة الإسراء أن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أُسري به ليلًا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى كمرحلة أولى من مراحل المعراج.
أي أن هناك طريقا يستغرق ليلة بين المسجدين الحرام والأقصى، وهو ما يعني أنه عندما يتحرر المسجد الحرام، فإن تحرير المسجد الأقصى لن يستغرق أكثر من ليلة، ولتحقيق هذا لا بد من إسراء ومعراج.
إن هذه الفكرة تلفت انتباهنا إلى المعاناة الرئيسة التي نعيشها في العالم الإسلامي، فالله تعالى يقول في القرآن الكريم: ” وَلَن يَجْعَلَ اللّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً” (النساء – 141). وتعتبر هذه الآية وعدًا من الله سبحانه وتعالى لجميع المؤمنين منذ أن نزلت وحتى يوم القيامة. ويقول أحد أمثالنا الشعبية “إن الطريق ليعبر من فوق الجبل مهما كان ارتفاعه”، ويوضح القرآن الكريم في هذه الآية أن المؤمنين كالجبال الشاهقة التي لن يستطيع الكفار إيجاد طريق للعبور من فوقها.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]أن الإنسان العاجز فاقد الأمل الذي لا يستطيع القيام بأي شيء يضغط على ضميره، إذا رأى شخصًا ظالمًا يظلم شخصًا آخر أو دولة ظالمة تظلم شعبها، يبادر إلى إيجاد الحجج والأعذار من أجل إسكات ضميره، من قبيل “لقد استحق هذا الشخص وهذا الشعب أن يعامَلوا بهذه الطريقة! لماذا يتصرفون بالطريقة التي تستفز الظالمين؟ لماذا يفعلون هذا؟”وبذلك يكون قد ظلم وشارك في الظلم وساعد الظالم. [/box][/one_third]
ولقد أثبتت هذه النظرية صحتها مرارا على مدار 11 قرنا منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن كلمتنا، بصفتنا أبناء العالم الإسلامي البالغ عدد سكانه 1.5 مليار نسمة، اليوم لم تُسمع في الدنمارك، التي تبلغ مساحتها 1/19 من مساحة تركيا وعدد سكانها 1/14 من تعداد سكان تركيا، عندما خط أحد رساميها “كاريكاتور” مسيئًا لنبينا عليه الصلاة والسلام، ولم تستطع تركيا أن تبدي اعتراضها على اختيار رئيس الوزراء الدنماركي، آنذاك، أندرس فوغ راسموسن أمينًا عامًا لحلف شمال الأطلسي (ناتو) ، بوصفها أحد أعضاء الحلف، لنقف موقف المتفرج أمام هذه الواقعة. وبالرغم من ذلك كله، علينا أن نركز – قبل أي شيء – على أن نكون من طائفة المؤمنين الذين يخاطبهم الوعد القرآني.
إلا أننا يجب أن ننتبه إلى خطر ما، بينما نحن نتعامل مع هذه المسألة على هذا الأساس، إذ يقول الشيخ بديع الزمان سعيد النورسي: “يتحول الضعيف أحيانًا إلى شخص قاسٍ لا يرحم ويكون ظالمًا” ، أي أن الإنسان العاجز فاقد الأمل الذي لا يستطيع القيام بأي شيء يضغط على ضميره، إذا رأى شخصًا ظالمًا يظلم شخصًا آخر أو دولة ظالمة تظلم شعبها، يبادر إلى إيجاد الحجج والأعذار من أجل إسكات ضميره، من قبيل “لقد استحق هذا الشخص وهذا الشعب أن يعامَلوا بهذه الطريقة! لماذا يتصرفون بالطريقة التي تستفز الظالمين؟ لماذا يفعلون هذا؟”وبذلك يكون قد ظلم وشارك في الظلم وساعد الظالم.
مشكلتنا الأساسية أننا لا نستطيع أن نكون مؤمنين كالجبال الشاهقة التي لا يجد الكافرون سبيلًا لعبورها، وعلينا ألا نقع في هذا الظلم بينما نشعر به في قرارة أنفسنا، وإذا كان الأمر كذلك، ففي الوقت الذي تكون فيه قضيتنا الرئيسية هي أن نسعى لنكون مؤمنين حقًا، ينبغي لنا أن نؤدي جميع المهام الدورية في سبيل حل هذه القضية دون أن تضر بالمسألة الأساسية.
ولا يجب أن ننسى أن القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا الأخرى ما هي إلا أوجاع ظهرت كتجليات للمرض الأساسي في جسد مريض، وبينما نحاول علاج المرض الأساسي بجميع إمكانياتنا المتاحة، علينا من ناحية أخرى أن نبذل جهودًا من أجل علاج هذه الأمراض التي ظهرت كتداعيات للمرض الرئيسي، شريطة أن يساهم ذلك في علاج المرض الأساسي ولا يضر بعملية مداواته، وفيما نقدم المساعدات الاستراتيجية بالقدر المستطاع إلى بلدان كفلسطين والعراق وأفغانستان والصومال ونيجيريا، يجب ألا ننسى أن المساعدات الأساسية لا يجب أن تكون موجَّهة لهذه البلدان، وإنما المساعدات الأساسية لأنفسنا ولجميع المسلمين بصفتنا أكثر المحتاجين إليها، فلن تتم المساعدة الحقيقية إلا بإقامة الإسلام والإيمان فينا.
إن حل أية قضية يتطلب الصدق أولًا، ولهذا فعلينا إنقاذ قضايا الإسلام والمسلمين من أيدي الحكومات التي استغلتها واستخدمتها كمفتاح تفتح به جميع الأبواب في سبيل بقائها في السلطة، كما يجب علينا إنقاذ هذه القضايا من أن تكون ضحية لبطولات الاحتجاجات الوهمية التي تعني إهدار الطاقة التي يجب استغلالها في تحقيق ما يجب تحقيقه، وهو في الوقت نفسه تجلٍ للضعف والعجز.
وبالتأكيد سيقول الأستاذ فتح الله كولن لشخص مثلي: إذا لم نشعر تجاه قضايا الأمة بما نشعر به أمام حريق يلتهم بيتنا وأبناءنا فعلينا، على الأقل، أن نستحي من كتابة هذه الأمور والحديث حولها.