غزة – القدس المحتلة (رويترز) – استأنفت إسرائيل ضرباتها الجوية في قطاع غزة اليوم” الأربعاء” بعد يوم من موافقتها على مبادرة مصرية لوقف إطلاق النار أخفقت في حمل مقاتلي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على وقف هجماتهم الصاروخية.
وقال مسؤولو الصحة إن الغارات الجوية الاسرائيلية في قطاع غزة قتلت سبعة فلسطينيين على الأقل في الساعات الأولى من صباح اليوم، ودمرت منزل محمود الزهار الذي يعتقد أنه يختبئ في مكان آخر في أول استهداف على ما يبدو لأحد كبار القادة السياسيين لحركة حماس.
ويبدو أن المواجهة التي مضى عليها أسبوع تمر بنقطة تحول مع تحدى حماس الدعوات العربية والغربية لوقف إطلاق النار، بينما تهدد إسرائيل بتصعيد حملتها التي قد تتضمن غزوا للقطاع المزدحم الذي يعيش فيه 1.8 مليون نسمة.
وقال الجيش الاسرائيلي اليوم إنه أرسل خطابات انذار للسكان في شمال القطاع وطلب منهم إخلاء منازلهم بحلول الساعة الثامنة صباحا (0500 بتوقيت جرينتش) قبل استئناف الهجمات.
وصرح مسؤولون فلسطينيون بأن السكان في اثنين من أحياء مدينة غزة تلقوا التحذيرات لكن وزارة الداخلية في غزة طلبت من السكان عدم الاستجابة للتهديدات الاسرائيلية، ووصفتها بأنها حرب نفسية.
وواصل المقاتلون في غزة اطلاق الصواريخ على اسرائيل وأطلقوا أكثر من 150 صاروخا منذ أمس” الثلاثاء” وهو اليوم الذي كان محددا أن يسري فيه وقف اطلاق النار المقترح.
وبموجب المبادرة التي أعلنتها وزارة الخارجية المصرية كان مقررا أن تبدأ “تفاهمات التهدئة” في الساعة التاسعة صباح أمس الثلاثاء (0600 بتوقيت جرينتش) على أن يتم وقف إطلاق النار خلال 12 ساعة من إعلان المبادرة وقبول الطرفين بها.
ورفضت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، محتوى المبادرة المصرية وقالت: “معركتنا مع العدو مستمرة وستزداد ضراوة وشدة.” ، لكن موسى أبو مرزوق القيادي بحركة حماس، الموجود بالقاهرة، قال إن الحركة لم تتخذ قرارها النهائي بعد.
وقال أبو مرزوق على موقع فيسبوك “ما زلنا نتشاور ولم يصدر موقف الحركة الرسمي بشأن المبادرة المصرية.”
واستأنفت اسرائيل، مشيرة الى تواصل الهجمات الصاروخية الفلسطينية، غاراتها على غزة بعد ست ساعات من الموعد الذي كان وقف اطلاق النار سيبدأ فيه، وقال الجيش انه استهدف ما لا يقل عن 20 مخبا لإطلاق الصواريخ من غزة وأنفاقا ومنشآت تخزين أسلحة.
وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي في تصريحات مذاعة الليلة الماضية إنه ليس أمام إسرائيل خيار سوى “توسيع وتكثيف” حملتها على حماس وإن كان لم يذكر تحديدا امكانية حدوث غزو بري.
وذكر مسؤول إسرائيلي أن الحكومة الإسرائيلية المصغرة المعنية بشؤون الأمن اجتمعت في الساعات الأولى من صباح اليوم الأربعاء وبحثت إمكانية القيام بعملية برية محدودة.
وقال الجيش الإسرائيلي إن مدنيا اسرائيليا قتل يوم الثلاثاء بنيران صاروخ أطلق من غزة وهو أول قتيل اسرائيلي خلال أكثر من اسبوع من القتال.
وقال مسؤولون طبيون في غزة إن 195 فلسطينيا منهم 150 مدنيا على الأقل بينهم 31 طفلا قتلوا.
وأضاف الجيش الإسرائيلي أن نظام الدفاع الصاروخي المسمى بالقبة الحديدية اعترض 20 من صواريخ حماس منها صاروخان فوق منطقة تل أبيب ولم يتسبب الباقي في أي أضرار أو إصابات.
وأعلنت حماس والجهاد الإسلامي المسؤولية عن الهجوم على العاصمة التجارية لإسرائيل التي كثيرا ما استهدفت منذ بدء الحرب وكذلك الصاروخ الذي قتل الرجل الإسرائيلي على الحدود.
وحذر رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن إسرائيل سترد بقوة اذا استمر إطلاق الصواريخ من غزة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية المصغرة المعنية بالشؤون الأمنية وافقت في وقت سابق يوم الثلاثاء على وقف اطلاق النار بتأييد ستة أعضاء ومعارضة اثنين.
وقال نتنياهو إنه يتوقع “التأييد التام من الأعضاء المسؤولين في المجتمع الدولي” لأي تصعيد للهجمات الإسرائيلية ردا على امتناع حماس عن القبول بهدنة.
وتفجر العنف خلال الأسبوع الماضي بعد مقتل ثلاثة طلاب يهود الشهر الماضي في الضفة الغربية المحتلة ومقتل صبي فلسطيني في القدس في رد انتقامي يوم الثاني من يوليو تموز. وقالت إسرائيل يوم الإثنين إن الثلاثة الذين اعتقلوا فيما يتعلق بقتل الصبي الفلسطيني اعترفوا بحرقه حيا.
ودوت صفارات الإنذار يوم الثلاثاء في مناطق تبعد نحو 130 كيلومترا شمالي قطاع غزة، وأعلنت كتائب عز الدين القسام مسؤوليتها عن بعض الصواريخ التي أطلقت.
وفي فيينا أبدى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري دعمه لإسرائيل وقال: “لا أجد كلمات قوية بالدرجة الكافية لإدانة تصرفات حماس بعد أن أطلقت عددا كبيرا من الصواريخ بشكل وقح في الوقت الذي تبذل فيه جهود (للتوصل) لوقف لاطلاق النار.”
وفي وقت سابق قال سامي أبو زهري المتحدث باسم حماس في غزة إنه يجب أولا تلبية المطالب التي قدمتها الحركة قبل أن توقف إطلاق النار.
وقالت جماعات فلسطينية أخرى كالجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إنها لم توافق بعد على المبادرة المصرية.
وقالت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي أعلن في إبريل/ نيسان الماضي عن مصالحة مع حماس أدت لتشكيل حكومة توافق الشهر الماضي، دعا إلى القبول بالمبادرة المصرية.
وقال متحدث باسم عباس إنه من المتوقع وصول الرئيس الفلسطيني إلى القاهرة اليوم الأربعاء كي يجري محادثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
ورحبت الجامعة العربية في اجتماعها يوم الاثنين بخطة وقف إطلاق النار.
وقامت إسرائيل بتعبئة آلاف الجنود مع تهديدها بغزو غزة إذا استمرت الهجمات الصاروخية.
وقال عاموس جلعاد المسؤول الكبير بوزارة الدفاع الإسرائيلية ومبعوث إسرائيل للقاهرة: “لا تزال هناك إمكانية للدخول وفقا لسلطة مجلس الوزراء وأن نضع نهاية لها (الصواريخ) ..”
وتتضمن المبادرة المقترحة أن تستقبل مصر وفودا “رفيعة المستوى من الحكومة الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية خلال 48 ساعة من بدء تنفيذ المبادرة لاستكمال مباحثات تثبيت وقف إطلاق النار واستكمال إجراءات بناء الثقة بين الطرفين.
ويقول قادة حماس إن الهدنة يجب أن تتضمن رفع حصار إسرائيل عن قطاع غزة وإعادة الالتزام باتفاق التهدئة الذي أنهى حرب غزة التي استمرت ثمانية أيام في عام 2012.
وفضلا عن ذلك تريد حماس أن تخفف مصر القيود في معبر رفح التي فرضت بعد أن عزل الجيش الرئيس المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي في يوليو تموز الماضي.
غير أن المبادرة المصرية لم تورد ذكرا لمعبر رفح على الحدود مع غزة ولم تذكر موعدا محتملا لتخفيف القيود.
وتواجه حماس أزمة مالية، وتفاقمت المشاكل الاقتصادية في غزة نتيجة لتدمير الأنفاق الحدودية التي تستخدم في التهريب، وتتهم القاهرة حماس بمساعدة متشددين معارضين للحكومة في شبه جزيرة سيناء وتنفي حماس هذه الاتهامات.
وقالت حماس إن على إسرائيل الإفراج عن مئات الفلسطينيين الذين اعتقلتهم في الضفة الغربية الشهر الماضي أثناء البحث عن الطلاب الثلاثة.
ولم تتضمن مبادرة وقف إطلاق النار المقترحة ذكرا للأسرى الفلسطينيين.