بقلم: علي بولاج
نعيش، مجددا، تجربة إسرائيلية كلاسيكية، فقد حمّلت إسرائيل الإدارة الفلسطينية المسؤولية عن اختطاف ثلاثة شبان يهود في مستوطنة “جوش عتصيون” بالضفة الغربية، وبادرت إلى اعتقال نحو 500 فلسطيني، من بينهم رئيس البرلمان عزيز الدويك ونواب برلمانيون ووزراء سابقون وأعضاء بحركة حماس، وضغطت على المعتقلين، ثم ما لبثت أن شنّت واحدة من حملاتها الجوية المعتادة على قطاع غزة.
وتشير بعض الادعاءات إلى أن إسرائيل تستخدم أسلحة محظورة، وتقتل المدنيين دون تفرقة بين طفل وامرأة وشيخ كبير.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]تتواصل العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل على أعلى مستوى، بالرغم من التوتر الظاهري بين البلدين، كما أن إسرائيل تجني أموالًا طائلة بفضل اضطرار معظم الشركات التركية لاستخدام موانئها البحرية، باستثناء بعض الشركات التي تستخدم موانئ لبنان. [/box][/one_third]إن العملية العسكرية التي تقودها إسرائيل في قطاع غزة غير متناسبة، وتتخطى حدود الحجّة أو الذريعة التي ساقتها لتنفيذها، كما هو معتاد، هذا فضلًا عن أن المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي قالت إن هدف العمليات هذه المرة هو تقويض كيان حماس في الضفة الغربية.. ينبغي لنا القول إن إسرائيل تعيش أفضل فترات تاريخها وأكثرها راحةً ونفعًا.
عُقدت على تركيا آمال عظيمة بعدما ظهرت على الساحة اعتبارًا من عام 2003، وكنا نفكر كالتالي: يمكن لدولة عضو في التحالف الغربي أن تدخل في حوار مع إسرائيل، وكانت تركيا تحمل أهمية كبيرة بالنسبة لإسرائيل بصفتها دولة شرق أوسطية مسلمة غير عربية، وكانت إيران تتمتع بهذه الأهمية في السابق غير أنها أصبحت خصمًا لإسرائيل عقب قيام الثورة الإسلامية، أما الآن فتتمتع كردستان بالأهمية ذاتها، و كانت إسرائيل تجري طلعات طائراتها العسكرية فوق أجواء مدينة كونيا، وسط تركيا، حين كانت تستعد لضرب إيران، وكانت الدولتان (إسرائيل وتركيا) اللتان تحوزان وصف دولتين ديمقراطيتين، يعتقد بأنهما سيجلبان الديمقراطية إلى المنطقة (!).
وعندما انكفأت تركيا على أموال ملوك البترول وانقادت لتحريضاتهم، وشمّرت عن ساعديها للعب دور تقوية العالم الإسلامي السُني – كبديل للشيعة – ووقف دور إيران في المنطقة، أقدمت على دعم العناصر المسلحة في مواجهة نظام بشار الأسد الذي كان يحذو حذْوها إذ كان يقوم بالإصلاحات في سوريا، وأصبحت تركيا واحدة من المتسببين الأساسيين في انجراف سوريا إلى فوضى داخلية عميقة، وبالتالي إلى الانقسام بالتأكيد.
كانت إسرائيل في حاجة إلى تركيا في علاقتها مع سوريا حتى عام 2011، ولكن الآن لم تعد هناك أهمية لهذا الأمر، لم يعد يشكّل تنظيم حزب الله، الذي أذاق إسرائيل الهزيمة عام 2006 تهديدًا لها بعد اندلاع الأزمة السورية، وإذا كان الموقف الاستنكافي لكل من إيران وسوريا وحزب الله والدعم الكبير الذي يوفرونه لحركة حماس قد استمر، وكذلك واصلت تركيا علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل والتزمت موقفها الذكي الذي يمكّنها من وضع المسافات عند اللزوم، لكانت إسرائيل قبلت أن تكون جزءاً من دول المنطقة، ولالتقط الفلسطينيون أنفاسهم بأريحية على المدى المتوسط على أقل تقدير.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ] تستقبل إسرائيل النفط القادم من الإقليم الكردي شمال العراق إلى تركيا عبر ناقلات البترول، وتلبي إسرائيل احتياجها من النفط، ثم تبيع ما يتبقى إلى أطراف ثالثة، ما يعني أن هناك تحالفًا إقليميًا ثلاثيًا غير علني بين تركيا وإسرائيل وكردستان العراق.[/box][/one_third]لقد دخلت تركيا في لعبة مقامرة كبيرة وخسرتها، ولم تستطع الإطاحة بنظام الأسد بواسطة القوى المسلحة، كما غادر “خالد مشعل” بلا بصيرة دمشق التي دعمته واستضافته لعشرات السنين، معتمداً على قطر، وعلى تركيا التي كانت تبدي شجاعة مصطنعة، وكانت إيران وسوريا تقدمان كل أنواع الدعم العسكري والمادي واللوجستي لحماس، بما في ذلك الطائرات من دون طيار، واليوم بقيت حماس دون أن يدعمها أحد، وقرعت في نهاية المطاف باب حركة فتح.
ما نوع المساعدات التي يمكن لتركيا أن تقدمها لفسلطين؟ لا شيء! وماذا تستطيع تركيا فعله لإسرائيل؟ لا شيء! فالوضع واضح وضوح الشمس في رابعة النهار:
1- تتواصل العلاقات التجارية بين تركيا وإسرائيل على أعلى مستوى، بالرغم من التوتر الظاهري بين البلدين، كما أن إسرائيل تجني أموالًا طائلة بفضل اضطرار معظم الشركات التركية لاستخدام موانئها البحرية، باستثناء بعض الشركات التي تستخدم موانئ لبنان.
2- تستقبل إسرائيل النفط القادم من الإقليم الكردي شمال العراق إلى تركيا عبر ناقلات البترول، وتلبي إسرائيل احتياجها من النفط، ثم تبيع ما يتبقى إلى أطراف ثالثة، ما يعني أن هناك تحالفًا إقليميًا ثلاثيًا غير علني بين تركيا وإسرائيل وكردستان العراق. وأن كلتا الدولتين – تركيا وإسرائيل – تسعيان لفصل الأكراد عن حكومة بغداد المركزية.
3- لم تعد إسرائيل في حاجة إلى القواعد الجوية في مدينة كونيا التركية لإجراء تدريباتها العسكرية؛ إذ تلبي هذه الحاجة من خلال الاتفاقيات التي وقعتها مع اليونان وأذربيجان.
وباختصار، فإن تركيا تصيح في وجه إسرائيل بخطابات بلاغية بطولية فارغة من المضمون، ولذلك فنحن نسمع جعجعة من تركيا ولا نرى منها طحناً! فهي تتظاهر بدور الشجاعة والقوة من خلال مسدس خلّبي ( مسدس صوت)، وتركّز سياستها على الدعاية الفارغة وشؤونها الداخلية. فهي من جهة تصيح في وجه إسرائيل، ومن ناحية أخرى تقيم معها علاقات متميزة. والفلسطينيون هم وحدهم الذين يتحملون المعاناة!
جريدة زمان 12/7/2014