تحليل: ويسال أيهان
كانت عمليات تزوير الانتخابات البلدية والتستر عليها بسهولة من أهم الأحداث التي شهدتها الانتخابات البلدية في تركيا، التي أجرت في الثلاثين من مارس/ آذار الماضي، ولو كانت هذه الانتخابات أجريت في أجواء شَفّافة ونَزِيهة، لكان هناك الآن رؤساء بلديّات من أحزاب مختلفة في بلدات ومدن عدّة.
وقد بقيت اللجنة العليا للانتخابات عاجزة، أكثر من أية مؤسسة دستوريّة أخرى خلال هذه الفترة، حيث لم تستطع أن تفعل شيئاً تجاه وقائع التزوير، لا قبل وقوعها ولا بعده، ونرى هذا العجز ذاته ماثلاً أيضا في عدم استطاعتها الحيلولة دون ترشّح رجب طيب أردوغان لمنصب رئيس الجمهورية قبل استقالته من منصبه كرئيس للوزراء، فعلى الرغم من أنّ كل مسؤول رسمي يعلن نفسه مُرشحًا لخوض انتخابات أخرى، يستقيل أولًا من المنصب الذي يتولاه، إلّا أنّ أردوغان لم يتخلَّ عن منصبه.
وكانت الانتخابات البلدية في 30 مارس/آذار شهدت العديد من المشكلات في لجان فرز الأصوات الموزّعة على جميع أنحاء البلاد، والمدهش أنّ أعضاء حزب العدالة والتنمية، الحاكم، يعترفون بأنه حدث تلاعب بنتائج الانتخابات، وهناك من يقول إنه كان لهذا تأثير على نتائج الانتخابات بنسبة 5 إلى 7 بالمائة.
ولعلّ مُغادرة ممثلي حزبي الشعب الجمهوري والحركة القوميّة من أمام صناديق الاقتراع مُبكرًا كان دافعًا رئيسا لإقدام أعضاء حزب العدالة والتنمية على التزوير في الانتخابات.
والآن نحن على أعتاب انتخابات رئاسة الجمهورية، المقرر إجراؤها في العاشر من أغسطس/آب المقبل، وثمّة خطر على صناديق الاقتراع، فربما تحدث هذه المرّة أيضًا بطريقة أكثر احترافيّة ويتلاعبون بأصوات الناخبين الذين سيصوّتون من خارج البلاد؛ إذ ستكون هذه المرّة الأولى التي يصوّت فيها 2.7 مليون مُغترب تركي في انتخابات رئاسة الجمهوريّة، عن طريق فتح مركز تصويت في الدول المقيمين بها.
والمشكلة الكبرى هي عدم فرز أصوات الناخبين وعدّها في تلك الدول، إذ من المقرر أن يتم إحضارها في أكياس بلاستيكيّة إلى تركيا. ولا يجب أن ننسى أننا أمام رجل سياسة مثل أردوغان الذي يرى أصوات الناخبين المغتربين حاسمة من حيث الفوز بمنصب رئيس الجمهورية أو خسارته، ولذلك توجه إلى ألمانيا وفرنسا والنمسا الشهر الماضي، وعقد هناك مؤتمرات حاشدة ترويجًا له في انتخابات الرئاسة، التي بعد أيام من هذه الجولة ترشحه لها.
وللأسباب المذكورة، ينبغي فرز أصوات الناخبين في الدول التي يصوّتون بها وتسجيلها، وإلّا فإن الانتخابات ستكون موضع شك وتساؤل، وسيكون فوز أردوغان، مرشّح حزب العدالة والتنمية الحاكم، أيضا موضوع لإثارة الجدل.
جريدة” زمان” التركية