بقلم: محمد كاميش
يعيش العالم الإسلامي في الوقت الراهن فترة عصيبة للغاية؛ إذ لم تنقل الأحداث التي تشهدها سوريا والعراق في السنوات القليلة الماضية العنفَ إلى هذه المنطقة كالعدوى وحسب، بل حوّلته، أي العنف، إلى حالة مزمنة كما هو الحال في أفغانستان وباكستان المتجاورتين.
إن الحرب والعنف والدماء تقف أمامنا كتهديد كبير موجه لرسالة الإسلام العالمية، كما أن الحرب الأهلية التي بدأت في سوريا، بتشجيع من حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، أفضت إلى تصفير جميع القيم التي ظهرت حتى يومنا هذا، وتدمير كل شيء.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]في الوقت الذي تستمر فيه عملية “مطاردة الساحرات” دون دليل، وبشكل مخالف للقانون ضد طائفة مهمة بالمجتمع التركي، يواصل رئيس الوزراء التحدُّث بلغة الكراهية في كل مناسبة يظهر فيها، وقد استخدم لغة الغضب والكراهية أيضًا حتى وهو يعلن ترشُّحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.[/box][/one_third]وفي الوقت الذي دُمّرت فيه المدن صاحبة التاريخ الذي يعود لآلاف السنين، أصبح كل إنسان لديه كرامة في المجتمع، ويعمل كطبيب أو مهندس قبل الحرب، مضطراً إلى أن يعيش في مخيمات اللجوء، ونقرأ يوميًا الأخبار التي تروي مستنقعات الرذيلة التي تسقط فيها النساء السوريات، وتحولت سوريا إلى بقعة جغرافية تُراق فيها دماء الناس لمضغهم العلكة، ويُدار فيها كل شيء حسب الأهواء، ويُضرب بالقانون وحقوق الإنسان عرض الحائط.
وبينما تحدث هذه المشكلة العظيمة في سوريا المتاخمة لأراضينا، حوّل العنف الذي بدأ بظهور تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) العراقَ الجريحَ أصلًا إلى غرغرينا كبيرة أيضًا، فترى أصوات التكبير تختلط بالدماء والمعارك والمذابح وأصوات الرصاص، وعبارات التوحيد وقد وُضعت جنبًا إلى جنب مع بنادق الكلاشينكوف، وهو ما يظهر للعالم أن المسلمين لا يعرفون شيئًا سوى الحرب والقتل، بل في الوقت نفسه يضع مفهومًا سلبيًا في عقول الأجيال الصاعدة من الشباب المسلم، وكأن هذه هي روح الإسلام وهدفه.. هذا المفهوم الجاهلي البعيد عن الحضارة يأخذ مكان صورة الإسلام وروحه.
إن تركيا من الداخل لا تختلف كثيرًا عن الجغرافيا المحيطة بها، فرئيس وزرائها الذي يستخدم المصطلحات الدينية في كل خطاب له، أعلن الحرب على كل شخص لا يوافقه في التفكير، كما أن ردود الأفعال الاستثنائية الصادرة ضد المطالب الديمقراطية تمخّض عنها مقتل العديد من المدنيين، ومن بينهم الأطفال. وفي الوقت الذي تستمر فيه عملية “مطاردة الساحرات” دون دليل، وبشكل مخالف للقانون ضد طائفة مهمة بالمجتمع التركي، يواصل رئيس الوزراء التحدُّث بلغة الكراهية في كل مناسبة يظهر فيها، وقد استخدم لغة الغضب والكراهية أيضًا حتى وهو يعلن ترشُّحه لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة. وقبض على يده وهو يقول: “سأكون رئيسًا للجميع”، وهو بذلك يحكي لنا كيف أنه سيقوم بإعادة تصميم جميع فئات الشعب إذا انتخب للمنصب.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]سواء أحببتم حركة “الخدمة” أو لم تحبوها، لا تستطيعون أن تنكروا أنها ترفض مبدأ العنف بشكل مطلق، وتسعى لفهم العصر الذي نعيشه، وتولي اهتمامًا كبيرًا للعلوم الحديثة، وتحمل روح الإسلام العالمية إلى كل مكان في العالم بالحسنى.[/box][/one_third]وإذا نظرنا إلى تركيا والمنطقة الجغرافية المحيطة بها، نجد أن بعض الحكومات والجماعات التي تستخدم المصطلحات الدينية لا تُنتج شيئًا سوى العنف والغضب والكراهية، وليس من الصعب أن نتوقع أن هذا المشهد الذي يفتح النار على كل شخص مخالف له، يجعل العالم بأسره يشعر بقلق كبير.
هل من الممكن أن يوضح لنا أحدهم، بنيّة صادقة، كيف تُعلن الحرب ضد حركة تسعى لفهم العالم الذي نعيش فيه حاليًا وتبذل ما بوسعها من أجل أن يعمّ السلام والوئام كافة أرجاء المعمورة؟ وسواء أحببتم حركة “الخدمة” أو لم تحبوها، لا تستطيعون أن تنكروا أنها ترفض مبدأ العنف بشكل مطلق، وتسعى لفهم العصر الذي نعيشه، وتولي اهتمامًا كبيرًا للعلوم الحديثة، وتحمل روح الإسلام العالمية إلى كل مكان في العالم بالحسنى.
وقد أعلن رئيس الوزراء “رجب طيب أردوغان”، شخصيًا، وبعض وزرائه الحرب على “حركة الخدمة”، التي يعتبرها البعض “وصفة” الخلاص الوحيدة للعالم الإسلامي، الذي يسيطر عليه العنف بمرور الأيام ويقف وكأنه لا يقدم شيئًا للبشرية سوى القتل. ولكن لا يمكن لكم أن تفسّروا سبب هذه الحرب بأحداث 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.