بقلم: مصطفى أونال
سابقاً كان يتم الإعلان عن أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية تحت قبة البرلمان التركي، وهذا ما حدث مع رئيس الجمهورية الحالي “عبد الله جول” ومن قبله “أحمد نجدت سيزار” و”سليمان دميريل” و”تورجوت أوزال”، لكن رجب طيب أردوغان، هو القائد الذي يفضل الاجتماعات البراقة والمكتظة بالجماهير، ويحب كثيرا إجراء اللقاءات وإلقاء الخطابات، ومن أجل كل ذلك فضل قاعة المؤتمرات لغرفة تجارة أنقرة، بدلا عن قاعة البرلمان، وقد تمت دعوة النواب البرلمانيين السابقين، ودخل رئيس مجلس الوزراء أردوغان إلى قاعة الحفل مع أفراد أسرته.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]كانت الوصاية العسكرية من أكبر وأهم المشاكل التي تعاني منها الدولة التركية، والتي كانت تضيق المجال السياسي للحكومة، وها هو(أردوغان) قد حد من وصاية الجيش، ورفع مستويات الديمقراطية، لكنه غيّر موقفه في السنوات الأخيرة من كفاح الانقلابات العسكرية.[/box][/one_third]تم الإعلان عن قرار أردوغان بالترشّح، وقام بهذا الإعلان الاسم الثاني في الحزب من حيث الأهمية، وهو نائب رئيس الحزب “محمد علي شاهين”، وبصوت حماسي شجي قال: “نحن حزب العدالة والتنمية أجرينا جميع المشاورات، ومرشحنا للانتخابات الرئاسية هو رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان”.
أردوغان فكر مليا في عام 2007 في خوض غمار الانتخابات الرئاسية، لكن الظروف آنذاك لم تكن ملائمة، ومن ثم تم تأجيل القرار سبع سنوات، وعندما حانت الفرصة أعلن ترشحه على الفور.
ومن الناحية السياسية نستطيع القول إن من حقه أن يترشح، بعدما حقق من نجاحات عديدة من حيث الأداء منذ العام 2002 إلى وقتنا هذا، وبعد أن حقق في كل الانتخابات التي خاضها هامشا واسعا من النجاحات، فلا يوجد زعيم غيره استطاع أن يزيد من أصوات ناخبيه مرة بعد مرة ليفوز بثلاث انتخابات عامة متتالية.
كانت الوصاية العسكرية من أكبر وأهم المشاكل التي تعاني منها الدولة التركية، والتي كانت تضيق المجال السياسي للحكومة، وها هو قد حد من وصاية الجيش، ورفع مستويات الديمقراطية، لكنه غيّر موقفه في السنوات الأخيرة من كفاح الانقلابات العسكرية، فبعد أن أعلن أنه هو المحقّق في قضايا الانقلابات، كما في قضيتي أرجنيكون والمطرقة الثقيلة، أصبح يتحدث اليوم عن هذه القضايا على أنها مؤامرة، وعن الجنرالات المتهمين في إطارهما، على أنهم ثلة من ضحايا هذه المؤامرة، وتم اتخاذ خطوات سياسية وقانونية، من أجل إفراغ هذه القضايا من محتواها.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]الصراع هو الأسلوب الذي يتبعه أردوغان في سياساته. فالخطاب والأسلوب الذي اعتمدهما في “الفترة الأستاذية” أدّيا إلى الاستقطاب السياسي للمجتمع، وقد تمت زيادة جرعتهما تدريجياً، ولم يعد يستطيع تحمل أي صوت معارض له، ولم ينظر إليه كمنافس أو معارض له، بل اعتبره عدوا له، وقد بقي معزولا داخليا وخارجيا، ورسم دائرة تضمه مع جماهيره فقط، وحتى خطابه بعد إعلان ترشحه كان بمثابة تأكيد على أنه سينتهج السياسة نفسها، حين ذكر” الكيان الموازي” و”البنية القذرة”.[/box][/one_third]كل السياسيين يريدون أن تتوّج حياتهم في القصر الرئاسي، كما فعل كل من “أوزال” و “دميريل”، فمن ذا الذي يرفض فرصة تتويجه بتاج الرئاسة، فهي حلم كل سياسي. وأنا أودّ أن أقول بأن أردوغان يستحق هذا الترشّح، وهذا المنصب، مع التحفّظ على النهج الذي بدأ يسير عليه في الفترة الأخيرة. ولكن رئاسة الجمهورية ليست كرئاسة الوزراء، ولا تعتمد منهجية الصراع على السلطة، بل على العكس، فمهمة رئيس الجمهورية هي تهدئة النفوس وإصلاح ذات البين، وحل النزاعات، وضمان عمل مؤسسات الدولة في جو من الوئام.
الصراع هو الأسلوب الذي يتبعه أردوغان في سياساته. فالخطاب والأسلوب الذي اعتمدهما في “الفترة الأستاذية” أدّيا إلى الاستقطاب السياسي للمجتمع، وقد تمت زيادة جرعتهما تدريجياً، ولم يعد يستطيع تحمل أي صوت معارض له، ولم ينظر إليه كمنافس أو معارض له، بل اعتبره عدوا له، وقد بقي معزولا داخليا وخارجيا، ورسم دائرة تضمه مع جماهيره فقط، وحتى خطابه بعد إعلان ترشحه كان بمثابة تأكيد على أنه سينتهج السياسة نفسها، حين ذكر” الكيان الموازي” و”البنية القذرة”.
ومصطلح الكيان الموازي لم يتحدد مفهومه بعد، لا من الناحية القانونية ولا من الناحية السياسية. وهذا المصطلح عبارة عن اتهام وتنميط استخدمه لأول مرة زعيم المنظمة الإرهابية “عبد الله أوجلان”، وتبعه في ذلك أنصار حزب العدالة والتنمية.
كم عدد الأشخاص في المجتمع الذين سيشعرون في أنفسهم أن شخص أردوغان يعكس تصوراتهم؟ إنه سؤال مسوّغ. إن الفوز بالانتخابات سهل، ولكن الصعب هو أداء وظيفة رئيس الجمهورية على أكمل وجه، لاسيما وأن صاحبها من المفترض فيه أن يمثل جميع شرائح المجتمع.
لاريب في أن عملية ترشّح أردوغان للانتخابات الرئاسية هي نقطة تحوّل لشخصه وللسياسة ولتركيا، ونحن على مشارف عهد جديد.