بقلم: محمد كاميش
تمرّ تركيا في هذه الأيام بظروف “انقلاب” صعبة. فنحن نعيش في فترة تسود فيها ظروف استثنائية نشهد خلالها إلغاء جميع القوانين والقواعد والأعراف، حتى إن بعض مواد الدستور أصبحت معطلة.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]الآن نشهد انتقال الجامعات الخاصة ووسائل الإعلام ومؤسسات الفكر والمحاكم الخاصة بكل ما فيها إلى سيطرة الدولة. فالشيء الذي تصفونه بالدولة يُمضغ الآن بين شفتي شخص بصفة أولوية، ثم بين شفتي عدة أشخاص. والأهم من ذلك أنهم يحتكرون مبدأ “فهم الدين وتفسيره”. وبهذه الطريقة ستُحتكر بمرور الوقت أيضًا وجهات نظر وتفسيرات أخرى.[/box][/one_third]إن هذه الفترة، التي سيذكرها التاريخ بلقب “عصر مطادرة الساحرات”، يُتهَم فيها الناس بارتكاب جرائم لا ينّص عليها القانون، ومن ثم يعاقبون بسببها. وإن الذين نقلوا عصر “مطاردة الساحرات” التي بقيت في دهاليز العصور الوسطى الأوروبية الملظمة إلى اليوم، يتحجّجون بحركة الخدمة لتنظيم انقلاب كبير ضد المجتمع في تركيا.
هناك من يقيّمون الوضع القائم حاليًا على أنه صراع قائم بين محور حزب العدالة والتنمية – حركة الخدمة. فهؤلاء يصمتون صمتًا عجيبًا إزاء انتزاع الدولة لكامل حقوقنا بشكل سيء للغاية. والآن نرى أن جميع السلطات والحقوق والأولويات انتقلت مجددًا إلى أيدي الدولة التي صارت بمقدورها في الوقت الراهن – بفضل قانون المخابرات الجديد – شنّ عمليات الدهم ضد أي شخص وطائفة وكيان عقدي وعرقي، والتلاعب بهم كيفما شاءت دون أن يحاسبها أحد. فلماذا اعترضنا على الدولة عندما فعلت ذلك إبّان انقلابي 12 سبتمبر / أيلول 1980 و28 فبراير / شباط 1997؟ ولماذا قلناها بأعلى صوتنا وتحدثنا عن بؤر مظلمة؟ ولماذا اليوم تسيطر حالة من الصمت الرهيب، بل قُل حالة من الموافقة والترحيب؟ فهل الحكم المسبق بأنهم “لن ينفّذوا عملية ضدنا”، هو الذي يجعلكم تجلسون في بيوتكم وأنتم مرتاحو البال؟ وهل الأشخاص الذين تظنون أنهم لن يداهموا منزلكم سيبقون في مواقعهم إلى الأبد؟ فماذا سيكون وضعكم إذا بدأ أناس آخرون استخدام الصلاحيات التي جمعتموها في الدولة بعد الدوس على كافة القوانين؟ ماذا سيكون وضع هذا الشعب؟ وهل تظنون أنكم لن تتعرّضوا للعمليات ذاتها التي تُشنّ اليوم ضد البعض؟ ولهذا يشدد العقلاء الكبار من أبناء هذه الأمة على ضرورة حماية القانون لأنكم ستحتاجونه يومًا ما.
إن حزب العدالة والتنمية سيطرت عليه مجموعةٌ صغيرة من الأشخاص عقب انتخابات 12 يونيو / حزيران 2011، وأحاطت بالحكومة التي أخذت تفويضًا من المجتمع من أجل صياغة دستور جديد مدني وديمقراطي. ولقد تسبب هؤلاء الأشخاص في تحول توجهات الحكومة التي نادت على مدار عشر سنوات بـ”الديمقراطية وحقوق الإنسان”. وعمدوا إلى إعادة أكثر الكلمات التي كان يجري التشديد عليها في أيام الوصاية العسكرية، أي مفهوم الدولة التي لا تريد شريكًا لها، إلى حياتنا مرة أخرى بشكل فظيع.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]أيها الشعب! إذا أزحتم ستار “حركة الخدمة” عما يحدث، فعدندٍ سيظهر أن ما يُسلب اليوم هي حقوقكم وحرياتكم وأمن أرواحكم وأموالكم أنتم. ولقد حاولوا تشويه صورة حركة الخدمة لاعتراضها على هذه الإجراءات التعسفية غير المبررة، وهو ما يظهر أن هذه مساعي الشَّيْطَنة ستطولكم أنتم أيضًا وسيَحِين عليكم الدور قريبًا. وإن مدة حياتكم محدّدة بالوقت الذي تزول فيه الحاجةُ إليكم.[/box][/one_third]والآن نشهد انتقال الجامعات الخاصة ووسائل الإعلام ومؤسسات الفكر والمحاكم الخاصة بكل ما فيها إلى سيطرة الدولة. فالشيء الذي تصفونه بالدولة يُمضغ الآن بين شفتي شخص بصفة أولوية، ثم بين شفتي عدة أشخاص. والأهم من ذلك أنهم يحتكرون مبدأ “فهم الدين وتفسيره”. وبهذه الطريقة ستُحتكر بمرور الوقت أيضًا وجهات نظر وتفسيرات أخرى.
إن الانقلابات كانت تحدث في الماضي بسيطرة الجيش على الإذاعات وتليفزيون الدولة وخروج الدبابات إلى الشوارع. وأما الآن فالانقلابات تحدث بينما كل واحد منّا في عمله يزاول حياته اليومية المعتادة. ولا يظن أحدكم أن هذه العملية بدأت مع فتح التحقيق في قضية الفساد والرشوة ضد بعض الوزراء يوم 17 ديسمبر / كانون الأول الماضي، بل على العكس تمامًا، فإنها خرجت إلى النور بهذا التحقيق. وعلى ما يبدو فإنهم أسرعوا هذه العملية عقب بدء هذا التحقيق، بينما كانوا يخطّطون لتنفيذها في وقت اكثر اتساعاً.
أيها الشعب! إذا أزحتم ستار “حركة الخدمة” عما يحدث، فعدندٍ سيظهر أن ما يُسلب اليوم هي حقوقكم وحرياتكم وأمن أرواحكم وأموالكم أنتم. ولقد حاولوا تشويه صورة حركة الخدمة لاعتراضها على هذه الإجراءات التعسفية غير المبررة، وهو ما يظهر أن هذه مساعي الشَّيْطَنة ستطولكم أنتم أيضًا وسيَحِين عليكم الدور قريبًا. وإن مدة حياتكم محدّدة بالوقت الذي تزول فيه الحاجةُ إليكم.
ـــــــــــــــــــــ
جريدة زمان 28/6/2014