قال أكرم دومانلي، رئيس تحرير جريدة زمان التركيَّة، إنه تم كشف أسماء الأشخاص الذين نصبوا الفخ والمكايد لحركة الخدمة، اسمًا اسمًا. وأضاف: “لا جرم أن الأوضاع الشاذَّة التي نشهدها في هذه الآونة، لن تستمر إلى يوم القيامة، وأن الذين يدعمون الخروج على القانون سيحاسَبون ذات يوم أمام القانون”.
واختتم دومانلي مقالته مذكِّرًا: “ليت الناس يشتغلون بالبحث عن المجرمين الحقيقيين، بدلاً من اختلاق الجرائم وتشكيل ملفَّات جنائيَّة من تلقاء أنفسهم”.
وقد كتب الأستاذ أكرم دومانلي في مقاله، في ما يخصّ هذه الواقعة:
طرح وزير الداخليَّة السابق إدريس نعيم شاهين، موضوعًا حيويًّا للغاية، للمناقشة على جدول أعمال المجلس، علمًا بأن شاهين هو رفيق درب رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان ردحًا من الزمن. وعلى ضوء الوثائق والمعلومات التي حصل عليها شاهين، المستقيل من الحزب إثر ادِّعاء مفاده أن “أردوغان مُحاط بدائرة ضيِّقة من مستشاريه”، تَبَيَّن أن الذين يمسكون بتلابيب قوَّة الدولة يسعون إلى نصب فخٍّ جديد، إذ تُدَبَّر خُطَطٌ شريرة لم تخطر على بال أحد، في حقِّ الأستاذ محمد فتح الله كولان ومحبيه، كما تُنصَب المكايد والمؤامرات، بل الأنكى من ذلك هو الرغبة في تلطيخ اسم مجموعة من الأبرياء، وإدخالها إلى قائمة “التنظيم المسلح”. ويقدِّم السيد إدريس نعيم معلومات مُفصَّلة عن الخطة المشؤومة، وهو الآن في انتظار رَدٍّ رسمي من وزير الداخليَّة الحالي أفكان علاء، حول هذه الاستفسارات.
هذه الواقعة تحمل في طيَّاتها موضوعات عِدَّة يتحتم على السيد أفكان الرد عليها! مع العلم أنه لم يستطِع بعد إظهار الوثيقة التي ادّعى، فور جلوسه على كرسي المنصب، أنها تثبت أن “بنك آسيا ربح مليارَي دولار في 17 ديسمبر نتيجة بيعها للعملة الصعبة”، فضلاً عن أن وزراء الدولة المنوط بهم الأمر، كذّبوا علاء بشكل قاطع فيما بعد.
وعرفنا السيد الوزير بنَفْيِه للشرطة، وعرفناه بمحاولة اعتقال الصحفيين الذين تم تكسير أبواب بيوتهم من قبل الشرطة، وعرفناه كذلك بطرده للمدَّعين العامِّين من غرفته. آمُل أن يُوفِي السيد الوزير بما لم يفعله من قبل، وأن يعطي إجابة واضحة عن طلب الاستجواب السالف. حينها سيدرك الجميع، أن الذين يتحدثون عن مؤامرة ضدّهم، يصطنعون بأنفسهم أدب “الحيلة والمكيدة”، ويحاولون إلقاء مكايدهم على الآخَرين، وقد بات شغلهم الشاغل الآن تدبير سيناريو “مكيدة” أخَرى.
مدبِّرو المكايد معروفون اسمًا اسمًا
مِنْ أين أعرف؟ الجواب بسيط: كُشِفَت أسماء الذين يعملون أعمالاً غير قانونيَّة ضدّ حركة “الخدمة”، داخل مديريَّة الأمن ودار القضاء، اسمًا اسمًا. ليس ذلك فحسب، بل جارٍ الحديث والكتابة عنهم.
تتوافر أدلَّة قويَّة حول اصطناع أدلَّة عن حركة “الخدمة” في جهاز مخابرات الأمن، وأروقة دار القضاء، وتوجَد أدلَّة قويَّة أيضًا على تحديد أسماء رؤساء مديريَّات الأمن والمدعين العامِّين من أجل توظيفهم لتنفيذ العملية المخطَّط لها.
ارتُكِبَت جرائم كثيرة في جوانب عدَّة، بدءًا من جرائم المسؤولين الذين أصدروا تعليمات يشتهون بها حشد المناصب والمقامات، إلا أن كل هذه الجرائم المرتكَبة ستكون سببًا في المحاكمة لاحقًا، وكلها ستُسَجَّل في أوراق التحقيق.
يومًا ما سيتغيَّر هذا الوضع لا محالة
لا جرم أن الأوضاع الشاذة التي نشهدها في هذه الآونة لن تستمر إلى يوم القيامة، لا سيما المعلومات التي تتداولها الألسنة حول عدم مشروعيَّة الأعمال التي تجرى في جهاز مكافحة المخدرات والجرائم الماليَّة. هل تظنون أن “الغرفة السرية” المؤسَّسة لتصفيَة حركة “الخدمة” غير معلومة؟ وهل يُعقَل أن يبقى عدم تسرُّب المعلومات (التي بات الجميع يعرفها) إلى وسائل الإعلام لفترة طويلة؟ ألن يسجلها التاريخ؟ وهل يبقى سرًّا تكاتُف أجهزة مثل جهاز مكافحة الإرهاب، وجهاز مخابرات الأمن، وجهاز المخابرات الوطني التركي، وتَحَرُّكهم نحو هدف دون رعاية القوانين والحقوق، واصطناعهم أدلَّة، وتنفيذهم إجراءات غير قانونيَّة؟ لا أعتقد ذلك. ألا ترون هؤلاء المستبدين الطُّغاه الذين قاموا بانقلاب الثاني عشر من أيلول/سبتمبر وهم ماثلون أمام العدالة بعد مرور 34 عامًا على الانقلاب؟ القانون لا يغفر لأي شخص يعمل خارجه، مهما كان منصبه.
جارٍ تسجيل كل شيء بحذافيره
وإذا كان موظفو الدولة الموجَّهون سياسيًّا والمنشغلون بـ”مطاردة الساحرات”، يُقبِلون على أعمال خارج إطار القانون، وينفذون أوامر غير شرعية، إذًا فعلينا أن نعلم أن كل إجراء قاموا به يُدوِّنه بشكل مُفصَّل أشخاصٌ يُكِنُّون للقانون احترامًا، وحاذقون في عملهم.
لن ينسى كل مَن أُعلِنَ متَّهَمًا دون أدلَّة أو سندٍ الظلم الموجَّه إليه أبدًا.. وسيقاوم حتى النهاية
الوضع في دار القضاء مختلف إلى حد ما، وهل ستبقى الخطط غير القانونيَّة التي نفَّذها بعض المدَّعِين العامِّين، الذين ينعتون أنفسهم بــ”السائر على درب الحقّ”، ضدّ حركة الخدمة، سِرًّا لا يعرفه أحد؟
ليس لأحد أحقِّيَّة في أن يضع القوانين في حوزته، ويتصرف بها كيفما شاء. ينبغي لأولئك الذين يفضِّلون عدم الشرعية بموجب الوضع السياسي، أن يُحاسَبوا ويُعاقَبوا أمام القانون، إن عاجلاً أو آجلاً، إذ لا يمكن تَصَوُّر انتهاك رجل القانون للقوانينَ والإخلال بها بارتكابه لجريمة بشعة.
يا ليت الناس يشتغلون بالبحث عن المجرمين الحقيقيين، بدلاً من اختلاق الجرائم وتشكيل ملفَّات جنائيَّة من تلقاء أنفسهم…
ـــــــــــــــ
جريدة “زمان” التركيَّة