لم يُدلِ وزير الداخلية التركي أفكان علاء بأي تصريح حتى الآن حول “مخطَّط القضاء على حركة الخدمة”، الذي كشف عنه سلفه إدريس نعيم شاهين، قبل أربعة أيام. أما رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان، فقد أدلى بتصريحات تشبه إلى حدٍّ كبير الاعترافات، إذ قال: “ينبغي تكوين أشياء محدَّدة، فنحن نطوِّر مشروعًا، وعندما ينتهي ستتسارع الوتيرة”.
وتتوالى أصداء مخطَّط “القضاء على حركة الخدمة” الذي أفشى عنه وزير الداخلية التركي السابق إدريس نعيم شاهين، باستجوابه البرلماني الذي قدَّمه، بصفته نائبًا عن ولاية أوردو، لوزير الداخلية الحالي أفكان علاء. وفي الوقت الذي لم يُدْلِ فيه بأي تصريحات حول الموضوع، على الرغم من مرور أربعة أيام على تفجير شاهين القضية، فإن رئيس الوزراء أردوغان صدرت عنه تصريحات، تشبه إلى حدٍّ كبيرٍ الاعتراف، بأن حكومته تدبِّر مؤامرة موجَّهة ضدّ حركة الخدمة، مستخدمًا جهاز القضاء في الدولة. وقد أجاب أردوغان عن الأسئلة الموجَّهة التي طرحها الصحفيون الموالون لحكومته، في أثناء عودته من جولته الأوروبية، التي خرج إليها للترويج لترشحه في الانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في العاشر من آب/أغسطس المقبل. وبهذه الطريقة يكون أردوغان قد أفشى الغاية الأساسية من وراء تعديلات قانون مجلس الدولة. وقد وجَّه الصحفيون سؤالاً إلى أردوغان مفاده: “قلتم إنكم ستطاردونهم حتى جحورهم، هل بدأت هذه الوتيرة؟”، فأجاب بقوله: “القضاء الموازي يعرقل خطوات السلطة التنفيذية. والآن عرضنا بعض التعديلات الدستورية على رئيس الجمهورية للموافقة عليها، وعندما يصدِّق عليها، سنخطو خطوات سريعة لتنفيذ ما أردنا”.
وإجابةً عن سؤال مفاده: “هل يمكن أن تنظر محكمة واحدة جميع الملفات والدعاوى المرفوعة ضدّ أفراد الخدمة لدى انتهاء التحقيقات؟”، قال أردوغان: “ستشمل هذه الوتيرة كل الخطوات، ابتداءً من إصدار نشرات حمراء، حتى رفع الدعاوى. فكما أنهم فتحوا ضدّنا مئات الدعاوى، فإننا سنرفع ضدّهم مئات، بل آلاف الدعاوى. وحينها سيتغير مجرى الأحداث. ولقد ظهرت بعض المستجَدَّات في هذا الإطار على أرض الواقع بالفعل”.
وتابع أردوغان تصريحاته حول مدارس حركة “الخدمة”، المنتشرة في مختلف دول العالم، بقوله: “أُغلِقَت بعض المدارس التابعة للتنظيم الموازي في دول آسيا الوسطى وإفريقيا، وتستمرّ وتيرة إغلاقها. نحن الآن نطوِّر مشروعًا، وعندما ننتهي منه ستتسارع هذه الوتيرة”.
كان أردوغان قد صرَّح خلال مؤتمر، عُقد بإسطنبول نهاية الأسبوع الماضي، بقوله: “يجب تشكيل أشياء معيَّنة، وحينها سنخطو خطوات جادَّة في هذا السياق”.
أما التعديل الدستوري، الذي قال أردوغان إنه “أمام رئيس الجمهورية ينتظر الموافقة”، فهو متعلِّق بمجلس الدولة، وفي حالة تصديق الرئيس عبد الله جول على هذا التعديل، فإن هيكل مجلس الدولة سيتغير بالكامل في فترة وجيزة، تبلغ نحو 10 أيام. واعتبارًا من تاريخ العمل بالتعديل الجديد، ستنتهي فترة تعيين مجلس الرئاسة الأول بمجلس الدولة، والأمين العامّ ومساعديه، ورؤساء الدوائر والأعضاء والقضاة العاملين في قسم الأعمال والدوائر بالمحكمة العليا، كما سيجري تعيين أمين عامٍّ ومساعدين له جدد في فترة وجيزة لا تتعدى 3 أيام. وخلال 7 أيام ستجرى انتخابات في مجلس الدولة، وسيُعاد تشكيل مجلس الرئاسة الأول. وسيعيد المجلس تنظيم قسم الأعمال بمجلس الدولة، ويعرضه على اللجنة العمومية الكبرى بالمحكمة للموافقة عليه. وإذا وافقت اللجنة العمومية الكبرى على هذا التعديل، فسيجري تحديد الكوادر التي ستتولى العمل بالدوائر المختلفة، ولن يكون بإمكان المحكمة العليا نظر أي ملفّ خلال هذه الفترة.
هذه التعديلات الجديدة ستؤدي إلى إخلاء أماكن الموظفين العاملين تحت قيادة رئيس مجلس الدولة، وسيُعزَل الأمين العامّ ومساعدوه، الذين عمل معهم رئيس المحكمة لفترة طويلة في مجال الأعمال الإدارية، إضافةً إلى مجلس الرئاسة الأول الذي يتولَّى مهامَّ قضائية. ولن يستطيع الأمناء العامُّون البقاء في مناصبهم لفترة طويلة، كما لن يتمكن العاملون في مجلس الرئاسة الأول، من الذين انتهت فترة تعيينهم، من الترشُّح مرة ثانية، إلا بعد مرور ولاية واحدة.
وشدّد التعديل الجديد على شرط الأقدمية الموجود للترشح لأي منصب في مجلس الدولة، وفي الوقت الذي بادرت فيه حكومة حزب العدالة والتنمية إلى خفض شرط الأقدمية، لاختيار رؤساء مجلس الدولة والمحكمة العليا إلى 4 سنوات، بمرسوم في صيغة قانونية أصدرته بتاريخ 26 آب/أغسطس 2011، فإنها رفعت هذا الشرط إلى 10 أعوام بالنسبة إلى المحكمة العليا، وفق التعديل الجديد. كما رُفعت الفترة اللازمة للتعيين نائبًا عامًّا لدى مجلس الدولة إلى 5 سنوات. وبينما لا يوجد أي شرط أقدمية للتعيين في منصب الأمين العامّ في أي هيئة قضائية بمجلس الدولة، فُرض شرط العضوية بمحاكم مجلس الدولة لمدة 5 سنوات من أجل شغل هذا المنصب. وعليه، فقد تساوى شرط الأقدمية في مجلس الدولة بين الأمين العامِّ المتولِّي منصبًا إداريًّا، والنائب العامِّ بالمحكمة.
جريدة “زمان” – 24/6/2014