صرَّح أردوغان، رئيس الوزراء التركي، بلسانه من خلال برنامج تلفزيوني، بأنه قد علم بعثور الأجهزة الأمنية على أجهزة تنصُّت كانت مزروعة داخل مكتبه.
جاء ذلك في تصريح له عبر قناة “أ تي في” المحلية، بتاريخ 21 كانون الأول/ديسمبر 2012، قال فيه إنه عُثِرَ على أجهزة تَنَصُّت كانت مزروعة داخل مكتبه في مقرِّ إقامته، ومضى على هذه الحادثة فترة من الزمن.
وعندما قال أردوغان “ومضى على هذه الحادثة فترة من الزمن”، قصد “قبل سنة من ذلك الوقت”، أي في كانون الأول/ديسمبر من عام 2011، أي مضى على هذا التصريح إلى يومنا هذا سنتان ونصف السنة، ومن وقت العثور على أجهزة التنصُّت إلى يومنا هذا مضت ثلاث سنوات ونصف السنة، وبعد هذه المدة الطويلة شنّ رجال الأمن عمليات اعتقال متعلِّقة بقضية أجهزة التنصُّت.
جاء ذلك في الوقت الذي وصل فيه التنظيم الانفصالي الإرهابي “حزب العمال الكردستاني” إلى إنزال العلم التركي من سارية أحد المواقع العسكرية، وفي خِضَمِّ انتشار الخبر في أرجاء العالَم عن المجازر التي يقترفها تنظيم “داعش” (دولة الإسلام في العراق والشام)، والادِّعاءات القائلة بأن هذه الأسلحة التي تُرتكب بها مجازر القتل قد أُرسِلَت عبر تركيا، وفي الوقت الذي تشنُّ فيه قوات “داعش” هجومًا على القنصلية التركية في مدينة الموصل شماليّ العراق، وتختطف كوادرها وتأخذهم رهائن، ومن بينهم القنصل التركي نفسه، ولم يُنقَذوا حتى الآن. وفي الوقت نفسه اتفقت فيه أحزاب المعارضة على ترشيح الأمين العامِّ السابق لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أغلو، لخوض الانتخابات الرئاسية، وإجبار حزب العدالة والتنمية في ظل هذه التطورات على أن يصرِّح بإمكانية أن يكون مرشَّحُه هو عبد الله غول، بعد أن كان أردوغان هو مرشّحها الوحيد.
كل السياسيين في حزب العدالة والتنمية الحاكم، وحتى العاملين في مجال الإعلام الموالي للحكومة، كانوا دائمًا يستخدمون عبارة “التوقيت أمر مُهِمّ للغاية”، وفي عصر أمس الثلاثاء شنَّ رجال الأمن عملية دهم وتفتيش واعتقال ضدَّ المتهَمين في إطار التحقيقات حول أجهزة التنصُّت المزروعة في مكتب أردوغان ومن بين المعتقلين رجال قانون وأشخاص مسؤولون عن أمن وحماية رئيس مجلس الوزراء، وهم الذين لا تشوب سجلاتهم الشخصية أدنى شائبة.
وقد كان أردوغان وبعض من النواب البرلمانيين لحزب العدالة والتنمية، يتلفظون دائمًا بعبارة “يتم التحضير للبنية التحتية لإجراء العمليات”، إذًا ما تحضيرات البنية التحتية؟
1- اعتقال أو إقالة أو نقل رجال الأمن والشرطة الذين يمارسون وظائفهم بموجب القانون والدستور، لهذا تُجرَى هذه العمليات بطريقة غير منتظمة وبقرارات تعسُّفية.
2- إنهاء خدمة الكوادر العاملين في مركز البحوث التكنولوجية والعلمية، الذين لم ينصاعوا ويقدِّموا تقارير مزوَّرة رغم الضغوط التي تُمارَس عليهم، واستبدال مدير حدائق الحيوان برئيس مركز البحوث، والأول يفهم بالطبع في الحيوانات لا في التنصُّت.
3- استصدار قانون مخالف للدستور كما هو معروف للجميع، يعطي لوزير العدل صلاحية تشكيل الكوادر القضائية في بعض الدوائر من المجلس الأعلى للقضاة حسب إرادته، وبعد فترة ألغت المحكمة الدستورية هذا القانون، ولكن دون إلغاء الأثر الرجعي للقانون، فبقيَت كل إجراءاته السابقة مفعَّلة.
4-تأمين استصدار مرسوم منسَّق ومجهَّز مُسبَقًا، لنقل وإعادة تعيين لوظائف 2517 من القضاة والمدَّعين العامِّين، إلى أماكن ووظائف أخرى.
5- والمرحلة الأخيرة هي إجراء عملية تغييرات في منتصف الليل لهيئة محكمة النقض، وتعيين الموالين.
ــــــــــــــــــ
جريدة زمان التركية