طالَبَ وزير الخارجية العراقي الولاياتِ المتحدة الأمريكية بشَنِّ هجماتٍ جوِّية على عناصر تنظيم “داعش” (دولة الإسلام في العراق والشام) في بلاده بعدما تَقدَّموا نحو قلب العراق.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن أتباع مذهبين إسلاميين يتصارعون لأنهم لم يستطيعوا حَلَّ خلاف نشب بينهما. وعندما فطن الطرفان إلى أن الصراع يتقدم نحو قلب العراق، طلب أحدهما الدعم والمساعدة من الولايات المتحدة.[/box][/one_third]وبينما صرَّح الرئيس الأمريكي باراك أوباما بأن بلاده لا تفكِّر في إرسال جنود إلى العراق، أرسل ثلاث سفن حربية إلى الخليج العربي من أجل زيادة الأمن في المنطقة.
إن “داعش” يتبع تفكيرًا سلفيًّا، وعلى الرغم من تطرُّف آرائه الشديد وإجرائه عمليات لا يمكن قبولها، فإنه يُعتبر استمرارًا لاتجاهٍ تَشكَّل في التاريخ الإسلامي، وكذلك فإن عناصره مُسلِمون، كما أن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري، الذي دعا واشنطن إلى وقف تَقَدُّم “داعش”، مُسلِم سُنِّي. أمَّا رئيس وزرائه نوري المالكي، الذي تَحدَّث زيباري بعلمه، فهو مُسلِم شيعي. باختصار، فإن أتباع مذهبين إسلاميين يتصارعون لأنهم لم يستطيعوا حَلَّ خلاف نشب بينهما. وعندما فطن الطرفان إلى أن الصراع يتقدم نحو قلب العراق، طلب أحدهما الدعم والمساعدة من الولايات المتحدة.
النقطة الأخرى، هي أن “داعش” أعلن الجهاد، وهو يقتل كل مَن عارضه وخالف معاييره العَقَدِيّة. وعقب إعلانه أنّ تقدُّمه يسير -إلى جانب العاصمة بغداد- نحو مدن يعتبرها الشيعة مقدَّسة، مثل كربلاء والنجف، فإن أكبر القادة الرُّوحِيِّين الشيعة في العراق، آية الله السيستاني، أعلن الجهاد، ودعا إلى تسليح الشعب والشباب. وأما حُجَّة الجهاد فهي حِفْظ الأرواح وحماية الأماكن المقدَّسة، ذلك أن “داعش” يضع الأضرحة والمزارات الدينية والأماكن المقدَّسة وغيرها في كفة واحدة مع الشِّرْك، ويدمِّر الأماكن التي تقف أمامه في أثناء تقدُّمه.
هنا موضوعان يجب الإشارة إليهما:
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]إن الأطراف المُسلِمة، المتنازِعين فيما بينهم، لا يتمكنون من حلّ خلافاتهم بالطريقة التي يُقِرُّها لهم دينُهم والفطرة الحميدة وعقولهم. وهما يتصارعان، ويُعلِن كلاهما الجهاد ضد الآخَر. أما التعريف الصحيح للجهاد فهو “إزالة العوائق بين الإنسان والإسلام”، كما أن التبليغ والشرح والتعليم والفاعليات العلمية هي نوع من أنواع الجهاد (الجَهْد والمُجَاهَدة).[/box][/one_third]أ- أنّ الأطراف المُسلِمة، المتنازعين فيما بينهم، لا يتمكنون من حلّ هذه الخلافات بالطريقة التي يُقِرُّها لهم دينُهم والفطرة الحميدة وعقولهم. وهما يتصارعان، ويُعلِن كلاهما الجهاد ضد الآخَر. أما التعريف الصحيح للجهاد فهو “إزالة العوائق بين الإنسان والإسلام”، كما أن التبليغ والشرح والتعليم والفاعليات العلمية هي نوع من أنواع الجهاد (الجَهْد والمُجَاهَدة). وكذا فمِن الجهاد أيضًا استخدام حقّ الدفاع المشروع عند التعرُّض لهجوم خارجيّ أو مواجهة هجوم مؤكَّد. أما الفريقان المسلمان فيرى كلاهما أن الآخَر هو العائق الذي يجب التخلُّص منه بين الإسلام والإنسان.
ب- تدعو الإدارة العراقية الأمريكيين، الذين احتلُّوا أراضيها عام 2003، لدعمها في مواجهة تنظيم أعلن أنه إسلامي، وهي تخشى أخاها المسلم الذي يهدِّد أمنها، وتحتاج إلى حماية قوة نصرانية علمانية شتَّتَت شمل العالَم الإسلامي.
ليس المالكي وحده هو مَن يدعو الولايات المتحدة للتدخل لدحض “داعش”، إذ كانت تركيا كذلك قد دعت واشنطن وحلف شمال الأطلسي (ناتو) عام 2012 لقتال عناصر حزب العمال الكردستاني، وكان رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان قد دعا، خلال مشاركته في برنامج تليفزيوني اسمه “Charlie Rose Show”، أُذِيعَ على قناة “PBS” الأمريكية خلال جولة قام بها، من مدينة تورنتو الكندية، دعا حلفَ الناتو لتقديم الدعم لبلاده. وطلب الحصول في مواجهة حزب العمال الكردستاني على الدعم نفسه الذي يقدِّمه الحلف لقتال حركة طالبان في أفغانستان. وكذلك دعت الحكومة التركية الحلف للعب دور مؤثِّر في الأزمة السورية.
إن السلفيين والشيعة يجاهد بعضهم ضد بعض، في حالة نشوب خلاف بينهما كجماعات دينية وسياسية متنازعة، ويعتبر كلاهما من يموت من طرفه خلال الجهاد “شهيدًا”. إن الإسلام يصارع نفسه بشكل مأساوي للغاية!
ـــــــــــــــــ
جريدة زمان، 23 يونيو 2014.