أكيد أن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، هو مرشح حزب العدالة والتنمية، في الانتخابات الرئاسية المقبلة في تركيا، لكن السؤال المطروح هو: هل سيقبل أردوغان أن يكون رئيسًا رمزيًّا يسود ولا يحكم كما هو الشأن في معظم الأنظمة البرلمانية الموجودة في العالم؟
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]لا أعتقد أن رجب طيب أردوغان، سيقبل بالبقاء في السُّلْطة إن لم تكُن السُّلْطة كلها تقريبًا مركَّزة في يده كما تَعَوَّد، إذ أعلم ويعلم الجميع بصراعات أردوغان مع أطياف عدة في تركيا، وبالوعود التي قطعها للشعب التركي بمحاربة هؤلاء، حسب ادِّعائه، وهي حُجَّة أردوغان للاستمرار في الحكم.[/box][/one_third]نعم، رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان تَعَوَّد رفع الصوت على كل من يخالفه، والتهديد بمسح كل من يعارضه على الخارطة السياسية لتركيا، فلا يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية التركية سوى أيام معدودة، إذ سيخوض أردوغان معترك هذه الانتخابات بنِيَّة التغيير الجذري في نمط نظام الحكم في تركيا حتى يتجنَّب وضع الملك في أي ملكية دستورية أو جمهورية برلمانية حيث تكون مسؤوليات الملك والرئيس عن السُّلُطات الثلاث، التشريعية القضائية والتنفيذية، محدودةً، إن لم تكُن رمزية.
فلا أعتقد أن رجب طيب أردوغان، سيقبل بالبقاء في السُّلْطة إن لم تكُن السُّلْطة كلها تقريبًا مركَّزة في يده كما تَعَوَّد، إذ أعلم ويعلم الجميع بصراعات أردوغان مع أطياف عدة في تركيا، وبالوعود التي قطعها للشعب التركي بمحاربة هؤلاء، حسب ادِّعائه، وهي حُجَّة أردوغان للاستمرار في الحكم.
بناءً على هذه المعطيات فحتمًا سيعمل أردوغان على الاستمرار في اتِّباع سياسته المعهودة التي تتلخَّص في تغيير قوانين الجمهورية وفقًا لإملاءاته الشخصية، نعم، الأدلة في ذلك موجودة وكثيرة. ألم يسبق لأردوغان أن عدَّل قانون القضاء حتى يتنصَّل من تُهَم الفساد الموجَّهة إليه ضمن ما يُسَمَّى “ملف قضية الفساد الكبرى في تركيا” التي طفت إلى الواجهة في 17 ديسمبر 2013، إذ تَسَرَّبَت بخصوص هذا الشأن تسجيلات تثبت تورُّطه في قضايا الفساد الكبرى؟ ألم يبسط سيطرته على الإعلام الحكومي الذي أصبح أداة في يده تضرب بغرض التشويه كلَّ من يقول له: “أخطأت يا سيدي الرئيس”؟ وغيرها كثير من الادلة.
لذلك أتوقع أن رجب طيب أردوغان، في حالة فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة سيعمل هذه المرة على تغيير ليس فقط قانون يخصّ الأمور التنظيمية للدولة، بل سيكون الأمر أعمق من ذلك وأكثر إنتاجًا لمصادر الخوف والريبة، وهو تغير نظام الجمهورية بأكمله، من نظام برلماني تكون فيه صلاحيات الرئيس محدودة، إلى نظام شبه رئاسي تتوزَّع فيه السُّلْطة التنفيذية بين رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والبرلمان، بذلك يكون طيب رجب قد ضمن “سلطته على السُّلْطة”، بمعنى أنه سيحافظ على قوَّته في التأثير على مجرى رسم السياسات العامَّة سواء ما تعلق بالدولة على المستوى الداخلي أو ما تعلق بالسياسة الخارجية لتركيا على المستوى الإقليمي أو الدولي.
[one_third][box type=”shadow” align=”alignleft” ]الخوف من المستقبل المجهول هو ما سيدفع أردوغان إلى تغيير نمط الحكم في تركيا، حتى يضمن خمس سنوات في السُّلْطة، يعمل من خلالها على اقتلاع ملفَّات الفساد من جذورها ويطمس كل الأدلة المتعلقة بها، كما أنه سيجتهد أيضا في مواصلة اللعب على وتر محاربة الدولة الموازية.[/box][/one_third]هنا دعونا نتساءل معًا: لماذا يبقى هذا السيناريو (تغيير نمط النظام) مطروحًا بقوة على الساحة السياسية التركية؟ الإجابة تكون حسب اعتقادي: بسبب الخوف من المستقبل المجهول. هذا يجرُّني إلى طرح سؤال آخر: كيف ذلك؟ الجواب يكون: في حالة فوز أردوغان برئاسة الجمهورية في تركيا مع الإبقاء على النظام البرلماني حيث تكون سلطته محدودة إن لم تكُن رمزية، يصبح الوضع خطرًا عليه، ولو كان رئيس الوزراء الجديد من جنده، لأن رئيس الوزراء الجديد لتركيا ربما لن يدافع عن أردوغان في ما اقترفه من ذنوب على حساب مستقبله السياسي والشخصي، لأنه سيصبح المسؤول الأول عن الجهاز التنفيذي في تركيا، ومن ثَمَّ لن يضع نفسه في مأزق المساءلة آنيًّا أو لاحقًا.
إذن فهذا الخوف من المستقبل المجهول هو ما سيدفع أردوغان إلى تغيير نمط الحكم في تركيا، حتى يضمن خمس سنوات في السُّلْطة، يعمل من خلالها على اقتلاع ملفَّات الفساد من جذورها ويطمس كل الأدلة المتعلقة بها، كما أنه سيجتهد أيضا في مواصلة اللعب على وتر محاربة الدولة الموازية، حتى يصوِّر للرأي العام التركي أن الهدف الأساسي من تغييره نمط الحكم في تركيا هو الوفاء بالعهد بالقضاء على هذه الدولة، ولن يتمكن من ذلك إلا إذا استمر في الحكم بنفس السُّلْطة التي كان يملكها في عشر السنوات التي قضاها في حكم تركيا.
ـــــــــــــــ
بقلم سفيان أبو أمير