يرى “د. محمود آقبينار”، الخبير في العلوم السياسية وشؤون الإرهاب، أن حزب العمال الكردستاني وصل إلى مستوىً من القوة بحيث لم تكن لتتخيلها في الماضي، وصارت كالتنين، وهو ما ظهر جليًا من خلال حوادثِ قطعِ الطرق وأعمال الشغب وإنزال العَلم التركي التي شهدتها تركيا مؤخرًا.
ولقد قدّم آقبينار مقترحَين للحكومة لحل هذه الأزمة، وقال “إما أن ترضخ لطلبات المنظمة الإرهابية عن طريق مراوغة الرأي العام، وإما أن تطلق أشرس عملية كفاح وأكثر انتشارًا ودموية في التاريخ ضد هذه المنظمة. ولقد فهمنا في هذه المرحلة أن إيجاد حلٍّ لهذه المعضلة لن يكون سهلًا دون السيطرة على منابع القوة التي يتمتع بها حزب العمال الكردستاني”.
وقال آقبينار، عضو هيئة التدريس في جامعة “تورجوت أوزال” في أنقرة، إن المنظمة ازدادت قوتها خلال فترة مفاوضات السلام التي تجري بين السلطات المعنية في الحكومة التركية وزعماء المنظمة منذ ما عام ونصف عام.
وأضاف الأكاديمي التركي بقوله “إن قوة حزب العمال الكردستاني ازدادت في الداخل وفي الريف والمدن، ووصلت إلى أعلى عدد من مقاتليها المسلحين في الريف في تاريخها. كما نجحت في تدعيم تحصيناتها، ورفعت من قدرتها التسليحية والتكنولوجية. وأكملت تنظيماتها في المدن. وإن الحركة الوطنية للشباب الثوري (HDGH)، العاملة تحت لواء مجموعة قوات الدفاع الشعبي الكردستاني المسلحة (HPG)، والتي تتولى تنظيم أعمال الشغب في الشوارع، جنّدت المنظمة بشكل واسع الانتشار في المنطقة. وتم توزيع الأسلحة على العديد من الميليشيات. وأُسست وحدات للدفاع الذاتي، وأصبحت قادرة على السيطرة على المدن. وزادت من ضغوطها وسيطرتها على المدنيين. وتم تهديد كافة الكيانات التي بمقدورها مقاومة المنظمة، بما في ذلك العشائر الحارسة، فإنها إما اضطرّت إلى الخضوع للمنظمة الإرهابية أو تم إجبارها على عقد اتفاق ومصالحة معها”.
ولفت آقبينار إلى أن حزب العمال الكردستاني تعيش أقوى فتراته منذ تأسيسه قبل 30 عامًا، وتابع كلامه بقوله: “لم تستطع المنظمة قبل ذلك الوصولَ إلى شريحة كبيرة إلى هذا الحد، حيث تمتلك اليوم قاعدة اجتماعية عريضة، ولم تتمكن فيما سبق من السيطرة على هذا القدر من الجماهير، ولم تصل قدرتها التسليحية وعدد عناصرها إلى هذا المستوى قبل ذلك، ولم تكن الأوراق السياسية في يدها وتحت تصرفها ومواتية إلى هذه الدرجة فيما مضى، ولم تكن قد وصلت في أي مرحلة من مراحل تاريخها إلى هذا القدر من الانتشار الإقليميي، ولم تكن في يوم من الأيام لاعبًا مهمًا إلى هذه المستوى في منطقة الشرق الأوسط. فالمنظمة تعتبر اليوم كيانًا يجب الانتباه لوجوده في أربع بلدان متجاورة. وإلى جانب كياناتها غير الشرعية، فقد نشرت ودعمت أنشطتها القانونية كذلك. فحزبا السلام والديمقراطية والشعوب الديمقراطية يعتبران من أهم الأحزاب في الاستحقاقات الانتخابية القادمة في تركيا (الانتخابات الرئاسية والبرلمانية)، ومن يريد الوصول إلى السلطة فسيكون في حاجة إلى أصوات أنصار الحزبين في كلتا المرحلتين من المراحل الانتخابية”.
واستطرد آقبينار قائلًا “في حالة فشل مفاوضات السلام الجارية ستضطر الدولة للدخول في صراع مع منظمةٍ زادت من قوتها، ونجحت في استغلال قاعدتها المجتمعية بشكل جيد للغاية، واستطاعت توفير أسلحة ثقيلة ومتطورة لمقاتليها”. وتابع “بالرغم من ذلك، فإن تركيا تستطيع التغلّب على خطر حزب العمال الكردستاني، لكننا لا نعرف على وجه التحديد إلى أي مدى سيتحمل الرأي العام وسكان المنطقة وتيرة جديدة من الصراع والاشتباكات”.