إسطنبول (زمان عربي) – كشفت النتائج المخيبة لآمال حزب العدالة والتنمية الحاكم التي أسفرت عنها الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 7 يونيو/ حزيران الجاري في تركيا عن أبعاد جديدة للخلافات القائمة بين مؤسسي الحزب الذي يعد الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات الرئيس التركي السابق عبدالله جول والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان.
فقد شهدت الفترة الأخيرة، يوما بعد يوم، إزاحة الستار عن ملامح الخلاف بين أردوغان وجول، الذي بدأ يخرج عن صمته مؤخرا، بعد أن كان يلتزم الصمت منذ مغادرته منصب رئاسة الجمهورية في أغسطس/ آب الماضي.
وكشف كتاب أحمد سيفر، الذي شغل منصب كبير مستشاري رئيس الجمهورية السابق عبدالله جول، عن وضع “حقوق الأخوة” بين أردوغان وجول على الرف مرة أخرى بسبب الخلافات الأخيرة بينهما.
وفسر الخبراء والمطلعون على كواليس المشهد السياسي في أنقرة، قراءة عبدالله جول للكتاب وموافقته عليه قبل البدء في مرحلة النشر، بأنها تكشف عن نية جول لاستخدام ما لديه من أوراق ضد أردوغان، واعتزامه اللعب على المكشوف خلال الفترة المقبلة.
ولا تعتبر أغلب المعلومات الواردة في الكتاب، حول وجود خلافات بين جول وأردوغان جديدة بالنسبة للصحفيين الذين حرصوا على نقلها في صفحات الصحف تعقيبا على الواقع التي شهدته البلاد منذ الانتخابات الرئاسية في 2007، وحتى تحقيقات الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول 2013، مرورا بأحداث متنزه جيزي باك، والسياسة الخارجية التركية، إلا أنها تعد خطوة مهمة للتأكيد على صحة ومصداقية الأخبار التي تناقلتها الصحف في تلك الفترات.
على الجبهة المؤيدة لجول، يظهر عنوانان رئيسيان يلخصان سبب انزعاج جول من خليفته أردوغان؛ الأول: هو تصرفات أردوغان المتعلقة بإدارة البلاد. والثاني: هو قطع الطريق أمام عودة جول مرة أخرى للمشهد السياسي بطريقة “غير لائقة”.
وأوضح جول في لقاءاته مع عدد من الشخصيات العامة، أنه لم يعد يفهم سياسات حزب العدالة والتنمية الذي أسسه بنفسه، أو حتى تصرفات أردوغان وبعض أصدقائه من أعضاء الحزب.إذ يريد رفاق درب عبد الله جول منه أن يعود إلى زعامة الحزب.
وكما أعرب جول عن انزعاجه من تعثر مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وكذلك رؤيته أن الخطاب الحماسي لأردوغان وداوداوغلو في السياسة الخارجية التركية ونهجهم”الاتحادي” يجر البلاد إلى كارثة. ويظهر ذلك جليا من خلال السؤال الذي وجهه جول لداوداوغلو: “هل أصبحت وزيرا لخارجية سوريا؟”.
كما اتخذ جول موقفا مختلفا عن القيادات السياسية في تركيا إزاء العدوان الإسرائيلي على سفينة المساعدات التركية “مافي مرمرة”، وأعرب عن تخوفه من جر البلاد إلى حرب مع الجانب الإسرائيلي بسبب هذه القضية.
أما عن أحداث متنزه جيزي بارك، فقد علَّق عليها جول في ذلك الوقت قائلا إنها “حراك ديمقراطي”، ساخرا من ادعاءات “أيادٍ خارجية” أو “لوبي الفوائد” أو “محاولة انقلاب”.
وكان موقف جول بارزا تجاه فضائح الفساد والرشوة التي تم الكشف عنها في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأو 2013، وأصر على عدم استخدام مصطلح “محاولة انقلاب” الذي لجأ إليه أردوغان، كما طالب بإرسال ملف وزراء الفساد الأربعة للمحكمة العليا.
فضلا عن الجانب الشخصي في الخلاف القائم بين مؤسسي حزب العدالة والتنمية (جول وأردوغان) والذي تبلور في تعمد أردوغان إصدار قانون جديد يحظر مشاركة جول في الانتخابات الرئاسية لدورة جديدة، وكذلك عقد المؤتمر العام للحزب بشكل عاجل قبل انتهاء فترة رئاسته بيوم واحد فقط.
ويشار إلى أن موقف السيدة الأولى السابقة “خير النساء جول”، تجاه أردوغان كان واضحا وصريحا، حتى أنها قالت: “لماذا يعبثون معنا؟ لماذا لا يتركوننا وشأننا؟”.