إسطنبول (الزمان التركية) – مَنْ قام بمحاولة الانقلاب في تركيا؟ ولصالح مَنْ؟ ولماذا؟.. هذه بعض الأسئلة التي وجهتها وسائل الإعلام العالمية إلى الأستاذ فتح الله كولن في السابع عشر من شهر يوليو/ تموز الجاري عقب محاولة الانقلاب الفاشلة، التي سارع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وكبار المسؤولين في الحكومة التركية إلى اتهامه بالوقوف وراءها.
ونواصل هنا نشر الحوارات واللقاءات التي أجريت مع كولن والتصريحات التي أدلى بها حول هذه المحاولة الفاشلة واتهامه بالضلوع فيها:
السؤال الثالث: وجهته مراسلة من أذربيجان:
أدلى رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان بتصريح أشار فيه إلى أن الإدارة التركية بصدد إرسال طلب إلى أمريكا لإعادتكم إلى تركيا، وذكر المسؤولون في الإدارة الأمريكية أنهم لم يتلقوا طلبًا رسميًّا بهذا الشأن، غير أن حكومة أنقرة أكدت على أنها تُعِدّ لإرسال هذا الطلب خلال الأسبوع القادم، فهل ستوافق الحكومة الأمريكية حقًّا على إعادتكم إلى تركيا؟ وإن لم تفعل فماذا يمكن أن يكون مبرّرها في ذلك؟
الجواب:
أوّلًا: لمّا أُجريت التحقيقات حول أحداث الفساد والرشاوى في الفترة من السابع عشر إلى الخامس والعشرين من ديسمبر (2013م) روّجت الحكومة التركية لفكرة “الكيان الموازي”، واتهمتنا بأننا نحن من يشكل هذا الكيان الموازي للدولة، وبعثتْ بمثل هذا الطلب المذكور إلى أمريكا؛ إلى السيد أوباما، وإلى وزير خارجيته آنذاك، كما عقدت اتصالات مكثفة بهذا الشأن مع السيدة “هيلاري كلينتون”، وعرضت بعض المقترحات الأخرى وهي أمور شائعة يعرفها الجميع.. كما حاولت أن تؤثر على بعض المسؤولين في أمريكا وتستخدمهم في تحقيق آمالها، ولكنها لم تتلقّ أي ردّ إيجابي حتى الآن من أيّ واحد من هؤلاء، وباءت محاولاتها كلها بالفشل.
فلو تأكد لدى القانون الدولي أننا ارتكبنا أية جريمة يعاقب عليها، أو ثبت بالفعل تورُّطي أو المتعاطفين معي في هذه المحاولة الانقلابية، وظهرت أدلة ملموسة تؤكد هذا الأمر واعترفت القوانين الأمريكية بذلك فإنني سأرتضي بالنتيجة مهما كانت.
وأريد أن أنبّه هنا على شيء مهمّ وهو أنني قد أتعاطف مع بعض الأشخاص في أذربيجان مثلًا، ولكن هذا لا يعني أنني أرضى بكل أفكارهم وتصرفاتهم.
ولقد بعثت تركيا مثل هذا الطلب من قبل بعد وقوع انقلاب الثامن والعشرين من فبراير (1997م)، ورفع المدعي العام التركي “نوح متى” مذكرة ادعاء مكونة من (300) صفحة إلى أمريكا، عندها أدليت بأقوالي أمام المدعي العام الأمريكي في نيو جيرسي(NJ)، وبعدها أرسلت الأقوال التي أدليت بها إلى تركيا، فبرأتني المحاكم في تركيا، وصدّق القضاء التركي على قرار البراءة، والآن يروجون لمثل هذه الادعاءات السابقة من جديد، ويقيمونها من وجهة نظرهم، ولكنني لا أتصوّر أن أمريكا ستقع في مثل هذا الزلل، وما شاهدته أمام المدعي العام في “نيو جيرسي” وبعض المناطق الأخرى في أمريكا يؤكد على مصداقية ونزاهة القضاء في أمريكا؛ يمكنكم أن تطلقوا ادعاءات مختلفة بحقّ شخصٍ ما، ولكن النظام القضائي والنظام الطبي هنا في أمريكا يعملان وفقًا للقيم الإنسانية، ولقد تعاملت بنفسي مع كلا النظامين، من أجل ذلك لا أتصوّر أن قوة عملاقة مثل أمريكا ستقع في مثل هذا الخطإ الذي قد يؤدي إلى ضياع سمعتها على مستوى العالم، ولا أعتقد أنها ستُقدم على القيام بمثل هذا الأمر.
وكما ذكرت آنفًا إن قامت لجنة دولية بالتحقيق في هذا الأمر، وكانت نتيجة تحقيقاتها إثبات أنني ضالع في هذه المحاولة الانقلابية، وسكتت أمريكا إزاء هذا فلن أنتظر إعادتهم لي إلى تركيا.. بل سأبادر بنفسي وسأركب الطائرة متوجهًا إلى هنالك.
صباحًا قرأت شعرًا للشاعر التركي “باقي” يقول فيه:
لن أنكّس رأسي من أجل دنيا دنيّة، ولن أنحنى للمنحطين
فالله حسبي وعليه توكلي إلى يوم الدين
طلب مني البعض من قبل التقدّمَ باعتذار إلى هؤلاء، والحال أن المجرمين هم الذين يقدّمون الاعتذار؛ أي اللصوص، السارقين، الذين خرجوا من العشوائيات ونصّبوا أنفسهم سادة على الناس، إنني لا أملك من متاع الدنيا شيئًا، ولا أملك سوى هذه السترة التي تستر بدني، كنت أتعيّش على الدخل الذي يأتيني من تأليف الكتب، لكنهم عينوا أوصياء على المؤسسات التي تبيع هذه الكتب، فصادروها، ولذا أقول كما قال الشاعر التركي “نفعي” أحد شعراء الدولة العثمانية:
ما وجدنا الراحة في الدنيا، وما عقدنا الآمال من أهلها على أحد
فليس لي إلا باب الله، هو الملاذ والملجأ وهو حصني وسندي
أجل، لو أظهرت هذه اللجنة تورطي في هذا الأمر فأنا على استعداد أن أركب طائرة على نفقتي الشخصية وأتوجه إلى تركيا، فإن أصدروا قرارًا بإعدامي فسأتقدم إلى حبل المشنقة عن طيب نفس وخاطر، لكنهم لو أعدموني كل يوم خمسين مرة ثم أحيوني فلن أعتذر إلى ظالم مطلقًا، لأنني سأمثل غدًا أمام الله، وسيسألني: لِم اعتذرتَ للظالمين؟، إنني أومن بهذا بكل كياني.
ثانيًا: إنني لو فعلت ذلك أكون قد انتهكت حقّ أصدقائي الذين نذروا أنفسهم لخدمة الإنسانية في كل أنحاء العالم، يريدون تأسيس عالم من المحبة والسلام، فأنشؤوا المدارس في أكثر من (170) دولة على مستوى العالم، حتى أحبّهم الناس في كل هذه الدول، وخطوا خطوات حثيثة في سبيل تحقيق السلام في العالم.
إن الإدارة التركية تحاول منذ ثلاث أو خمس سنوات إغلاق هذه المؤسسات التعليمية، أغدقوا الأموال الطائلة في سبيل ذلك يريدون شراء الناس بأموالهم، كما أنشؤوا مراكز “يونس أمره”، فلم يستطيعوا تشغيلها كما ينبغي، فضلًا عن ذلك لم يأتوا بالبدائل رغم أنهم أغدقوا الأموال ووعدوا بإقامة مدارس بديلة، وطالبوا بإغلاق مدارس الخدمة، ولما قيل لهم: “أنشؤوا مدارسكم أوّلًا، وبعدها سنغلق ما عندنا”، لم ينبسوا ببنت شفة، ربما عاشت أذربيجان هذا الأمر، فهل افتتحوا مدرسة أو جامعة هناك، وهل ساهموا في تطوير العلم والمعرفة، يمكنكم أن تشهدوا هذا في كل مكان.
إنهم يريدون القضاء على هذه الحركة المباركة في كل مكان عن طريق الخداع والتضليل، لماذا؟! لأنهم لم يستطيعوا أن يفعلوا ما فعلته الخدمة، وقد يسوق الحسدُ والغيرةُ أحيانًا الإنسانَ إلى القيام بأمور تفوق الكفر وخيانة الوطن، وما الثروة والأبهة والعظمة والسلطة والثراء إلا عوامل تسمِّم عقولَ الناس وتجعلهم يتصرّفون كالمجانين؛ ومن ثمّ فإنني أرى من الوقاحة أن أحني رأسي أمام هؤلاء المجانين الظالمين الذين لا يرحمون الناس، ولو أحنيتُ رأسي لكان هذا أيضًا استخفافًا برجال الخدمة الذين ربطوا قلوبهم بها، إنني أثق في عدالة السماء، ولذا فإن الخضوع والخنوع لمثل هؤلاء يُعدّ حماقة ووقاحة أمام الخالق سبحانه وتعالى.
اقرأ أيضاً:
كولن يرد على الاتهامات: أرحب بالتحقيق الدولي (1)
كولن يرد على الاتهامات: من دبروا الانقلاب هم المستفيدون منه (2)