إسطنبول- تركيا (زمان عربي) – على الرغم من أن حكومة حزب العدالة والتنمية استهلت مشوارها في الحكم قبل أكثر من 12 عاما بشعاراتِ وأهدافِ رفْع تركيا لتصبح ضمن أكبر عشر قوى اقتصادية في العالم والحصول على العضوية الكاملة في الاتحاد الأوروبي والقضاء على الفجوة بين الأغنياء والفقراء وعقد صداقات مع كل الدول المجاورة إلا أنها باتت اليوم تفعل عكس هذه الأهداف تماماً.
فالاقتصاد التركي بدأ يتدهور بسرعة كبيرة وصارت تركيا وحيدة معزولة بحيث كاد لا يبقى في المنطقة والعالم أية دولة صديقة لها. كما زاد بإيقاع سريع عدد الفئات التي أصبحت غنية بفضل حزب العدالة والتنمية. بينما أن الفقراء ما زادوا شيئاً سوى ازدياد فقرهم.
حسنًا، ماذا حدث حتى بدأت تركيا تشهد هذا التراجع في كل المجالات؟ ولماذ بدأت تُذكر بأخبار الفساد والرشوة وقمع الإعلام وانعدام القانون بعد أن كانت تبدو نجمًا متلألئاً ونموذجًا لدول الشرق الأوسط حتى الأمس القريب؟
هناك سبب واحد لكل ما حدث: هو محاولة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إنقاذ نفسه وأفراد عائلته بعد ضبطهم وهم متلبسون بجريمة الفساد. وبينما يحاول أن ينقذ نفسه من هذه الورطة يلجأ إلى توظيف “آلية الكذب والافتراء” الأكثر استخداماً في منطقة الشرق الأوسط.
إن الكذب هو إحدى أدوات الإدارة والحكم. فهو أداة تُستخدم كثيراً عند الرغبة في التخلّص من المساءلة والرقابة. فاللجوء إلى الأكاذيب ونشرها في المجتمع يزداد بالتناسب مع كونها شرطاً أساسياً لا غنى عنه لمواصلة الحكم. ولذلك فإن لجوء السلطات السياسية إلى الأكاذيب هو النتيجة الطبيعية لسياساتها المعادية للديمقراطية والقانون.
واللافت أنه كما لعبت الأكاذيب والافتراءات دوراً حاسماً في منع احتجاجات حديقة “جيزي” في مرحلتها الأولى الموسومة بالسلمية بميدان تقسيم في إسطنبول 2013 كذلك كانت هي العنصر الأساسي لإفشال تحقيقات أعمال الفساد التي بدأت في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي.
ويرسم كتاب “كتلة أكاذيب” لمؤلفه ديفيد إجناتيوس أحد أشهر الصحفيين في جريدة “واشنطن بوست“، والذي تحول لاحقا إلى فيلم سينمائي مشهور، كيف تتحوّل الأكاذيب إلى أداة من أدوات الإدارة والحكم للمخابرات في أنظمة الشرق الأوسط التي يحكمها رجل واحد.
ومع أن هذا الكتاب يسلط الأضواء على الأكاذيب الغربية إلا أن مفهوم “كتلة أكاذيب” أعاد إلى أذهاننا كيفية استخدام الكذب كشكل من أشكال إدارات الأنظمة القمعية. ذلك أن لنا كذلك تاريخاً سياسياً مبنياً على كتلة أكاذيب. وإذا ألقينا نظرة سريعة على تاريخنا السياسي نرى أن ترويج الأكاذيب الرسمية المصنعة في مراكز الدولة يشهد زخماً كبيراً بالتناسب مع حدوث الانقلابات العسكرية وفترات الحزب الواحد.
وبمجرّد الاطلاع على الأكاذيب التي تنشرها السلطة السياسية الحاكمة في تركيا منذ عام 2013، يمكن لنا تحديد ورسم صورة توجهها أو رؤيتها التي تعتمدها في إدارة البلاد استناداً إلى تلك الأكاذيب.
- كذبة “رجال الأمن الموازي وضعوا الأموال”
تسعى حكومة حزب العدالة والتنمية للتعيتم على موضوع الأموال وماكينات عدّ الأموال التي تمت مصادرتها بعد العثور عليها في منازل بعض أبناء الوزراء والموظفين الكبار في إطار عمليات الكشف عن الفساد والرشوة في 17 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي حيث تقول إن رجال الأمن المنتمين إلى “الكيان الموازي” المشرفين على تحقيقات الفساد هم من وضعوا الأموال.
ولكن قبل بضعة أيام، أصدر المدعون العامون الذين عيّنهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قراراً بإعادة هذه الأموال إلى أبناء الوزراء والبيروقراطيين، وفوق ذلك تم احتساب فوائدها أيضاً وتسليمها إليهم بالفوائد بالرغم من أنها سُجِّلت على أنها “أموال رشوة”.
[button color=”blue” size=”big” link=”http://www.zamanarabic.com/%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84-%D8%A3%D9%83%D8%A8%D8%B1-%D9%81%D8%B6%D9%8A%D8%AD%D8%A9-%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7/” target=”blank” ]تفاصيل أكبر فضيحة فساد في تاريخ تركيا[/button]
- كذبة “أنه سُجن 17 عاماً وعيناه لا تريان”
يعرف الجميع سيناريو مجموعة أو تنظيم “التحشية” التركي المرتبط بتنظيم القاعدة والذي كان أحد مبررات عملية الاعتقالات التي شنّتها سلطات الأمن على الإعلام الحر في 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري. وحسب الادعاءات قامت قوات الأمن بتنظيم عملية ضد هذا التنظيم بعد تحذير الأستاذ فتح الله كولن من مخاطره في أحد دروسه. كما قدّمت الأخبار التي أوردتها كل من صحيفة “زمان” وقناة “سامان يولو” التركيتين على أنها دليل تعليمات شنّ هذه العملية. واتّهم المتهمون في إطار قضية الانقلاب الحكومي على الصحافة الحرة بتحديد حرية عناصر هذا التظيم بعد اعتقالهم وزجّهم في السجن.
إلا أنه تبيّن لاحقًا أن جهاز المخابرات الوطني راقب تنظيم “التحشية” الذي يزعم أنه على علاقة بتنظيم القاعدة منذ عام 2004 لدرجة أن الجهاز أعد تقريراً مفصلاً عن التنظيم وأرسله لوحدات الأمن المعنية. إلا أنه لم يتبق بعد كل ذلك في الأذهان سوى كلمة أردوغان عن محمد دوغان زعيم التنظيم المذكور: “لقد سُجن 17 عاماً وعيناه لا تريان …”.
بيد أن الحقيقة هي أن دوغان زعيم التحشية لم يُسجن 17 عاماً، بل 17 شهرًا. وقد قال دوغان في برنامج مع قناة “CNN Türk” “أحب أسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة لأنه مسلم”. فضلا عن أنه كان يقرأ النصوص الموجودة أمامه بسهولة تامة أي أنه لم يكن كفيفا أصلا.
- كذبة “سيارة الشؤون الدينية بمليون ليرة”
وظهر أنه في الأيام التي كان يتم فيها النقاش حول سيارة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان وطائرته الخاصة وتكلفة القصر الجديد غير المرخص المسمى بـ”القصر الأبيض” تم شراء سيارة لرئيس الشؤون الدينية محمد جورماز بقيمة مليون ليرة تركية. إلا أن
رئاسة الشؤون الدينية نفت هذا الخبر وزعمت في البيان الصادر عنها أن تكلفة السيارة 322 ألف ليرة. لكن الرأي العام استطاع أن يعرف السعر الأصلي للسيارة موديل “S500 Long” عن طريق الموقع الرسمي لشركة مرسيدس وهو 877 ألفا و600 ليرة شاملة الضرائب.
- كذبة “لقد سحلوا أختي المحجبة على الأرض”
في أحداث حديقة جيزي ورد ادعاء عن سحل المتظاهرين “عديمي الإنسانية” إحدى المحجبات مع طفلها الذي لا يتجاوز عمره 6 أشهر. حتى إن بعض الصحفيين والسياسيين وعلى رأسهم رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان قالوا إنهم شاهدوا ذلك المشهد المؤلم من تسجيل فيديو، لكنهم لم ينشروا ذلك التسجيل مع أنهم وعدوا بنشره. وقامت قوات الأمن في فبراير/ شباط بتكذيب هذا الادعاء استناداً إلى مقاطع الفيديو التي نشرتها بعض وسائل الإعلام الحرة. حيث تبين عدم وجود أي اعتداء أو تهجم في المشاهد المصورة.
وأن هذا الافتراء كان يهدف إلى كسب التعاطف الجماهيري وتشكيل الوعي لدى الرأي العام ورصّ صفوف المحافظين حول الحزب الحاكم ذي الجذور “الإسلامية”. واشتهرت بـ”كذبة كاباتاش” وسجلها التاريخ بهذا الاسم.
- كذبة “الشاحنات لم تكن تحمل السلاح إلى داعش”
ومن أكبر الأكاذيب في عام 2014 أن الشاحنات التي أوقفتها قوات الأمن في أضنة، جنوب تركيا، في الأيام الأولى من هذا العام كانت تنقل المساعدات إلى التركمان وراء الحدود. لكن تصريح نائب رئيس المجلس التركماني بأنه لا تصل إليهم أية شاحنة محملة بالمساعدات كشف الستار عن هذه الكذبة الكبرى. ثم تبين من خلال مقاطع الفيديو التي تم نشرها فيما بعد أن الشاحنات كانت تنقل السلاح إلى داعش في سوريا.
- تسجيل حفيد الحاخام في مدارس الأئمة والخطباء يكشف كذبهم
وعدت وزارة التربية والتعليم بأن الطلاب سيسجلون في أقرب المدارس إلى بيوتهم، ولن يسجلوا في المدارس التي لا يرغبون فيها. لكنها سجلت 90 ألف طالب من أصل 134 ألف طالب لم يختاروا مدرسة بعينها اعتمادا على وعد الوزارة في مدارس بطريقة عشوائية دون الاكتراث ببعد المسافات بينها وبين عناوين الطلاب، وذلك لسد الشواغر في بعض المدارس.
ثم أرغمت الوزراة 40 ألفا من الطلاب المتبقين على الذهاب مضطرين إلى مدارس الأئمة والخطباء (التي تدرس فيها المواد الإسلامية بكثافة) دون النظر إلى رغبة الطالب أو حتى ديانته. وكان هناك كثير من الطلاب غير المسلمين بين الذين تم تسجيلهم قسرا في مدارس الأئمة والخطباء. وكان منهم حفيد كبير الحاخامات في تركيا “إسحق هاليفا” الذي تم تسجيله في مدرسة الأئمة والخطباء بمنطقة شيلا من أبعد المناطق عن مركز مدينة إسطنبول. واستمرت عملية التسجيل حتى بعد افتتاح المدارس بأسابيع. فتأخر كثير من الطلاب قرابة شهر كامل عن دراستهم وحرموا منها بسبب انشغالهم بإتمام إجراءات التسجيل.
- كذبة “الدعاء بالشر” في مدرسة غير موجودة أصلا
ذكرت صحيفة أكشام الموالية للحكومة أن طلاب المدارس التركية في السعودية أُجبروا في منتصف الليل على الدعاء على أردوغان ورفاقه. لكن سرعان ماتبين أن هذا الخبر كذبة أخرى لأن حركة الخدمة ليس لها أية مدرسة في السعودية.
- كذبة “فيلات أردوغان شيّدت قبل 35 عاماً”
كان موضوع فيلات أردوغان المشيّدة في منطقة “أورلا” بمدينة إزمير، غرب تركيا، التي يزعم أنه تم إهداء بعضها لرئيس الوزراء آنذاك – الرئيس الحالي – رجب طيب أردوغان، من أكثر الموضوعات التي شغلت الرأي العام التركي في عام 2014 وذلك بعد عملية الكشف عن أعمال الفساد في 17 و25 ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي.
وكان أردوغان أعلن أن تلك الفيلات تم تشييدها في المنطقة المذكورة منذ 35 عاما. إلا أنه وفقا لمقاطع موقع “جوجل إيرث – Google Earth” تبين أن بعض الفيلات تم تشييدها بعد عام 2012.
وظهر أنه تم تشييد فيلتين إضافة إلى الفيلات التي صدر قرار بهدمها بدعوى تشييدها على محمية طبيعية. وإذا ما أحضرنا الصورتين الملتقطين في 2010 و2014 إلى جوار بعضهما البعض يمكن أن نرى أربع فيلات جديدة في المنطقة الموجودة على الخليج التي تظهر فيها الأشجار. وحسب التسجيلات الصوتية المتداولة في مواقع الإنترنت، كانت سمية أردوغان نجلة أردوغان تُشرف بنفسها على بناء الفيلات حسب المواصفات المطلوبة.
- كذبة “تنصتوا على 7 آلاف شخص”
استخدمت الحكومة موضوع “التنصتات على الهواتف” بصورة مكثفة خلال حملات التشوية الممنهجة الرامية للقضاء على حركة الخدمة عقب الكشف عن أعمال الفساد والرشوة في 17 و25 ديسمبر الماضي. ونشرت كل من صحف “ستار” و”يني شفق” و”صباح” التي تسيطر عليها الحكومة أسماء شخصيات بارزة في المجتمع مصحوبة بادعاء أنهم تم التنصت عليهم، ولكن لم يكن هناك توافق بين الصحف في عدد الذين تم التنصت عليهم. فمنها ما كتبت “تنصتوا على مليوني شخص”، ومنها ما كتبت “تنصتوا على 509 آلاف شخص”.
وهناك صحيفة أخرى زعمت أنه تم التنصت على 7 آلاف شخص وحذفت بعض الأسماء من القائمة. إلا أن الصحف نفسها اضطرت فيما بعد أن تكتب في النهاية أن عدد الذين تم التنصت عليهم 234 شخصا فقط. مع أن هذه التنصتات كانت بإذن وتصريح من القاضي ولم يكن غير قانوني كما كانوا يدعون كذباً وإفتراء على ناس أبرياء.
- كذبة “تم شرب الخمر في المسجد”
زعمت بعض الصحف أن المتظاهرين الذين لجأوا إلى جامع “بزمي عالم والدة سُلطان” بجوار قصر “دولمه بهشه” أثناء مظاهرات حديقة “جيزي” في ميدان تقسيم في إسطنبول عام 2013 قد شربوا الخمر داخل الجامع.
ومن الواضح أن الإرادة السياسيّة كانت تريد أن تستغل العواطف الدينية لدى المجتمع وتضرب على هذا الوتر الديني الحساس حتى تحرض الناس على المتظاهرين وتكسب دعمهم في نفس الوقت. وقد نجحت في ذلك ولو بالقليل بيد أنه لا يمكن لأي كذبة أن تخفى ولا تظهر حقيقتها إلى الأبد.
وقال مؤذن الجامع المذكور فؤاد يلدريم إنه لم يشرب أحد الخمر داخل الجامع بالرغم من كل الضغوط التي تعرّض لها. وطبعًا هذا الأمر لم يرق للمسؤولين في الحكومة. إذ إنهم نقلوه إلى منطقة “كاياباشي” وذهب المؤذن مع زوجته المريضة إلى تلك المنطقة التي تعتبر أبعد منطقة في إسطنبول. وحتى هذه الواقعة التي حدثت في 2013 ترددت أصداؤها – أيضًا – في عام 2014.
- كذبة “حركة الخدمة تتعاون مع العمال الكردستاني”
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبعده رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أن حركة الخدمة التي تستلهم فكر الأستاذ فتح الله كولن لديها تعاون مع منظمة حزب العمال الكردستاني الإرهابية. وكثيرًا ما تحدَّث داود أوغلو عن هذا الموضوع في تصريحاته إذ كان يقول: “لدينا وثائق تثبت صحة ما نقول”. وتبين لاحقًا أن الوثيقة التي يتحدث عنها داود أوغلو هي حوار صحفي أجرته صحيفة “بوجون” التركية مع صلاح الدين دميرطاش النائب في البرلمان التركي والرئيس المشارك لحزب الشعوب الديمقراطية الكردي.
إلا أن جميل باييك أكبر قادة منظمة حزب العمال الكردستاني نفى هذا الادعاء بصورة واضحة. وقال: “أطالبهم بأن يبرزوا تلك الوثيقة ليطلع عليها الرأي العام ويتضح كل شيئ. ولماذا لا يقومون بالإفصاح عنها؟ لأنه أصلا ليست هناك وثيقة كما زعموا، بل يقودون دعاية سوداء. ونحن حاولنا إجراء اتصالات مع حركة الخدمة إلا أنها تجنّبت ذلك”.
فضلاً عن كل ذلك فإن إقدام منظمة حزب العمال الكردستاني على إحراق عشرات من المؤسسات التعليمية التابعة لحركة الخدمة تفنّد ادعاء أعضاء الحكومة وأعضاء حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان فعلياً. ومن المثير أن الحكومة ذاتها هي من زعمت أن حركة الخدمة تعارض مسيرة السلام الداخلي التي أطلقتها مع العمال الكردستاني وتحاول عرقلتها. وكلاهما ادعاءان ينفيان بعضهما البعض في الوقت ذاته.
- كذبة “أكرم دومانلي زار إسرائيل قبيل تحقيقات الفساد”
نجحت صحيفة “تقويم” الموجّهة من قبل أردوغان والحكومة في دخول تاريخ الصحافة بكذبة جديدة يمكن إثبات بطلانها بسهولة جدًا. إذ زعمت أن أكرم دومانلي رئيس تحرير صحيفة “زمان” الأكثر مبيعًا في البلاد، توجه في 14 ديسمبر/ كانون الأول – قبل ثلاثة أيام من بدء أحداث الفساد في 17 ديسمبر/ كانون الأول – إلى إسرائيل عندما كان في بروكسيل. إلا أن دومانلي أعلن – حيال هذه الكذبة التي من السهل تفنيدها – أنه لم يذهب في حياته قط إلى إسرائيل، وآخر مرة ذهب فيها لبروكسيل كانت مع داود أوغلو لمعرض الصور الذي نظمته صحيفة زمان هناك.
وإنهم ساقوا هذا الادعاء ليتسنى لهم الزعم بأن هناك أيادي خارجية ويهودية تقف وراء تحقيقات الفساد، الذريعة التي تعمل بشكل فعال جداً في تركيا ودول الشرق الأوسط على وجه الخصوص في إخفاء الحقائق أو تبديلها والتستر على الجرائم.
ولكن دومانلي انتقد هذا الموقف بلهجة شديدة في مقاله بقوله “إن فسد ضميرك لدرجة أنك تسوق في يوم واحد افتراءات هائلة جداً بحيث لا يمكن أن يستوعبها عمر كامل فإذن يجب عليك الخروج أمام الرأي العام بشجاعة وسرد الأدلة التي تثبت مدعى جريدتك تقويم المستخدمة من طرف الحكومة كسلاح يطلق النيران على معارضيها. وها أنا ذا أصرّح حتى بأسماءكم وأخاطبكم علناً: يا براءت (صهر أردوغان والمدير العام لصحيفة تقويم)، ويا سرهات! إن اثبتم صحة ما تزعمون سأغادر وطني”. إلا أنه لم ينطق أحد منهما حتى اللحظة ببنت شفة.
[button color=”blue” size=”big” link=”http://www.zamanarabic.com/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D9%82%D8%B5%D8%A9-%D9%81%D8%B6%D9%8A%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B3%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%B7-%D9%81%D9%8A%D9%87%D8%A7-%D8%A3%D8%B1/” target=”blank” ]تركيا: قصة فضيحة الفساد المتورط فيها أردوغان ورجاله[/button]
- أحلام تركيا أيضا تتحول إلى أكاذيب في 2014
في الوقت الذي مرّ فيه عام 2014 على تركيا بالأكاذيب والافتراءات المختلقَة للتستّر على فضيحة الفساد والرشوة التي تم الكشف عنها نهاية العام الماضي تحول العديد من الأحلام التي تعلق بها الشعب التركي إلى أكاذيب.
الاتحاد الأوروبي: مما لا شك فيه أن أهم الأسباب التي جعلت حزب العدالة والتنمية يحظى بدعم في الغرب خلال سنوات حكمه هو السياسة الخارجية التي اتبعها الحزب والتي تتوافق مع مبادئ الاتحاد والإصلاحات القانونية التي نفذها في إطار مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد.
وفي الوقت الذي بدأ الوهن يدب في جسد الحزب مع انتشار ادعاءات الفساد والرشوة بدأت العلاقة بين أنقرة وبروكسل تضعف بالقدر نفسه. ولقد تسارعت وتيرة الاختلاف بين الجانبين والتي بدأت مع أحداث متنزه جيزي حتى أدان الاتحاد الأوروبي – بشدة – وقائع اعتقال مسؤولي الصحف والقنوات التليفزيونية في تركيا فيما رد الرئيس رجب طيب أردوغان على ردود الأفعال الغاضبة بقوله: “ليس لدينا هم يشغلنا مثل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي”. لكن عاد وأدلى بتصريح متعارض مع ما قاله من قبل؛ إذ قال أردوغان نفسه “يعتبر الانضمام للاتحاد الأوروبي هدفًا إستراتيجيًا بالنسبة لنا”. فأيهما هو أردوغان الحقيقي؟
من الكفاح ضد تنظيم أرجينيكون الانقلابي إلى التعاون معه: أصدرت الحكومة قوانين خاصة مطلع عام 2014 ليتمكن من إطلاق سراح الأشخاص الذين كان الحزب الحاكم يقول في حقهم “نكافح كوادر الدولة العميقة”. وكان من بين المطلَق سراحهم أشخاص قبض عليهم متلبسين بجرائم سياسية، وحشد من أصحاب مخطط “المطرقة” الانقلابي أمثال الجنرال تشيتين دوغان، والباشوات من مؤلفي “يوميات الانقلاب” الشهيرة.
وعندما بدأنا نسمع السيد أردوغان وهو يقول إن قضيتي أرجينيكون و”المطرقة” الانقلابيتين “مؤامرة من صنع الكيان الموازي” (الموهوم)، في توقيت متزامن، أصبحت دعاوى الانقلاب وتنظيم أرجينيكون كذبة بالنسبة للحزب الحاكم. ويرى كثيرون أن عام 2014 أُنقذ فيه أعضاء تنظيم أرجينيكون الإرهابي وأخرجوا من السجن ليكونوا مشاركين في حكم تركيا.
الدستور الجديد ودولة القانون: لم تكتف حكومة حزب العدالة والتنمية بالمحظورات التي أقرها دستور انقلاب عام 1980 بل فرضت المزيد من المحظورات التي تلغي مبدأ دولة القانون تمامًا. وقد أسهمت هذه القوانين الجديدة في تحويل تركيا إلى دولة يحكمها حزب واحد.
علامة رابعة: أعرب أردوغان عن رد فعل غاضب إزاء عزل الرئيس المصري السابق محمد مرسي من منصبه غير أنه لجأ إلى استغلال هذه القضية كدعاية سياسية أمام الجماهير وعمد إلى رفع يده بعلامة رابعة في كل مكان.
غير أن حسابات أردوغان كانت خاطئة؛ إذ دعم الغرب سياسات الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي. وعندما بدأت دولة قطر، التي كانت حليفة تركيا في العالم العربي، بتقديم الدعم والتأييد للإدارة المصرية الجديدة بادر أردوغان إلى تفسير علامة رابعة التي كان يرفعها طوال حملاته الانتخابية بتفسيرات مختلفة؛ إذ زعم أنه استخدم هذه الإشارة كدلالة على شعار “عَلم واحد، ولغة واحدة، ودين واحد، ودولة واحدة”.
- كذبة “أن أردوغان صاح في وجوه قادة الدول في الأمم المتحدة”
بادرت صحيفة “ستار” التركية اليومية الموالية لأردوغان إلى إيهام الرأي العام من خلال صورة فبركتها بأن أردوغان خاطب المئات من زعماء العالم في قاعة الأمم المتحدة وأنّبهم وهو الأمر الذي يعكس صورة مخالفة للواقع. إذ ألقى الرئيس الأمريكي باراك أوباما كلمة في القاعة التي تكتظّ بالحضور وممثلي الدول الأعضاء خلال فاعليات القمة. وما إن أنهى أوباما كلمته حتى فرغت القاعة من الحاضرين. وعلى الرغم من ذلك قامت الصحيفة بفبركة الصورة لتظهر أردوغان وكأنه يخاطب المئات من زعماء العالم وأكملت هذه الكذبة بعنوان رئيس على صدر صفحاتها “أردوغان يصيح في وجوههم بلهجة عنيفة”.
- كذبة متعلقة بجمعية “هل من مغيث” (كيمسا يوكمو)
أخذت الحكومة منذ مطلع عام 2014 تشن حملات الدعاية السوداء الممنهجة على جمعية “كيمسا يوكمو” (هل من مغيث) الخيرية التي تقدم مساعدات لآلاف الناس في جميع أنحاء العالم بما فيها تركيا. حيث صدرت صحيفة “صباح” الموالية للحكومة بخبر في صفحته الأولى تحت عنوان “جمعية هل من مغيث لا وجود لها في مخيمات الصومال” في 10 فبراير/ شباط 2014. وزعمت في الخبر أنه لم يتم توزيع صاع من الطعام إطلاقا في مخيم الجمعية الموجود بالصومال.
وعلى الرغم من التكذيب الرسمي الصادر عن الجمعية التي قدمت دعما لهذه الدولة الفقيرة بأكثر من 58 مليون ليرة لمضمون هذا الخبر تماماً بالأدلة والوثائق المبرهنة ورفعها دعوى قضائية إلا أن صحيفتي “صباح” و”تقويم” لم تتراجعا عن نشر أخبار مشابهة من حين لآخر.
وتبع نشر هذا الخبر صدور قرار عن مجلس الوزراء بإلغاء تراخيص جمعية “كيمسا يوكمو” لجمع المساعدات دون الحصول على إذن. ثم ظلّ مفتشو وزارة الداخلية يراقبون أنشطة الجمعية والتفتّش على أنشطتها على مدى شهرين، قدَّموا بعد ذلك تقريراً قالوا فيه “نرى من المناسب مواصلة الجمعية أنشطتها من أجل الصالح العام”.
وكان بولنت آرينتش المتحدث الرسمي باسم الحكومة ونائب رئيس الوزراء أعلن أن مجلس الوزراء لم يوقّع على أي قرار بشأن سحب تراخيص جمع المساعدات من الجمعية مع أنه ظهر بعد صدور القرار فعلاً أنه من ضمن الوزراء الموقّعين على القرار. ثم أصدر مجلس الدولة مؤخراً قراراً بإيقاف تنفيذ قرار مجلس الوزراء المذكور.
- دفن 301 شخص أحياءً في كارثة منجم “سوما”
عقب كارثة انهيار منجم الفحم في بلدة سوما التابعة لمحافظة مانيسا غرب تركيا، ومصرع 301 عامل داخل المنجم أواسط شهر مايو/ آيار الماضي انتشرت ادعاءات تشير إلى أن المناجم الموجودة في بلدة سوما تجري مراقبتها وفق اللوائح ذات الصلة. وقيل قبل ذلك إن البرلمان التركي لم يناقش أي شيئ يتعلق بهذه المناجم. وسرعان ما بدأت الأكاذيب تظهر شيئًا فشيئًا عقب وقوع الكارثة.
كان النائب البرلماني عن حزب الشعب الجمهوري من محافظة مانيسا أوزجور أوزيل قد تقدم بطلب يتعلق بمناجم بلدة سوما قبل 15 يومًا من وقوع الكارثة وتناول الحوادث التي وقعت في السابق. غير أن البرلمان رفض طلب أوزيل. وكان المفتش المنوط به مراقبة أوضاع المناجم على صلة قرابة بأحد مسؤولي المناجم في البلدة. كما اتضح – عقب الواقعة – أن مفتش الوزارة تربطه علاقة زوجية بالخبيرة التي انتدبتها المحكمة. أضف إلى أن أغلب العمال الذين كانوا يعملون بالمنجم كانوا قد بدأوا العمل به بتوصية من فروع حزب العدالة والتنمية بالمدينة.
وقد انتخبت زوجة المدير العام للمنجم كعضو في مجلس بلدية سوما عن حزب العدالة والتنمية. واتضح بعد ذلك أن صاحب المنجم الذي تهرّب من تكاليف بناء “غرف الحياة” في المنجم قد أنشأ ناطحة سحاب بطريقة غير قانونية بأموال المقاولات الزائدة في إسطنبول.
وفي أثناء زيارة رئيس الوزراء، في ذلك الوقت، رجب طيب أردوغان لموقع حادث المنجم ركل مستشاره أحد أقارب أحد عمال المنجم الذين راحوا ضحية للحادث. وعلى الرغم من انتشار مقاطع مصورة تثبت الواقعة، أُنكرت جميعًا. ولم تتضمّن حزم القوانين الجديدة المعدة بذريعة أحداث سوما أي شيئ يصبّ في صالح عمال المناجم.
- شركة مؤيدة للحكومة تزيل 6 آلاف شجرة زيتون مملوكة لقرويين
بعدما أخذ الناس ينسون الكارثة التي شهدتها بلدة سوما في مانيسا تحركت شركة كولين، إحدى الشركات المؤيدة للحكومة وورد اسمها في التحقيق في فضيحة الفساد والرشوة الكبرى، لبناء محطة طاقة حرارية في قرية يرجا التابعة لبلدة سوما دون حتى أن تنتظر حكم المحكمة.
وقد اتخذ مجلس الوزراء قرارًا عاجلًا بنزع ملكية الأرض من أجل دعم الشركة المذكورة، الأمر الذي دفع القرويين إلى رفع دعوى لدى مجلس الدولة لإلغاء الإجراءات الإدارية التي جرت.
غير أن الشركة لم تبالِ برفض القرويين واعتراضهم على القرار فبادرت إلى استئجار كوادر أمن خاصة لضرب القرويين. وعقب قطع 6 آلاف شجرة زيتون أصدر مجلس الدولة قرارا يفيد بوقف التنفيذ. وانتشرت ادعاءات تشير إلى أن شركة كولين كانت على علم بالقرار قبل صدوره.
- الحذاء المطاطي الأسود يكشف سر أكاذيب “أرمينيك”
شهدت تركيا واقعة مماثلة لكارثة منجم سوما لكن هذه المرة في منجم أرمينيك الواقع في ولاية كارامان جنوب البلاد، ما أظهر أن تصريحات الحكومة بشأن مراقبة أعمال هذه المناجم كانت كاذبة. وقد استمرت أعمال استخراج جثث 18 عاملًا لقوا حتفهم طيلة 38 يومًا. وكان نقصًا كبيرًا أن تغاضت الوزارة خلال عمليات التفتيش والرقابة عن وجود مثل هذه الحفرة العميقة إلى هذه الدرجة تحت المنجم.
وكان الرئيس أردوغان ورئيس الوزراء داود أوغلو قد أدليا بتصريحات قالا فيها إن الظلم سيرفَع عن المظلومين، وذلك خلال الزيارة التي أجرياها إلى مكان الحادث. غير أن والد أحد الذين قضوا في الكارثة ظهر خلال مراسم الجنازة وهو يرتدي حذاء مطاطيًا بالياً لتظهر الحقيقة التي كانت مخفية. وقد أرسلت الدولة حذاء مطاطياً جديدًا إلى “العم رجب” فبدأ الرأي العام يطلق تعليقات ناقمة على الحكومة لسخريتها من هذا الرجل الفقير بهذه الطريقة.
- كذبة “أن تركيا ستكون أحد أكبر10 اقتصادات في العالم”
يجب تحقيق نسبة 15% على الأقل نموا اقتصاديا سنويا للوصول إلى الهدف المنشود في سنة 2023. وإن توقعات الحكومة المتفائلة في برامجها تشير إلى أن هذه النسبة نحو 4% في الواقع. ما يفيد بطلان تلك التوقعات. فمعدل الادخار منخفض في تركيا التي تحتاج إلى الموارد الخارجية. ويبدو أنه يستحيل تحقيق ذلك في ظل مخاطر الانكماش التضخمي العالمي والأزمة السياسية.
- كذبة “إفلاس بنك آسيا”
ومن بين تصريحات أردوغان العالقة في الأذهان والمنافية للحقائق حول الاقتصاد قوله عن بنك آسيا “إنه بنك مفلس”. في حين أن الهيئة الاستشارية العليا في جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك أفادت في اجتماعها بأن البيان الذي قيل في حق بنك آسيا مناف للحقيقة وغير مسؤول ويسيئ لسمعة المؤسسات المالية وأنه يعد جريمة حسب القانون المصرفي.
كما أن وزير الداخلية أفكان آلاء كان قد صرح بأنه يملك وثائق تثبت أن بنك آسيا جمع كميات كبيرة من الدولارات (2 مليار دولار) من السوق قبل 17 ديسمبر/ كانون الأول 2013، لعلمه مسبقاً ببدء تحقيقات الفساد، لكن آلاء لم يستطع إبراز تلك الوثائق التي ادعى وجودها حتى الآن على الرغم من إصرار الكثيرين في طلب ذلك.
[button color=”blue” size=”big” link=”http://www.zamanarabic.com/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%88%D9%85%D8%A9-%D8%AA%D9%81%D8%AA%D8%B4-%D8%A8%D8%AF%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%B1%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D8%B9/” target=”blank” ]تركيا: الحكومة تفتش في دفاترها القديمة عن اتهامات لـ”الخدمة”[/button]
- كذبة “منحنا قرضا بقيمة 5 مليارات دولار لصندوق النقد الدولي”
كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تبجح قائلا في ساحات الانتخابات وفي لقاءاته الصحفية والتلفزيونية: “نحن قدمنا قرضا لصندوق النقد الدولي بقيمة 5 مليارات دولار”.
لكن وزير المالية محمد شيمشيك كذَّب ذلك قائلا: “إننا لم نقدم قرضا لصندوق النقد الدولي. علما بأن صندوق النقد الدولي لم يتقدم إلينا بطلب كهذا كما أن البنية المالية لتركيا ليست متينة إلى درجة تمكنها من تقديم مثل هذا المبلغ كقرض بالعملة الصعبة”.
- الأكاذيب الساقطة من المصعد
لقي 10 عمال مصرعهم إثر سقوط المصعد الذي كان يقلهم داخل ناطحة سحاب قيد الإنشاء تابعة لشركة طورونلار القريبة من الحكومة. فأصدرت الحكومة بيانًا تقول فيه إنها ستقوم “بما يلزم” حيال الواقعة. غير أن وزير العمل فارق تشليك ألقى باللوم على القَدر بقوله “هذا قضاء الله وقدره ولا دخل للإنسان به”.
وعندما وقفت الحكومة إلى جانب الشركة صاحبة ناطحة السحاب أصدرت المحكمة قراراً بوقف متابعة القضية في حق مسؤولي الشركة. وقد قبِلت 8 أسَر من أسر الضحايا التعويضات المادية التي قدمتها الشركة ومن ثم تنازلوا عن القضية. أما الحكومة فلم تفرض أية عقوبة على الشركة سوى بعض الغرامات المالية.
- كذبة “القصر غير الشرعي”
في الوقت الذي تعيش فيه تركيا أياماً صعبة من الناحية الاقتصادية بدأت عملية بناء قصر جديد في أكثر الأماكن امتلاء بالأشجار في غابات أتاتورك في العاصمة أنقرة. وقيل في البداية إن هذا القصر سيكون مقرًا لرئاسة الوزراء إلا أنه تحوّل بين عشية وضحاها ليكون مقرًا لرئيس الجمهورية.
ومع أن هذه الأرض كانت محمية طبيعية من الدرجة الأولى فإن السلطات أنزلت درجتها لتكون من الدرجة الثالثة حتى يمكن تنفيذ المشروع عليها قانونياً. إلا أن المحكمة الإدارية الخامسة في أنقرة ألغت هذا القرار. وسرعان ما تمّ نفي أعضاء المحكمة بعد صدور القرار. واستمرت أعمال بناء القصر الجديد من خلال تغيير الخطط التطويرية في كل مرة، على الرغم من رفع ما يقرب من 150 دعوى قضائية ضده.
وفي نهاية المطاف وضع أردوغان الكلمة الأخيرة؛ إذ قال: “إذا كانت لديكم الجرأة تعالوا واهدموا القصر!” لم يُهدَم القصر لكن استمرت المناقشات والجدل حول تكلفة بنائه وعدد الغرف الموجودة به. وزعم أردوغان أن تكلفة بناء القصر لم تبلغ 700 – 800 مليون ليرة (310 – 355 مليون دولار)، بل إنها عبارة عن 500 مليون دولار (225 مليون دولار).
أما وزير المالية محمد شيمشك فقد أعلن خلال مناقشة الميزانية أن تكاليف بناء القصر بلغت ملياراً و370 مليون ليرة (610 ملايين دولار). كما اعترف أردوغان بأن عدد غرف القصر أكثر من 1150 غرفة. فيما أوضحت غرفة المعماريين في تركيا أن الكلفة الحقيقية للقصر بلغت 5 مليارات ليرة (2.22 مليار دولار).
- قصر إسطنبول بمخطط كاذب
أعيد بناء قصر السلطان وحيد الدين المطل على مضيق البوسفور في منطقة تشنجل كوي بإسطنبول، ومن ثم جرى تحويله إلى مكتب عمل تابع لرئاسة الجمهورية. وبحسب قانون إعمار البوسفور وقانون حماية التراث الثقافي والطبيعي، كان يجب صيانة المباني التاريخية من دون تغيير بنية أرضها ومستلزمات بنائها وطرازها المعماري. وقد أُرسل المشروع إلى لجنة حماية التراث الثقافي، ومن ثم أُدخلت تعديلات على المشروع، وجرى تنفيذه. واستُبدل بالهياكل الخشبية للمباني هياكل خرسانية، وغيروا عدد المباني ومكانها وعمارتها، وأعادوا تنظيم الأرض بالكامل. وبدأت عملية هدم منازل المواطنين في الحي الخلفي.
- تحريف اسم والدة كولن من “رابعة” إلى “رابين”
بالرغم من أن صحيفة “يني عقد” التركية تزعم أنها صحيفة ذات ميول إسلاميّة إلا أنها لم تتورع في إطلاق افتراءات وأكاذيب عقب أعمال الفساد في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، حيث استخدمت أبشع الطرق والمكائد حتى تظهر للرأي العام أن حركة الخدمة التي تستلهم فكر الأستاذ فتح الله كولن على علاقة بإسرائيل.
ولم تعرف الصحيفة حدوداً للإنصاف في العنوان الرئيس للخبر الذي كتبته في 7 يوليو/ تموز الماضي حيث ادعى أحد الصحفيين المأجورين من أصحاب الرؤية القاصرة أنه وصل إلى المعلومات الشخصية الخاصة بالأستاذ فتح الله كولن وحرّف اسم والدته “رابعة” وغيره إلى “رابين”، الأمر الذي أزعج الكثيرين، ومن بينهم الكاتب المؤرّخ “ياوز بهادر أوغلو” الذي يكتب في الصحيفة نفسها وقام بكتابة مقال يلمح بتوديعه الصحيفة.
- كذبة “جماعة كولن طلبت رشوة بقيمة 50 مليون دولار”
شهد الوسط الرياضي وتركيا بأكملها افتراءً تاريخياً في الذكرى الأولى لأعمال الفساد والرشوة التي تكشفت وقائعها في 17 ديسمبر/ كانون الأول الماضي. حيث قال دويجون يارسوفات رئيس نادي جلطه سراي إن حركة الخدمة طلبت من رئيس نادي فنربهشه عزيز يلدرم 50 مليون دولار. وعندما لم يدفع يلدرم الأموال تم رفع دعوى قضائية ضد فنربهشه.
إلا أنه لم يمضِ كثير من الوقت حتى قام الموقع الرسمي لنادي فنربهشه في اليوم نفسه الذي صدر فيه الخبر في حدود الساعة السادسة و25 دقيقة بنفي ادعاء يارسوفات بلهجة حادة واللافت أن يارسوفات أحد محامي المتهمين في إطار قضية تنظيم “أرجينكون”. وكانت وزارة المالية عاقبت نادي جلطه سراي الذي تبلغ ديونه مليارا و428 مليون ليرة تركية بضريبة قدرها 41.6 مليون ليرة، وذلك في الأيام التي شاع فيها هذا الافتراء. ولعل التوقيت هنا يحمل معانٍ ودلالات.
- تكذيب أوباما لأردوغان
ادعى رجب طيب أردوغان حين كان رئيساً للوزراء في لقاء تلفزيوني بتاريخ 6 مارس/ آذار الماضي أنه اتصل بالرئيس الأمريكي باراك أوباما في 19 فبراير/ شباط وطلب منه تسليم الأستاذ فتح الله كولن وأن أوباما رحب بطلبه هذا قائلاً: “وصلت الرسالة”. ولكن في اليوم التالي نشر البيت الأبيض بيانا رسمياً يكذّب كلام أردوغان. ولعل أردوغان أصبح بذلك أول رئيس يكذّبه البيت الأبيض بصورة رسمية.
وكان أردوغان أشار إلى أن أمريكا تقف وراء التحقيق في عمليات 17 ديسمبر إذ خاطب السفير الأمريكي في أنقرة آنذاك فرانسيس ريتشاردوني بقوله: “لسنا مضطرين لإبقائكم في بلدنا”. مع ذلك فإنه حتى وزراة الخارجية التركية لم تساند ادعاءات أردوغان هذه. ثم مضى عام 2014 كاملاً بوصفه عام التكذيبات في العلاقات التركية الأمريكية.
- كذبة “ترميم الملكة إليزابيت لقصر بكنجهام بـ5 مليارات جنيه”
حتى يتفادى أردوغان الانتقادات الموجهة إليه إزاء التكلفة الباهظة لبناء القصر الأبيض وعدد الغرف فيه قال وهو يضرب المثل بقصر باكنجهام الذي تسكنه الملكة إليزابت الثانية: “لقد أُنفق على ترميمه فقط 5 مليارات جنيه إسترليني أي ما يعادل قرابة 7-8 مليار دولار”. ولكن سرعان ما تبين أن هذا الرقم لم يتجاوز الـ50 مليون جنيه إسترليني.
- كذبة “تعاون حركة الخدمة مع المخابرات الأمريكية”
لا يزال أردوغان وحكومته والإعلام التابع له مستمرين في اتهام حركة الخدمة بالتعاون مع المخابرات الأمريكية. ويسخِّرون لهذه الدعاية حملة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. ويطلقون بعض التهديدات كقولهم “اقتربت نهايتك يا حركة الخدمة”. وفي الوقت ذاته، فإن تلك المواقع تدعي بوجود تعاون مخابراتي ثنائي بين أنقرة وواشنطن لإغلاق مدارس الخدمة العاملة في أمريكا وإعادة كولن. ياله من تناقض وقعوا فيه!
يعني أنهم لا يتوانون عن التصريحات الرسمية التي تفيد بأنهم يتعاونون مع أمريكا والمخابرات الأمريكية للقضاء على حركة الخدمة التي يتهمونها بالتعاون مع المخابرات الأمريكية. فما هذا التناقض؟!
- ادعاء إمكانية الفسلفة باللغة العثمانية بشكل أفضل
وضع أردوغان في جدول أعماله في أواخر 2014 موضوع الكتابة العثمانية وقال لتدعيم مدعاه: “لا يمكنكم صنع الفلسفة والعلم باللغة التركية”.
ولو أن الغاية كانت إثراء اللغة وليس تغيير جدول الأعمال في البلاد لكان الأمر يستحق المناقشة على الصعيد الثقافي والعلمي وربما كان سيحصل على الدعم. ولكن ما إن مضى وقت حتى تداولت الصحف والمواقع الإخبارية مقولة لأردوغان أيضاً قالها في 2012 تعارض ما يقوله اليوم إذ قال: “من قال إنه لا يمكن الفلسفة باللغة التركية فهو شوفوني عنصري”. كيف يمكن أن يصدر عن إنسان واحد تصريحان متناقضان تماماً في موضوع واحد؟!
- كذبة “أن الفقراء يؤدون الخدمة العسكرية”
في الوقت الذي كان النقاش فيه دائرًا في تركيا حول مشروع إعفاء الشباب من أداء الخدمة العسكرية الإلزامية مقابل مبلغ من المال تلقى الرئيس الحالي أردوغان سؤالًا عندما كان رئيسًا للوزراء حول هذا الموضوع، فرد بقوله: “لا أستطيع تحمل مسؤولية كهذه، فهناك الغني كما أن هناك الفقير. ونحن كنا قد انطلقنا إلى الحياة السياسية بصفتنا مُعِيني المعدم ونصيري المظلوم”.
وكان رئيس الوزراء الحالي أحمد داود أوغلو هو الآخر قد أعرب عن رد فعل غاضب إزاء هذه القضية بقوله: “لا يمكن القبول بأن يؤدي الشاب الفقير الخدمة العسكرية فيما يعفى الشاب الغني منها بدفعه للمال”.
وعقب التصريح الذي قال فيه أردوغان “البعض يسعون للاستفزاز والتحريض في قضية الإعفاء من الخدمة العسكرية مقابل المال” جاءت بشرى الإعفاء من الخدمة العسكرية مقابل مبلغ من المال من داود أوغلو. وبهذه الطريقة نجا أبناء الأغنياء من أداء الخدمة الوطنية!
- كذبة ساعة وزير الاقتصاد السابق ظفر تشاغلايان
اتضح أن جميع المدافعات التي قام بها وزير الاقتصاد السابق ظهر تشاغلايان حول الساعة التي تبلغ قيمتها 700 ألف ليرة (310 آلاف دولار) في البرلمان التركي كانت عبارة عن الكذب. وكان انتشر ادعاء مفاده أن تشاغلايان شاهد الساعة في إعلان صحفي وأعجب بها، غير أن شركة “باتك فيليب” السويسرية لصناعة الساعات فنّدت صحة هذا الادعاء؛ إذ قال القائمون عليها إنهم لا ينشرون إعلانات في الصحف وأضافوا أنهم عندما ينتجون ساعة خاصة يرسلون تفاصيلها إلى عملائهم عبر البريد الإلكتروني.
وكان تشاغلايان قد ادعى خلال اجتماع الجمعية العمومية بالبرلمان أنه اشترى الساعة من ماله الخاص. لكن ملف قضية الفساد أثبت أن رجل الأعمال التركي من أصل إيراني رضا ضرّاب هو من دفع ثمنها.
- أكاذيب وزير الداخلية السابق معمر جولر
كان وزير الداخلية السابق معمر جولر قد زعم أن ماكينات عدّ الأموال وخزائن النقود التي عثرت عليها الشرطة في منزل نجله باريش غير مملوكة لابنه مدعيًا أن الشرطة هي التي وضعتها في منزله. غير أن جولر دافع خلال اجتماع لجنة التحقيق في قضية الفساد بالبرلمان عن نجله بأنه كان يمتلك شركة استشارات وأنه نقل خزائن النقود وآلات عدّ الأموال إلى منزله بعدما أغلق هذه الشركة.
كما قال جولر إنه لم يصدر تعليمات لتخصيص حرس شخصي لرجل الأعمال ضرّاب الذي أصبح رمزًا لفضيحة الفساد في تركيا. إلا أن التسجيلات الصوتية أثبتت أن وزارة الداخلية خصصت حرسًا خاصًا لضرّاب.
- كذبة “فبركة تسجيلات أردوغان الصوتية”
ادعى الرئيس أردوغان أن التسجيلات الصوتية التي انتشر بشأنها جدل واسع والتي تضم مكالمات هاتفية بينه وبين نجله بلال مفبركة وليست صحيحة. وقد نشر الإعلام المقرب من الحكومة تقريرين أكدا أن التسجيلات مفبركة. إلا أن الشركتين اللتين انتشرت ادعاءات بشأنهما أنهما هما اللتان نشرتا التقريرين أصدرتا بيانًا مشتركًا قالتا فيه: “لم نعدّ تقارير كهذه”. هذا فضلًا عن أن الطب الشرعي التركي الذي فحص المكالمات ذات الصلة بقضية الفساد، برهن على أن هذه التسجيلات الصوتية لم تكن مفبركة.
تحدث وزير العلوم والصناعة والتكنولوجيا فكري إيشيق عن تقرير أعدته هيئة الأبحاث العلمية والتكنولوجية (TÜBİTAK) بالإشارة إلى أن التسجيلات الصوتية المنسوبة لأردوغان ونجله بلال مفبركة. لكن أحدًا لم يناقش هذا التقرير الذي أصبح مثارًا للسخرية مرة ثانية.
وظهر بعد ذلك أن جميع التسجيلات الصوتية المتعلقة بقضية الفساد صحيحة وغير مفبركة.
- كذبة “لغة الشعب التركي واحدة”
قال الرئيس أردوغان – عندما كان رئيسًا للوزراء – في إحدى اجتماعات كتلة حزبه البرلمانية: “لغة الشعب التركي لغة واحدة”. لكنه تعارض مع تصريحاته في كلمة ألقاها خلال حملته قبيل خوض الانتخابات الرئاسية؛ إذ قال: “لم أقل إن لغة الشعب التركي واحدة أو دينه واحد ولم أستخدم عبارة كهذه في أي مكان! فهؤلاء آلة كذب!”.
- كذبة “إنقاذ الرهائن في الموصل بدون مساومة”
فرحت تركيا بإنقاذ مواطنيها البالغ عددهم 49 شخصاً بعد اختطافهم من قبل عناصر تنظيم داعش من القنصلية التركية في الموصل. ولكن تفاصيل القصة لا تزال غامضة.
امتنعت الحكومة عن ذكر التفاصيل بسبب تعليمات أردوغان، في حين أن الصحف الموالية للحكومة أخذوا يعززون بطولة الحكومة بالقصص الخيالية. ولكن بدأت الحقائق تظهر شيئا فشيئا بعد أن ذكر أحد الرهائن أنهم تُركوا على الحدود وانتظروا ساعات عديدة دون أن يأتي أحد لأخذهم واستلامهم.
كما وردت أنباء حول تسليم 180 محكوماً من عناصر داعش في تركيا مقابل إطلاق سراح الرهائن الأتراك، ما تسبب في أزمات دبلوماسية مع الدول الأوروبية.
- من هو الذي له علاقات جيدة مع الدولة التي في الجنوب؟
عمد أردوغان والمسؤولون في حكومته إلى الادعاء بأن حركة الخدمة التي بدأوا بتنفيذ مطاردة الساحرات ضدها على ارتباط بالدولة التي في الجنوب على حد تعبيرهم ويقصدون بها إسرائيل.
بينما كان نجل أردوغان أرسل سفينته المحملة بالبضابع إلى إسرائيل كما باعت الحكومة التركية 1584 طناً من وقود الطائرات لإسرائيل في الوقت الذي حاولت فيه الحكومة منع جمعية “كيمسا يوكمو” من تقديم المساعدات للشعب الفلسطيني في غزة المنكوبة.
فضلاً عن أن رئيس جمعية حقوق الإنسان (IHH) بولنت يلدريم قد صرح بأن الجهات المسؤولة في الحكومة احتفظت طيلة 6 أشهر مضت بالنشرة الحمراء التي أصدرتها محكمة الجنايات السابعة بإسطنبول لاعتقال المسؤولين الإسرائيلين المشاركين في عملية اقتحام سفينة مافي مرمرة (مرمرة الزرقاء) ولم ترسلها إلى الإنتربول.
- الاستعراض أمام الإعلام مع “مموِّل تظاهرات حديقة جيزي”
استهدف أردوغان وإعلامه الموالي لحكومته مجموعة كوتش التجارية إثر تظاهرات حديقة جيزي. وكان الشباب المتظاهرون لجأوا إلى فندق ديوان التابع للمجموعة بالقرب من الحديقة. وزعمت وسائل الإعلام الموالية للحكومة أنه تم “تخزين آلاف الأسرة في الفندق” وذلك لحمل القتلى والجرحى المحتملين جراء الاحتجاجات. وقد اتهموا مجموعة كوتش بأنها موَّلت “محاولة انقلاب حديقة جيزي”، وأنها ممثلة “لوبي فوائد الأموال” في تركيا. كما بدأت بتلفيق أسوأ الأخبار حول أفراد العائلات. وبعد مدة ظهر أردوغان في حفل تدشين “شركة كوتش” لأحد المشاريع. ويكاد هذا التغير يكون عادة متكررة كل شهر تقريبا. وبذلك تبين أن ادعاء الحكومة بأن شركة كوتش وراء “انقلاب حديقة جيزي” محض افتراء.
وقد نسي أردوغان كل ما قاله حول شركة كوتش في لحظة واحدة، حيث شارك في افتتاح أحد مشروعاتها مع كبار المسؤولين في الشركة.