واشنطن (الزمان التركية) – أجرى راديو “NPR” الحكومي في الولايات المتحدة الأمريكية زيارة لمقر إقامة الأستاذ فتح الله كولن الذي يتهمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية بالوقوف وراء محاولة الانقلاب الفاشل في 15 يوليو/ تموز في الذكرى الأولى للانقلاب.
فقد أكد الأستاذ فتح الله كولن في حواره أنه يبدي احترامًا وتقديرًا للجيش، ولكنه يعارض أي محاولات منه للتدخل في إدارة البلاد، قائلًا: “لو حدثني أحد من العسكريين المشاركين في الانقلاب عن خطتهم الانقلابية، لقلت لهم: إنكم بهذه الطريقة ترتكبون جناية”.
وأعرب الأستاذ كولن عن قلقه بشأن مستقبل تركيا، مع حفاظه على بريق من الأمل، قائلًا: “لو سُئلت عن آخر أمنياتي في الحياة، لقلت إنني أتمنى البصق في وجه من أذاق آلاف الناس هذه الآلام ووضعهم تحت قمعه”.
وشدد كولن أنه لا يعرف المتورطين في محاولة الانقلاب أو من يقفون وراءها، قائلًا: “قد يكونون يعرفونني، حتى من الممكن أن يكونوا شاركوا في بعض دروسي الدينية، لا علم لي بذلك. فالآلاف من المواطنين، إلى جانب مسؤولين أتراك، يأتون إلى هنا (بنسلفانيا) لزيارتي. من بينهم 50 نائبًا برلمانيًّا والرئيس السابق عبد الله جول ووزير الخارجية والوزراء السابق أحمد داود أوغلو”.
وأعرب عن اندهاشه من التهم المثيرة للشكوك التي تطلقها الحكومة التركية تجاهه بالرغم من بعده عنها بآلاف الكيلومترات، مؤكدًا أنه لا يؤيد أي تدخل عسكري في السلطة، وأنه يرى ذلك جريمة.
وفيما يتعلق بطلبات الحكومة التركية من الإدارة الأمريكية تسليمه إليها، قال كولن: “إن النظام الأمريكي قائم على الديمقراطية وسيادة القانون، وإذا ارتأى النظام الانصياع للمطالب التركية وطردني خارج البلاد، لن أعترض على ذلك، وسأذهب أنا بنفسي وبكامل إرادتي إلى تركيا”.
أكَّد أنه لا يطمع في الكثير من الدنيا، قائلًا: “أنا أعيش أيامي الأخيرة في هذه الحياة، فإن شاؤوا أصدروا قرارًا بقتلي أو سمّي أو حتى شنقي بعد إعادة حكم الإعدام”.
وشدد على أن حركة الخدمة غير قائمة على نظام الانصياع للأوامر والتحكم والسيطرة من قبله، مشيرًا إلى أنه أكد للنواب البرلمانيين عند زيارتهم له أنه إذا كانت الحركة لديها نشاط سري فللسلطات التركية الحق في إجراء تحقيقات شاملة حول الأمر.
وقال: “قبل أن أنتقل إلى هنا، كنت أعيش في تركيا، ومررت بفترات صعبة في حياتي. وكنت هدفًا للانقلابات التي شهدتها البلاد. لم أكن أرغب في الرحيل عن تركيا أبدًا قبل 20 عامًا، ولكن أطباء القلب أصروا على أن آتي إلى هنا للتداوي بسبب مرضي. وهكذا بدأت حياتي هنا. وعندما كنت في المستشفى رفع أحد المدعين العامين قضية في حقي؛ وعليه نصحني الأصدقاء أن أبقى هنا حتى تهدأ الأمور في تركيا، ولكن ذلك لم يحدث”.
وأوضح كولن قائلاً: “أردوغان يظنّ أنه بإمكانه تشتيت حركة الخدمة وتدميرها من خلال القضاء عليّ، ويعتقد أن نهايتي ستكون نهاية الخدمة! لكنه في خطأ كبير، فنحن فانون ونموت يومًا، غير أن حركة الخدمة حركة الحبّ ونذر النفس في سبيل الإنسانية بإذن الله تعالى، وأن الذين يستطيعون استخدام منطقهم وإرادتهم الذاتية سيحملون هذه الرسالة الكبيرة إلى المستقبل وسيواصلون السير في هذا الطريق حتى النهاية”.
ولفت إلى أن تركيا دخلت نفقًا مظلمًا من العزلة وسط العالم، مشيرًا إلى أنه يريد أن يرى تركيا عضوًا في الاتحاد الأوروبي، وتقطع أشواطًا عريضة في الديمقراطية، مؤكدًا أنه يؤمن بضرورة تنوع الفكر وقبول الآخر كما يعرفه نفسه، ومنح الحرية لكل الأفكار والمعتقدات ما لم تتضمن العنف.
وأضاف غولن: “مع أنني لست عالم اجتماع ولا عالمًا نفسيًّا، إلا أننا في غنى عن علم الاجتماع أو النفس لكي ندرك وقوع تركيا في حلقة مفرغة من المشاكل”، منوّهًا بوجوب تشريع دستور يحتضن كل المواطنين، بغض النظر عن أعراقهم ولغاتهم ومعتقداتهم وأفكارهم، للخروج من المآزق الراهنة.